مسألة مستعجلة
ورحل “أسامة” دون أن نودعه
نجل الدين ادم
كان كما النسمة عندما يغشاك محيياً وهو هاش باش، وجهه لا يعرف الغضب ولا الحزن، هذه كانت سماته طوال فترة عملنا سوياً محررين في عدد من الدوائر الأخبارية، نبحث عن الخبر اليقين، اليوم نفقدك أيُّها الإنسان الرائع وأنت ترحل دون أن تودعنا، تركتنا وكأن حديثاً لم يكتمل معك أخي وزميلي الصحافي “أسامة الطيب”، فقد فقدتك وكالة السودان وأنت أحد ركائزها من الصحافيين الشباب البارعين، فقدت (سونا) همتك التي لا تنتهي بنهاية الدوام.
أنعيك أخي “أسامة” اليوم بحزن وأسى شديدين، وأنا أعيد شريطاً طويلاً ونحن نجول في ردهات المجلس الوطني و(هنقر) المؤتمر الوطني ونحن نشهد أكبر نقطة تحوُّل عندما عادت الحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة الراحل الدكتور “جون قرنق” بعد أن وضعت السلاح بموجب اتفاق نيفاشا، أنعيك وأنا أقلِّب في ذاكرة البحث عن خبر ونحن نشقى ونسهر في أحيان كثيرة في دار الوطني أو بيت الضيافة أو في أي من دور الأحزاب.
رحلت عنا والعلة لم تدع لك مجالاً لتودع أهلك وأنت تكابد في كسب العيش برضاء واجتهاد.
“أسامة” كان صحفياً من طراز مختلف، يفهم في السياسة ويجيد حبك الحوارات ويتقدم خطوات في الأخبار بصياغة ملفتة، شهدنا له علاقاته الإنسانية بين زملائه في وكالة السودان التي ظلت بيتاً له وكذلك علاقاته مع بقية الصحافيين في الصحف الأخرى.
“أسامة” ليس بكثير على ربه فقد أخذ الله أمانته وليس أمامنا إلا أن نقول: لله ما أعطى وأخذ.
ومع تسليمنا بالقضاء والقدر فقد مات “أسامة” في مستشفى حكومي دون أن تطوله جهود الجهات الرسمية ومؤسسته لكي يتم نقله إلى مستشفى متقدم أو إلى الخارج رداً لما قدمه من دور إعلامي على أقل تقدير، فما هكذا يكون رد الجميل لمن أعطوا واتحاد الصحافيين يقف عاجزاً عن البحث في أي سبيل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، نعم إن موت “أسامة” قدر محتوم ولكن الواجب علينا أن نفعل كل ما في وسعنا ونترك الأمر من بعد ذلك لله ولأقداره التي نؤمن بها، رحيل “أسامة” المفاجئ هكذا وهو يكابد في إنجاز عمله الوطني تجعل كل صحفي يقرأ في نهاية الجهد المضني الذي يقوم به دون أن يصل إلى نقطة الطموح فيغادر الواحد منا الحياة على حين غفلة من الزمن ولم يضع رصيداً لمقابلة نوائب الزمان ومصير الموت.
أخي “أسامة” دعني أعزي نفسي وأهلك وزملاءك في فقدك، فقد كنت نورًا مضيئاً تقابلنا بالبسمة والترحاب، أسال الله العلي العظيم أن يتقبلك في الفردوس الأعلى ويلهم أهلك وعشيرتك والأقربين الصبر وحسن العزاء و(إنا لله وإنا إليه راجعون).