ولنا رأي

ورحل الدكتور الرقيق كمال حنفي

غيب الموت أمس الدكتور “كمال حنفي منصور وحيش” وبموته تنطوي ذكرى عطرة لإنسان عشنا سوياً فترة من الزمن بقاهرة المعز حينما كنا طلبة بجامعة الأزهر الشريف، لقد التقينا الدكتور “كمال” وهو يسبقنا بسنوات عندما كان طالب الهندسة بجامعة المنصورة، ولكن الهندسة لم تكن رغبته؛ ولذلك امتحن الشهادة الأزهرية التي كانت جواز المرور لعدد كبير من الطلاب السودانيين الذين يلتحقون بكليات لم ترغ لهم فكانت جامعة الأزهر البوابة الرئيسية لكل طالب سوداني يرغب في تحقيق رغباته عبر كليات محددة، فدخل “كمال حنفي” كلية طب الأزهر وكان من المبرزين فيها.
 الدكتور “كمال” لم يكن طبيباً فقط بل كان أديباً عاشقاً ومحباً للأدب كان كثيراً ما يحدثني عن شقيقه السفير الآن “بهاء الدين حنفي”، وكيف كان يستفيد من مكتبته العامرة بمختلف الكتب، وكان يحفظ كثيراً من الغناء العربي الرصين كان يحفظ لأم كلثوم وحببنا في سماعها عندما كنا طلاباً (برالمة) لم نعرف عن مصر الكثير، فكان يحفظ لعبد الحليم حافظ و”فيروز” و”وردة الجزائرية” كان مطلعاً من الدرجة الأولى.
وعندما فكر الراحل “محمد سعيد معروف” تأسيس مجلة يقوم بالإشراف والكتابة كل الطلبة السودانيين من الإسكندرية حتى أسوان كان “كمال حنفي” يكتب باباً بعنوان فلسفونير (جايه) من الفلسفة يربط فيه بين الجد والسخرية، وعندما أكمل الباب عاماً كاملاً احتفل به بطريقته الخاصة.
منذ أن تخرجنا من الجامعة لم نلتق رغم أننا كنا في مدينة البعوث الإسلامية التي ضمت العديد من الطلبة السودانيين “راشد عبد الرحيم” والدكتور “عبد المنعم حمدتو” و”عثمان نمر” و”آل حمدتو” بالزراعة والشريعة و”مصدق حسن إسماعيل” والمهندس “أحمد البشير عبد الله”، وعدد كبير من رموز المجتمع الآن من خريجي الجامعات المصرية وبالأخص جامعة الأزهر بكلياتها المختلفة، لم نلتق إلا عبر فترات متقطعة التقيت الراحل “كمال حنفي” قبل أسبوع بفناء التلفزيون صباحاً ونحن نستعد لإطفاء الشمعة الأولى من (المجهر) وكنت أبحث عن الشاعرة “روضة الحاج” لتقديم البرنامج تصادفنا فوقفنا واسترجعنا ذكريات الماضي فقلت له يا دكتور هلا تذكر آخر كباب (أكلناه) بمنطقة العباسية عام 1981 قلت له الأيام سرقتنا فيا ريت نرتب للقاء يجمع العديد من زملاء مصر قال لي يا ريت.
 الدكتور “حنفي” رجل رقيق وشفاف يتحدث همساً ولم أسمعه طوال فترة وجودنا مع بعض أن رفع صوته في وجه شخص وحتى ضحكاته كانت همساً .. كان يمتاز بالبساطة والابتسامة التي لم تفارق شفاه.
أذكر أيضاً وكانت إدارة مدينة البعوث الإسلامية تحاول دائماً ترتيب زيارات للطلبة الوافدين لزيارة بعض المناطق بمصر فوقع الاختيار علينا لزيارة “العين السخنة” بالسويس ولكن ما إن قطعنا مسافة خارج القاهرة انقطع سير ماكينة العربة التي كانت تقلنا لتلك الرحلة فوقفنا في الطريق لعدة ساعات ريثما تأتي عربة أخرى لتوصيلنا ولكن العربة أتت متأخرة والزمن لا يسمح بمواصلة الرحلة فعدنا إلى القاهرة.
ألا رحم الله الدكتور “كمال حنفي” بقدر ما قدم لهذا الوطن في مجاله الطب تلك المهنة الإنسانية التي تشبه الراحل “كمال”.
همسة:
اتصل علينا البروفيسور “علي شمو” رئيس المجلس القومي للثقافة والمطبوعات مجدداً التهنئة بالمناسبة السعيدة الشمعة الأولى لـ(المجهر) التي قال عنها إنها كانت رائعة كروعة أهل (المجهر).. كما اتصلت “آسيا الفيتوري” أيضاً وجددت التهنئة، وقالت الفرحة كانت مرسومة على وجوه الصغار قبل الكبار، كان من بين حضور الحفل البروفيسور “مختار الأصم” نائب رئيس مفوضية الانتخابات، ونشكر الأستاذ “محمود محمد عجيب” صاحب الأمجاد والأستاذ “عوض الحاج” وكل المهنئين الذين لم نذكرهم.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية