معاناة طلاب فمن يغيثهم؟!!
لا أدري ألا يحس المسؤولين في الدولة بمعاناة هذا الشعب والظروف التي تطحنه يومياً طحناً وربما هذا الطحن لا يخرج ذرة من الدقيق لأن جسد المواطن لا يخرج شيئاً من هذا الطحين.. كل يوم نستمع إلى مأساة أولئك المواطنين رجالاً أو نساءً أو أرامل، هؤلاء بخلاف الذين نجدهم بالطرقات يسألون حاجة ليقضوا بها باقي اليوم، وربما الأسرة التي لم تتذوق الطعام ليوم أو يومين.. كل يوم نسمع المآسي ونكاد ننضم إليهم وحتى ما نقدمه لا يكفينا ولا يكفيهم لأن الحالات ليست واحدة حتى تقول إنني أستطيع أن أزيل البؤس من هذا أو هذه، ولكن البؤس متمدد وكل يوم نوع جديد، منهم الذي فقد حق العلاج، والذي ترك ابنه في المستشفى يبحث له عن الدواء ودفعته ظروف عديدة، ولولا الحالة التي هو عليها لما سأل الناس ولكن من أين؟ عمل غير متوفر وأطفال صغار في حاجة إلى الرعاية وشيخ عجوز فقد بصره وانهدَّ حيله وخدم الدولة عشرات السنين والمعاش لا يكفي لدواء واحد.
دخلت علىّ في الصباح امرأة فقدت وظيفتها وأحيلت إلى المعاش وحتى المعاش لم تتمكن من صرفه ولديها ابن في السن النهائية بجامعة الرباط وفي حاجة إلى (2400) جنيه لدفعها لإدارة الجامعة حتى يتمكن من الجلوس مع رصفائه ولها ابنة أخرى تدرس بجامعة الخرطوم كلية الإعلام نجحت في السنة الأولى ولكنها لم تستطع مواصلة الدراسة لأن إدارة الجامعة تطالبها بسداد مبلغ (800) جنيه حتى تتمكن من مواصلة تعليمها، وحينما فشلت في توفير المبلغ جلست بالمنزل مغلوب على أمرها ولم تجد عملاً حتى تستطيع توفير مصاريف الدراسة، ولم أفق من صدمة تلك الأسرة إذا بشابة ظننت أن عمرها في العشرينيات تخرجت في جامعة السودان إدارة أعمال ولم تجد وظيفة، وعندما سألتها عن عمرها وجدتها تجاوزت السن التي تطلبه الدولة للوظائف المطروحة الآن وظلت تعاني وتعاني من عدم توفر وظيفة، ووالدها في المعاش، والمعاش هل يكفي لاحتياجات هذه الأسرة التي ما زال لديها أكثر من طالب بالجامعة؟.
حدثني شخص وقال لي وجدت طالبة عائدة من سوق ليبيا سألها أين تدرسين قالت له في الجامعة الفلانية، وسألها مرة أخرى فماذا تعملين في سوق ليبيا، قالت له والدي يرسل لي مبلغ خمسين جنيهاً مع شخص في السوق، سألها وهل يكفي هذا المبلغ لاحتياجاتك، قالت له معي زميلات هناك يخرجن بالليل ليأتوا لنا بالعشاء وهناك عبارات كثيرة لا أستطيع ذكرها فهي مؤلمة وقاسية لحرائر بنات السودان.. تخيلوا طالبة جامعية تمنحها الأسرة خمسين جنيهاً في الشهر سعر السندوتش سبعة جنيهات، وإذا أرادت الفول بأربعة جنيهات، ولو أكلت ترمس فقط في الوجبة لما أكفاها هذا المبلغ.
إن الظروف الاقتصادية طاحنة ولا أدري من المسؤول عن أولئك الطلبة والطالبات؟ من الذي يوفر لهم احتياجاتهم؟ هل صندوق الطلاب يستطيع أن يوفر لآلاف الطلاب الحياة الكريمة التي تبعدهم عن القيل والقال خاصة الطالبات، هل الأسر تتفهم أوضاع أبنائها وهم يدرسون بولاية الخرطوم؟ فيما مضى كانت جامعة الخرطوم توفر للطلاب العيش الكريم والحياة الكريمة بل تمنحهم مالاً لنثريات المتطلبات الأخرى، إن الذين يحكمون الآن هم خريجو جامعة الخرطوم جاءوا من أسر فقيرة ووفرت لهم الجامعة الحياة الكريمة والرغدة التي لم تتوفر لأسر خارج الجامعة فلماذا أولئك المسؤولون لا يتعاملون كما تعاملت معهم الحكومات السابقة؟ لماذا الطلاب الآن يعيشون حياة الذل ولا يجدون ما يسد رمقهم ؟ أعينوهم حتى ينفعوا الوطن في مقبل أيامنا وينفعوا أهلهم وأنفسهم بدلاً عن التفكير في الهجرة ويقولوا كما قال الشاعر الراحل الحردلو “ملعون أبوك دي بلد”.