ماذا يفعل الإخوان بعد الإطاحة بهم؟
هل الدكتور “محمد مرسي” لم يكن مؤهلاً تأهيلاً كاملاً لحكم مصر ولذلك تآمر عليه الجيش وأطاح بحكمه، أم أن الدكتور “مرسي” كان مثالياً في حكمه ولذلك أيضاً أطيح به؟.. إن الدكتور “مرسي” الذي اعتلى عرش مصر بعد انتخابات جرت عقب الإطاحة بالرئيس السابق “مبارك” في ثورة شعبية كان وقودها الشباب الذي خطط لها، ولم يكن يعلم أن ما يقومون به عبر الرسائل و(الفيس بوك) سيخلق ثورة تقتلع نظاماً تربع على عرش مصر أكثر من ثمانية وثلاثين عاماً.
إن حركة الإخوان المسلمين التي تأسست في مصر في القرن الماضي تحت قيادة الشيخ “حسن البنا” كان تسعى منذ تأسيسها لأن تعتلي عرش مصر، وتعمل على إحداث تغيير كامل ويكون الإسلام هو دستورها، ولكن تلك الحركة الوليدة لم تعش في أمن وسلام واستقرار منذ تكوينها، فقد واجهت ألواناً من العذاب وتم اغتيال قياداتها تحت مرأى ومسمع القيادات التي حكمت مصر آنذاك، ولكن كل ذلك لم يثنها أو يوقفها عن نشاطها السياسي للوصول إلى السلطة، ففي ظل نظام الرئيس الأسبق “عبد الناصر” تمت المؤامرة عليها واتهمت بمحاولة اغتيال “عبد الناصر” في الإسكندرية، وجرى الزج بقياداتها في السجون.. وذاقوا ألواناً من البطش والعذاب في غياهب سجون “عبد الناصر” وحتى كلمة إخوان سحبت من القاموس المصري، وإذا أراد أن يلاطفك المصري فيبعد كلمة إخوان ويقول لك يا عمي نحن إخوات، فكلمة إخوان أحدثت الرعب في النفوس، وأخافت الحاكم حتى أصبح من الصعب النطق بها، وعندما انتهى حكم الرئيس “عبد الناصر” بوفاته في الثامن والعشرين من شهر سبتمبر 1970م، تولى حكم مصر الرئيس “محمد أنور السادات”، ونظام السادات لم يكن قاسياً في بدايته على الإخوان فأجرى بعض الإصلاحات وحطم سجن “طرة” باعتباره أسوأ السجون التي انتهكت كرامة المصريين وعلى الأخص الإخوان المسلمين الذين ذاقوا فيه ألوان العذاب بالكلاب البوليسية وبتقليم الأظافر وبأنواع شتى حوتها معظم الكتب التي صدرت إبان حكم “السادات” ولكن رويداً رويداً بدأ “السادات” يسير في طريق “عبد الناصر” وبدأ في اعتقال الإخوان وامتلأت السجون مرة أخرى وعادت عمليات التعذيب، وبدأ الإخوان سراً في كيفية التخلص من “السادات” وفي العيد الذي انتصر فيه “السادات” عبر العبور أو عيد (6) أكتوبر دبر بعض العسكريين في الجيش المصري الذين امتلأت قلوبهم بالإيمان للخلاص من الرئيس “السادات”، وبالفعل اصطادوا “السادات” وهو في قمة مجده وزهوه بتحقيق الانتصار على دولة الكيان الصهيوني فأطلق “عبود الزمر” مجموعة طلقات أودت بحياة “السادات” ليكون أول رئيس يتم اغتياله من شعبه، وتولى من زمام الحكم من بعده نائبه “محمد حسني مبارك” وسار في نفس الدرب الذي سار عليه الحكام المصريون السابقون “ناصر” و”السادات” فبدأ التنكيل بالإخوان وزج بهم داخل السجون إلى أن أطيح بنظامه في ثورة شعبية في الخامس والعشرين من يناير 2011م، وتنسم الإخوان عبير الحرية، وخرجوا من السجون ودخلوا الانتخابات وفازوا بها وتربعوا لأول مرة على عرش مصر كأول تجربة إخوانية تحكم مصر، إلا أن المؤامرات ظلت تلازمهم وظن الإخوان أن المهادنة والملاطفة والمسامحة قد تكسبهم ود الشعب المصري، ولكن الدسائس كانت مخبأة، ولم يتعاملوا معها بنوع من الجدية ولم يعيروها أدنى انتباه حتى جاءت الطامة الكبرى مساء أمس الأول (الأربعاء) الرابع من يوليو 2013م، عندما تدخل الجيش سراً أو علناً بتدبير داخلي أو خارجي وأنهوا حكم الإخوان بقيادة الرئيس “مرسي” ونصبوا “عدلي منصور” رئيس المحكمة الدستورية ليسير زمام الحكم بالمحروسة مصر، وعض الإخوان بنان الندم على الفرصة التاريخية التي أتتهم على طبق من ذهب، ولكن لم يحسنوا التعامل معها ومع شعب ظل ثمانية وثلاثين عاماً تحت حكم قابض، فلم تنفع معه الحرية الكاملة التي كانت هذه نتائجها.