ولنا رأي

هل فشلت صحافة الحكومة؟ (18)

نواصل ما انقطع من حديث حول هل فشلت صحافة الحكومة؟، وتوقفنا في الحلقات السابقة عند الأستاذ “النجيب آدم قمر الدين” ثاني رئيس تحرير لصحيفة (الأنباء) التي تأسست في 26/5/1997م بعد دمج صحيفتي (السودان الحديث) التي كان يشغل منصب رئيس تحريرها الأستاذ “فتح الرحمن النحاس” وصحيفة (الإنقاذ) التي كان يرأس تحريرها الأستاذ “سيد الخطيب” ومجلة (سوداناو) التي كان يرأس تحريرها الأستاذ “السر حسن فضل” وصحيفة (المخبر) التي كان يرأس تحريرها الأستاذ “أحمد كمال الدين”. وجاء الدمج بناء على قرار صادر من الرئاسة، وكلف الأستاذ “أمين حسن عمر” بمتابعة الملف فاستمرت الصحيفة لمدة عام ومن ثم تولى الأستاذ “النجيب آدم قمر الدين” الذي كان يشغل منصب مدير وكالة السودان للأبناء (سونا) لم يستجم الأستاذ “النجيب” من عناء مهمة وكالة السودان للأنباء فجاءه تكليف بتولي رئاسة التحرير، وهذه أول مرة تقريباً يتولى الأستاذ النجيب منصب في الصحافة الورقية.
الأستاذ “النجيب” بطبعه هادئ ذو خلق جم وقدرات هائلة في العمل التحريري، فمن مارس العمل الصحفي من أسفل السلم فليس من الصعب إدارة المؤسسة من أعلاها باعتباره قد مارس المهنة منذ زمن طويل ويعرف كل خباياها وكل إشكالياتها؛ ولذلك حينما كلف لم يتهيب المنصب فوافق على الفور، ولكن هل هذه الموافقة لم تعقبها متاريس وسهول وهضاب هنا وهناك؟، بالتأكيد هناك مطبات كثيرة، ولكن من أعطي الحكمة فليس من الصعب عليه تسيير أموره فيها. فاستمر الأستاذ “النجيب” يتابع بالنهار وبالليل، ويواجه المطبات ويتخارج منها بحنكته ومرونته وهدوئه. ظل الأستاذ “النجيب” ما يقارب العامين تقريباً يدير مؤسسة في حكم الكثيرين أنها جنازة محتاجة إلى الدفن، ولكن رغم ذلك واصل العمل يوجه هنا وهناك ويضع الخطط والبرامج ولكن بدون فائدة، أعطي سيارة “تمشي خطوة اثنين مستحيل” أحياناً يتركها في الشارع ويركب (تاكسي) وأحياناً يبقى بالمنزل إلى حين وصول سيارة تقله من منزله إلى الصحيفة، وكثيراً ما يتركها في الوحل خلال فصل الخريف لرداءة الطريق خاصة أن المنطقة التي كان يسكنها أرضها طينية أو أرض زراعية ولذلك إذا “صبَّت” مطرة (الجوة جوة والبرة برة).
ظل الأستاذ “النجيب” يقاوم ويقاوم ولكن لا حياة لمن تنادي، المطبوعة في تراجع والتوزيع متراجع، وحتى الدولة نفسها لم تعجبها المادة المكتوبة ولذلك قللت الدعم المادي وبدأ الهمس هنا وهناك عن الصحيفة وعن أدائها المتراجع ليس ضعفاً من الصحفيين وقدراتهم المهنية ولكن سياسة الدولة تجاه الصحيفة غير معروفة أو غير معلومة، وهناك صراعات خفية وضرب تحت الحزام لم يلاحظه كثير من الناس ولذلك الحال لم يعجب الأستاذ “النجيب” وظل يواصل العمل على مضض حتى جاءت لحظة الحسم وبدون أي مقدمات اتصل هاتفياً بالجهات المسؤولة وأعلن استقالته وذهب إلى حال سبيله، متعللاً بأن البيئة داخل الصحيفة لم تعجبه وأعيد تعيين الأستاذ الدكتور “أمين حسن عمر” رئيساً لمجلس الإدارة ورئيساً للتحرير.
نواصل

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية