هل يصلح الشباب فعلاً للحكم؟!
يدور حديث الآن سراً وعلناً عن إجراء تعديل وزاري في صفوف المؤتمر الوطني والحديث يشير إلى إشراك الشباب في هذا التعديل، ولكن إذا أسلمنا جدلاً أن الشباب سيدخل في التغيير الجديد فمن هم هؤلاء الشباب وما هي خبرتهم ومعرفتهم بفنون العمل السياسي خاصة وأن أربعة وعشرين عاماً من عمر الإنقاذ قادها أولئك الشباب، فحينما تولت الإنقاذ البلاد وفي عام 1989م، معظم الذين كانوا يحكمون لم تتجاوز أعمارهم الثلاثين، ورئيس الحكومة العميد آنذاك “عمر البشير” كان في مطلع الأربعينيات، فقد استفاد أولئك الشباب بما فيهم رئيس الجمهورية من تلك الفترة، فكانت لهم إيجابيات وسلبيات.. فسلبياتهم أنهم لم يمارسوا الحكم ولم تعركهم التجارب حتى يتجاوزوا المطبات والعقبات التي وقعت فيها الحكومة في بداياتها مع العديد من الدول المجاورة.
اليوم نسمع بمناداة الشباب للمشاركة بقوة في المرحلة القادمة، ولكن هؤلاء الشباب الذين سيدفع بهم المؤتمر الوطني لسدة الحكم.. هل تأكد جيداً من خبرتهم ومعرفتهم وهل يصلحون لإدارة الحكم، هل القبلية والعنصرية تخلو عمن ستسند لهم الوزارات؟ هل القبيلة الفلانية تصر أن يكون وزيرها على تلك الوزارة أم أن الحكومة ستراعي في هذا التعديل المصلحة الوطنية والكفاءة قبل أن يكون الولاء هو الذي سيأتي بزيد أو “عمر” وزيراً.
إن تولي المناصب في ظل الإنقاذ لم يخضع لأي معايير وهذا أدى إلى كثير من الإشكاليات التي صاحبت عملية الحكم، فإذا أخذنا مثالاً للذي جرى في الشقيقة قطر فإن الأمير “تميم بن حمد آل خليفة” لم يقفز بالزانة ليكون أميراً على دولة قطر وهو في هذه السن فقط تم إعداده منذ زمن وتولى العديد من المناصب والمواقع من أسفل إلى الأعلى، ولذلك حينما صدر قرار تعيينه أميراً على دولة قطر فلم تكن هناك مفاجأة، فالأمير يفهم تماماً فنون اللعبة السياسية داخلياً وخارجياً ويستطيع أن يحكم بدون أي تخبط.. وكذا الحال حينما جرى تنصيب الأمير “عبد الله” ابن الملك “حسين” ملكاً للأردن عقب وفاة والده أيضاً أُعد إعداداً لهذا المنصب منذ فترة وكذلك الملك “محمد السادس” الذي أيضاً نصب ملكاً على المغرب بعد وفاة والده الملك “محمد الخامس” ملك المغرب.
نحن في السودان تولى المناصب القيادية والوزارية يأتي عشوائي بدون إعداد أو تدريب لذا نجد الصراعات والمشاكل تنجم بمجرد أن يتولى هذا الشاب الموقع الوزاري وزيراً أو وزير دولة، فالتجارب مهمة جداً لتولي المواقع المتقدمة في الدولة، وقد شهدنا أيضاً حينما عينت الإنقاذ “مني أركو مناوي” مساعداً لرئيس الجمهورية، فلم يتم اختياره لكفاءته وعلمه ولكن لأنه حمل السلاح وقاتل ولذلك حينما دخل القصر كانت الشقة بين القصر والعمل في الميدان يختلف تماماً.. فهذا يحتاج إلى بروتوكول كيف تقابل الضيوف والسفراء، كيف تتعامل مع الرئيس وأعضاء الحكومة.. لذا نستطيع أن نقول ليس كل الشباب يصلحون لإدارة دفة السلطة أو الحكم وعلى المسئولين الذين سيشركون الشباب في الحكم إن كان هناك فعلاً تعديل وزاري أن يتوخوا الدقة في الاختيار حتى لا نأتي بمن هم أضعف ممن كانوا.