ولنا رأي

سوق العبيدية للذهب وعمالة الأطفال!!

على الرغم من الروح الطيبة والعالية التي سادت أجواء الاجتماع التنسيقي لمعتمدي محليات السودان، الذي انعقد بمنطقة العبيدية بمحلية بربر، إلا أن كل المعتمدين تحدثوا عن بعض المظاهر السالبة التي شاهدوها داخل سوق العبيدية، الذي خصص لتجميع كل المعدّنين في منطقة واحدة، بغرض الحفاظ عليهم وعلى ممتلكاتهم. ولم يشاهد المعتمدون وحدهم، بل شاهدنا نحن معهم أولئك الأطفال الذين هجروا قاعات الدرس وجاءوا يبحثون عن الذهب، فوجود الأطفال مع أولئك الكبار، وفي الخلاء، فيه خطورة عليهم، ولا حل للمشكلة إلا بإصدار قرار يمنع دخول مناطق التعدين إلا لمن بلغ العشرين من عمره، لأن سن الثامنة عشرة هي أيضاً سن صغيرة تحتاج إلى الرعاية والتقويم.
من المثالب الأخرى التي ناقشها المعتمدون بكل شفافية، قضية الزئبق المستخدم في فصل الذهب.. ونحن نعلم أن الزئبق له خطورة آنية ومستقبلية على الإنسان، وهناك حديث بأن الزئبق يؤثر على البيئة خاصة وأن المنطقة زراعية، وقد يؤثر الزئبق المستخدم في عمليات الغسيل وفصل الذهب عليها آنياً أو مستقبلياً، كما يؤثر على الشخص الذي يستخدم الزئبق مستقبلاً أيضاً، لذا لا بد أن تجد الوزارة معالجة لذلك، ولكن السيد وزير الدولة “سراج الدين علي حامد” قال إن الوزارة تدرك خطورة هذا الزئبق، ولذلك قررت استجلاب معدات حديثة تساعد في فصل الذهب دون اللجوء لاستخدام الزئبق، والأجهزة التي تم التعاقد على شرائها من جنوب أفريقيا والفلبين ستصل قريباً، كما وقفت الوزارة على تجربة فضل الذهب بدون استخدام الزئبق من خلال أجهزة استجلبت من بريطانيا، وقدم التجربة مهندس سوداني.. كل هذا يؤكد أن الذهب له منافع ولكن أيضاً هناك أضرار منه، والأضرار تكون بمواقع التعدين، فالسوق الذي شهدناه هو تجربة ناجحة قام بها معتمد محلية بربر “حسن سليمان”، ويهديها إلى كل المعتمدين الذين توجد بمحلياتهم مناطق تعدين، ولكن رغم روعة السوق وتخطيطه الجيد ولكن أيضاً هناك مشاكل داخل السوق ومنطقة التعدين، وقد أفصح عنها اللواء شرطة “عادل خوجلي” مدير عام شرطة ولاية نهر النيل، بأن آلاف من زجاجات الخمور تدخل مناطق التعدين، بالإضافة إلى المخدرات، ونبه أيضاً إلى خطورة غسيل الأموال. والسيد المدير لم يقف عند هذا الحد، فقد نبه إلى أن كثيراً من منسوبي الشرطة بدأوا يرفضون تجديد عقوداتهم مع الأجهزة الشرطية بعد انتهاء المدة، ولجأوا إلى مناطق التعدين لتحسين أوضاعهم الاقتصادية، وهذا سيقلل من أفراد الشرطة العاملين بالمنطقة. ولكن السيد وزير الدولة بالمعادن أكد أن الوزارة ستعمل بالتنسيق مع بنك السودان على تحسين أوضاع منسوبي الشرطة..
إن التعدين الأهلي ساهم في تغيير أوضاع الكثيرين، وسألت أحد المعدنين ويدعى “رمضان إبراهيم” من أي المناطق أنت؟ قال لي: أنا من منطقة القضارف. سألته مرة أخرى كم أمضيت بمنطقة التعدين بالعبيدية وما هي الكميات التي حصلت عليها من الذهب؟ قال: لقد حصلت على (110) جرام من الذهب خلال عام، وقد بعت الجرامات التي حصلت عليها بمبلغ عشرين مليون جنيه. أمّا المنقب الآخر ويدعى “بطران” فقال: لقد حصلت على سبعة جرامات خلال شهرين. أما المهندس بشركة (أندلي) فقال إن الشركة تقوم بطحن الحجارة للمنقبين وقد حصل أحد المنقبين من جوال واحد بعد الطحن على (110) جرامات، فيما حصل آخر على (77) جراماً من طحن ثمانية جوالات، وقال إن الحجارة التي يتم طحنها لا تخلو أبداً من وجود ذهب، وهذه من بركات المولى عز وجل على هذا الشعب.
السيد وكيل الوزارة “عباس الشيخ” أجاب على كل استفسارات المعتمدين، وقال إن استكشاف الذهب يحتاج إلى نفس طويل، ولذلك منحت الوزارة فترة ثلاث سنوات للشركات التي تم التعاقد معها.
سكرتارية الوزارة كانت بارعة في كل شيء.. من الإعداد والتنظيم وحتى إصدار البيان الختامي وطباعته وتوزيعه في فترة وجيزة، ونشكر السيد اللواء (م) “خالد بشير” الذي يتمتع بخلق رفيع وسعة أفق وهدوء وعلاقات طيبة مع الجميع.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية