ولنا رأي

شهر عشرة حبابه عشرة!!

وأنا أتابع اجتماعات الجمعية العمومية للحوار الوطني التي عقدت مساء أمس الأول برئاسة المشير “عمر البشير” رئيس الجمهورية، جال بخاطري السودان الذي كان ملء السمع والبصر، السودان الذي كان جنيهه يساوي ثلاثة دولارات وثلثاً وأحد عشر ريالاً سعودياً، وجنيهاً وعشرين قرشاً مصرياً. ظللت أعيد الشريط الجميل للسودان عندما كان المصريون والسعوديون يذهبون إلى سوق الشمس بأم درمان عندما كان متر القماش بريال، كان القادمون من تلك الدول يشترون شيلة عرسهم من هذا السوق العتيق. كان سوق أم درمان والسوق الإفرنجي بالخرطوم أشبه بأسواق جدة اليوم ودبي وباريس ولندن ولبنان، كان السودان في قمة عظمته عندما توحدت إرادة شعبه، وكان مثالاً للطهر والتفاني واحترام الآخرين.
السيد رئيس الجمهورية قدم في هذا اللقاء تطمينات للشعب السوداني بأن مخرجات الحوار الوطني التي انعقدت لأربعة أشهر بين الأحزاب السياسية والحركات المسلحة التي ألقت السلاح وجاءت من أجل هذا الوطن، من أجل عزته وكرامته وإعادة سيرته الأولى التي كانت مفخرة لكل سوداني، وما سمعناه من الأمين العام للحوار الوطني والجلسات التي عقدت واللجان التي انعقدت وتوصل السودانيون في حوارهم السوداني سوداني، يؤكد أن أبناء السودان إذا ما جلسوا سوياً يمكن أن يفعلوا العجب بعد تناسي خلافاتهم وصراعاتهم. قلت لنفسي مالو لو أن أهل السودان حكومة ومعارضة وضعوا أيديهم فوق أيدي بعض واتحدوا من أجل هذا الوطن الذي مزقته الخلافات والحروب والتدخلات الخارجية التي طمعت في كل جميل فيه ما عدا الإنسان، ولذلك حاولت أن تفرق بينهم بشتى السبل بالمال والسلاح وتزيين كل ما يفرق ولا يجمع بينهم.
امتلأت قاعة الصداقة بالمعنيين بهذا الحوار الذين جاءوا للمشاركة في جمعيته العمومية والتي تفضي من بعد ذلك، إلى اللقاء الجامع الذي يحسم كل شيء في العاشر من شهر أكتوبر القادم.
اتفق أبناء السودان من خلال تلك الاجتماعات واللجان على (98%) من التوصيات، وتبقى النذر اليسير الذي سيحسم بواسطتهم دون تدخلات من أية جهة.. فأهل السودان الذين شُكلوا في هذا الحوار يبدو أن الحوار أصبح حقيقة والمخرجات في طريقها إلى التنفيذ قريباً وبها سيكتب التاريخ للسودان وأهله عهداً جديداً.
فرقاء الأمس عاد البعض منهم وتحدثوا حديث القلب للقلب أمثال “مبارك الفاضل” و”تراجي مصطفى” و”زكريا أتيم” وأنصار السنة. الجميع متفقون على هذا الوطن المثخن بالجراح، ولكن تلك الجراح لن تضمر إلا باتفاق الجميع. سألت نفسي لماذا كل هذا العنت سواء من جانب الحكومة أو المعارضة، ألم تكن فترة السبعة وعشرين عاماً من حكم الإنقاذ، ألم تكن كافية لوضع السودان في مقدمة الدول. لماذا اختلف أبناء الوطن على هذه الكيكة أو السلطة، أما كان أجدى للمعارضة أن ترتب نفسها لنيل نقاط الانتخابات بدون رفع البندقية في وجه بعضها البعض، نقول ما فات شيء وشهر عشرة حبابه عشرة ويجب أن يكون تاريخاً خالداً للأمة السودانية.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية