رفع الدعم عن المحروقات سيزيد معاناة المواطنين
بعد أن أنهكت الدولة المواطن وجعلته غير قادر على التفكير بتلك السياسات التي نعتقد أنها غير مدروسة حينما عجلت بترحيل عدد من خطوط المواصلات إلى موقف “شروني” والإستاد وأبقت بعض الخطوط على موقف “جاكسون” أو “كركر” كما كان يحلو للذين أطلقوا هذا الاسم.. لقد عانى المواطن من هذا التغيير الذي جعله مشلول الفكر ولا يستطيع الوصول إلى “شروني” أو البقاء في “جاكسون”.. وظل يلعن صباحاً ومساء الذين أنهكوا قواه وشلوا تفكيره، ولم يفهم الكبار ولا النساء ولا الأطفال الذين يهرولون من “جاكسون” إلى “شروني” ومن “شروني” إلى “جاكسون” وأحياناً إلى الإستاد.. لم يفهموا حتى الآن ما هي الأسباب التي دفعت المسئولين لاتخاذ تلك الخطوة، هل فعلاً فيها راحة للمواطن أم معاناة؟ هل هدفت الدولة لتقليل معاناة المواطن أم زيادتها؟ كثير من الأسئلة أصبحت جائرة ولم تجدِ أي إجابة، وإذا كانت الدولة تهدف إلى تفريغ مناطق الزحام خوفاً من تحرك المواطن، فهذا ليس سبباً يدفعها لزيادة معاناته؟ ولماذا لا يكون تفكير الدولة تقليل معاناة المواطن بتوفير احتياجاته حتى ينسى أن هناك حكومة تحكمه طالما أموره تسير عال العال. الآن وبعد أن نفذت الدولة خطتها بتغيير المواقف وأجبر المواطن رغماً عن أنفه بقبول سياسة الدولة، الآن نسمع همساً وربما جهراً عبر الصحافة أن الدولة تنوي رفع الدعم عن المحروقات لأن المحروقات (بنزين وجازولين) مستفيد منها الأغنياء وليس الفقراء، طيب يا دولة إذا رفعتي الدعم عن المحروقات سوف تزداد معاناة المواطن أكثر لأن رفع الدعم عن البنزين والجازولين هذا يعني زيادة في تعريفة المواصلات وزيادة في كل الأسعار من الطماطم حتى الخراف، فالتاجر الذي يمتلك أكثر من عربة الدولة لم تحاسبه بسعر وصاحب الحافلة أو الهايس أو اللوري الذي ينقل الخضروات من المزارع بسعر، إن الذين يمتلكون الفارهات من السيارات لا يهمهم إن كان جالون البنزين عشرة جنيهات أو عشرين طالما أنهم يحصلون على المال بأي طريقة، ولكن المشكلة في هذا المسكين الذي يعجز عن دفع ثلاثة جنيهات لرحلة واحدة في المواصلات من الثورات أو أمبدات أو الحاج يوسف، هذا هو المواطن الغلبان ولكن الدولة دائماً تحاول اتخاذ قرارات تظن أنها في مصلحة المواطن، ولكنها تأتي خصماً على المواطن البسيط، فإذا رفع الدعم عن المحروقات فصاحب اللبن غداً سيقول لك رفع الدعم عن المحروقات فلابد من زيادة رطل اللبن، وكذلك صاحب البقالة وصاحب الخضار وحتى الفحم سيرتفع سعره طالما الفحم يأتي من سنار وما جاورها، وهذا يتطلب بنزين زيادة والبنزين الزيادة يحتاج لمال إضافي والمال الإضافي سببه رفع الدعم عن المحروقات لأن شحنة اللوري من الدمازين تكلف اللوري كذا وصاحب اللوري يشتري الفحم من المواطن الذي يقطع الشجر والذي يحرقه والذي يقوم بتعبئته.. إن رفع الدعم عن المحروقات سيجعل السوق مولع نار أكثر مما هو عليه الآن، ولذلك ننصح المسئولين أولاً بأن يتقوا الله في هذا الشعب المسكين الذي صبر واحتمل وضغط على نفسه، فخففوا عليه وقللوا عليه هذه الهموم التي جعلت منه شيخاً وهو في عز الشباب.