هل تستفيد الحكومة من الضباط المتقاعدين؟
مازالت الحكومة تتعامل مع حكومة الجنوب وحكومة “سلفاكير ميارديت” بنفس طيبة أهل السودان وبساطتهم وسماحتهم ولطفهم، لم تتعظ الحكومة من المؤامرات التي تقوم بها حكومة الجنوب ضد الشمال، ولم تعِ درس “باقان” الذي جاء إلى الخرطوم يحمل في يده اليمنى البندقية وفي يساره الزهرة، ولكن الحكومة نظرت إلى الزهرة وأغفلت البندقية.
لقد كان “باقان” يعلم علم اليقين ماذا كان يريد أن يفعله مع حكومة الشمال حينما جاء ليقدم الدعوة لرئيس الجمهورية لزيارة “جوبا” كان “باقان” ومن خلفه كانوا يعلمون جيداً كيف يخططون لضرب الخرطوم ولذلك أظهروا خلاف ما أبطنوا وتظاهروا بالطيبة والمسكنة وفي نيتهم كان الغدر والخيانة، فالخرطوم لم تفطن لخطط “باقان” وحكومة الجنوب لذا رقصوا وطربوا وأكلوا وشربوا وناموا نوم قرير العين هانيها، وظنت الحكومة أن “باقان” وحكومته صادقون فيما يقولون وأن دعوتهم مستجابة وقبل أن تمضي أيام إذا “بباقان” الذي رقص وطرب وسط الأنغام السودانية والمسؤولين السودانيين، يطرب أكثر حينما خدع الخرطوم ودخل هجليج وعاس فيها فساداً وحطم منشآت البترول وروع المواطنين.. وعندما فشل في السيطرة على أهم منطقة في الشمال تذخر بالبترول بدأ في تدبير حيلة أخرى وجاء وفد من الجنوب مرة أخرى بعد أن انقشعت تلك السحابة، والشماليون مازالوا في طيبتهم وعفويتهم ونسوا دخول الحركة الشعبية هجليج وظنوا أن الحركة الشعبية وحكومة الجنوب صادقة فيما تقول لذا حينما قدموا الدعوة للمرة الثانية لرئيس الجمهورية لزيارة “جوبا” ظنوا أن أولئك الطغاة قد لان قلبهم وأيقنوا أنه لا بد من العيش في سلام بين الشمال والجنوب.
حكومة الجنوب تخطط في سرية تامة للنيل من الشمال وسيظل هذا ديدنها وإن أنفقت كل شيء حتى ولو أعطت كل بترولها للشمال ولكنها تعلم ماذا تفعل، من كل هذا.. فالهدف كل السودان وليس جزء منه، فما زال الحقد الدفين في قلوب “باقان” وغيره من إخوانه الذين مازالوا يعتقدون أن الشمال قد سلبهم حريتهم وجعلهم مواطنين من الدرجة الثانية.. لذا لن يهدأ لهم بال إلا وأن يروعوا أمن الشمال وإنسان الشمال، لذلك يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم.
نحن اتفقنا على المصفوفة واتفاقات على ترسيم الحدود واتفقنا على تصدير البترول ولكن كل هذا اتفاق لم يغادر الشفاه.. أما المخطط فمستمر بدعم قطاع الشمال والسلاح المتطور يأتي من إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية ولا أحد يمنع من دخول هذا السلاح المتطور.. وتبدأ حرب العصابات هنا وهناك مستفيدين من تضاريس المنطقة فكلما دخلوا مدينة وخرجوا منها نقلوا الحرب إلى مدينة أخرى ولا يمنعهم طالما السلاح والعتاد والأموال تأتيهم من أعداء الوطن.
إن الحكومة تحتاج إلى الدعم والسند الوطني ولكن قبل هذا لا بد أن تعيد الثقة في كل مواطنيها خاصة المعارضين التي تظن أن من بينها طابوراً خامساً يقف مع المتمردين.
ثانياً لابد من الاستفادة من ضباط القوات المسلحة المتقاعدين في هذه الحرب، التي لن تنتهي بسهولة حتى ولو وقعنا اتفاقيات سلام مع كل الحركات المتمردة، إن المدد العسكري الأجنبي والمتطور لن يهزم إلا بتوحيد هذه الأمة ولذلك ينبغي على الحكومة أن تنسى كل خلافاتها مع مواطنيها بالداخل من أجل الانتصار وتحقيق الأمن والاستقرار للوطن.