الرقابة الذاتية سلاح ذو حدين!
حمل الأستاذ “علي عثمان محمد طه” النائب الأول لرئيس الجمهورية الصحفيين والمسؤولين بالصحف، حينما أعلن عن رفع الرقابة القبلية عن الصحف في اللقاء التفاكري الذي عقده بالقصر الجمهوري (الأربعاء) الماضي، حملهم تولي المسؤولية كاملة في كل ما تنشره الصحف بديلاً عن الرقيب الذي كان يتحمل المسؤولية نيابة عنهم في بعض الأخبار والموضوعات المتعلقة بالشأن الوطني، وأمس الأول تولى رؤساء التحرير المسؤولية، وإن كان رؤساء التحرير والمسؤولون بالصحف يعون دورهم كاملاً خاصة في الموضوعات المتعلقة بالشأن الوطني، ولا أظن أن رؤساء التحرير أو المسؤولين بالصحف أياً كانت اتجاهاتهم يغفلون دور الوطن في ما يكتبون، وإن كان هناك ثم مساس فربما يتعلق ببعض السياسات الخاصة بالوزارات أو المسؤولين أو الوزراء أو الولاة أو المعتمدين، ولكن لا يتعدى ذلك إلى القضايا الوطنية مثل الذي تعرضت له مدينة “أم روابة” و”أبو كرشولا”، فكل الصحف كان لها دور إيجابي في التصدي للهجوم الذي استهدف المدينتين ومواطنيهما، وانتقدت الصحف طريقة الهجوم والتعدي على الأبرياء من النساء والأطفال والعجزة والعزل، ووقفت الصحف إلى جانب الحكومة ترفع من الروح المعنوية للقوات المسلحة وتتصدى للإشاعات التي تفشت حينها.
إن الصحافة لها دور إيجابي في المواقف الوطنية عامة وتمارس هذا الدور دون أن يطلب منها أحد، بل والوازع الضميري والوطني يحتم عليها أن تلعب هذا الدور رغم الظروف السيئة التي تعيشها الصحف والصحفيون، وقد شهدنا عدداً كبيراً من الزملاء الصحفيين قد غادروا إلى مناطق العمليات لنقل صورة الأحداث حية دون أن تصدر إليهم أوامر من الدولة.. فواجبهم يحتم عليهم نقل الحقيقة كاملة.
إن الأستاذ “علي عثمان” النائب الأول لرئيس الجمهورية متابع جيد للأحداث ومهموم بقضايا الصحافة والصحفيين وتربطه صلات وعلاقات حميمة مع كل الزملاء الصحفيين، لذلك حينما فرغ من حديثه في اللقاء التفاكري مع الصحفيين وأراد أن يستمع إلى آرائهم كلما رفع صحفي إصبعه كان يناديه باسمه “كمال”، “الرزيقي”، “عادل الباز” وكل الذين تحدثوا كان يعرفهم معرفة لصيقة، وهذا هو دور المسؤول مع قبيلة الإعلام التي هي شريك أصيل مع الدولة في هموم وقضايا الوطن، ولم نسمع منه في يوم من الأيام أن اتهم الصحافة أو الصحفيين أو نعتها أو شتم صحفياً دائماً كان لسانه يلهج بالثناء عليها وعليهم، لذلك كلما دعا إلى مؤتمر صحفي أو لقاء تفاكري، وتنويري لم يتأخر أحد عن تلبية الدعوة لأنهم يدركون أهمية الحديث الذي سيقوله، لذلك حينما أعلن عن رفع الرقابة القبلية عن الصحف كان يعلم تماماً أن الصحفيين يقومون بدورهم كاملاً وهم يتحملون المسؤولية خاصة وأن البلاد تواجه استهدافاً خارجياً وهذا يتطلب تماسك الجبهة الداخلية الذي تلعب فيه الصحافة دوراً كبيراً فلم تخذل أو تخفض الروح المعنوية أو تثير الفتن أو تنقل الشائعات، فالصحافة حتى تصريحات الوزراء والمسؤولين تعالجها بالحكمة وعلى الرغم من رفع الرقابة عن الصحف ولكن الرقابة الذاتية سلاح ذو حدين إذا لم يحسن فهمها.