ولنا رأي

ما بين دعوة النائب الأول ومحكمة زمراوي!

عرفت الأستاذ “علي عثمان محمد طه” النائب الأول لرئيس الجمهورية إبان الديمقراطية عندما كان يتولى مهمة زعيم المعارضة داخل الجمعية التأسيسية، وقتها كنت ضمن مجموعة من الزملاء أوكل لنا تغطية الجمعية، وكعادتنا نلتقي هذا النائب وذاك للحصول على المعلومات، وكان من بين أولئك الأستاذ “علي عثمان” فحصلت على معلومات كان الأستاذ “علي” حريصاً على توصيلها للرأي العام، ولكن للأسف لم يتم نشرها لا أدري سبب ذلك، وبعد يومين التقيته في الجمعية التأسيسية فقابلني قائلاً: “يا ناس الأيام رفضتم تنشروا تصريحي” فتحدثت معه بلطف وقلت له “والله أنا سلمت الخبر لإدارة الأخبار لكن ما عارف ليه ما نشروه”، ابتسم كعادته وذهب.
ذهبت الجمعية التأسيسية وانفضت التحالفات وجاءت الإنقاذ ولم ألتق الأستاذ “علي عثمان” إلا في مدينة بورتسودان، ووقتها طلب من الصحفيين مقابلته بعد منتصف الليل، وقال لنا: “أريد أن أسمع منكم عما يجري على الساحة السياسية” فاستمع لكل الوفد الصحفي الذي تجاوز الخمسة عشر صحفياً إن لم تخني الذاكرة ومن ثم لقاءات متفرقة بعد ذلك.
الأستاذ “علي عثمان” يحرص دائماً أن ينتقي الصحفيين الذين يود مرافقتهم له في الزيارات المختلفة.
أمس الأول اتصل على الأخ “ناجي بشير” مسؤول الإعلام برئاسة الجمهورية يبلغني أنني اخترت ضمن وفد النائب الأول لزيارة مدينة كسلا، وهذا شرف بالنسبة لي لمرافقة الأستاذ “علي عثمان” في تلك الزيارة، خاصة أن الاختيار أو الترشيح لمرافقيه يأتي منه شخصياً، غمرتني سعادة ولكن في يوم الزيارة كان لابد أن أمثل أمام محكمة الصحافة بالخرطوم في البلاغ المفتوح على الصحيفة من قبل وكيل وزارة العدل السابق مولانا “عبد الدائم زمراوي” بصفتي رئيس التحرير والمتهم الأول في البلاغ الذي استمرت عدة جلسات فيه، وسبق أن تغيبت عن إحدى الجلسات عندما رافقت رئيس الجمهورية إلى الولاية الشمالية وأخطرت المحامي أنني سوف أرافق رئيس الجمهورية، وعليه أن يخطر المحكمة بذلك، الأخ المحامي لم يمانع في سفري وقال لي اذهب وسوف أخطر المحكمة، ولكن المحامي حينما أخطر المحكمة في اليوم التالي، القاضي أو الشاكي ذكروا له كان عليَّ كمتهم أول أن أخطر المحكمة قبل أربع وعشرين ساعة من انعقاد الجلسة ولذلك لم تتم الموافقة على سفري وصدر أمر قبض علي من قبل المحكمة، وعند عودتي ذهبت إلى المحكمة برفقة المحامي وسجلت حضوراً وألغى القاضي أمر القبض لذا عندما أخطرني الأخ “ناجي بشير” بتلك السفرية لمرافقة النائب الأول اعتذرت له خوفاً من تكرار ما حدث لي في زيارة رئيس الجمهورية للولاية الشمالية، لأن الإنسان حينما يسمع أن هناك أمر قبض صادر من المحكمة تدور بالذهن كيف سيكون الموقف حينما تدخل الحراسة ويلقي بك مع معتادي الإجرام والنشالين وغيرهم، كيف تقضي يوماً وأنت داخل السجن بدون ذنب غير أنك متهم في قضية نشر لا تصل عقوبتها أكثر من الغرامة المالية.. كيف يلقى بقادة الرأي والكلمة مع المجرمين داخل السجون؟.. لذا ونحن مقبلون على قانون جديد للصحافة ينبغي أن نراعي وضعية رئيس التحرير وما يوجه إليه من اتهام في قضايا النشر.. كيف يصون القانون كرامة الصحفيين رسل الكلمة والإنسانية، كيف تدفع بهم كلمات تحتمل الصدق أو الكذب إلى غياهب السجون أو الانتظار في أقفاص المحاكم لساعات طويلة دون أن يدلوا بأي كلمة، وتحرمنا هذه الكلمات من تلبية دعوة الرجل الثاني في الدولة لافتتاح أهم المشاريع.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية