ولنا رأي

هل يتسع نفق اللقاء بين "الشيخ" و"المشير"؟

انفردت (المجهر) الأيام الماضية بخبر يعد من الأخبار الخبطة، وهو اللقاء المرتقب بين المشير “عمر البشير” والشيخ “حسن الترابي”، و”البشير والشيخ” لم يجلسا مع بعضهما البعض منذ المفاصلة، ورغم قوة الخبر وتأكيد بعض الصامتين، لم يرد من القصر ما يكذب الخبر أو يؤكده، وهذا يعني (أن السكوت علامة الرضا)، لكن (المؤتمر الشعبي) وعلى لسان الأستاذ “كمال عمر” المحامي الأمين السياسي للحزب أيضاً لم ينفِ صحة الخبر، اكتفى بالقول إن الكرة الآن في ملعب (المؤتمر الوطني)، وهذا يعني أن (المؤتمر الشعبي) غير رافض للحوار مع الرئيس “عمر البشير” طالما تم حوار مع نائب الأمين العام لـ(المؤتمر الشعبي) الدكتور “علي الحاج” مع الأستاذ “علي عثمان محمد طه” النائب الأول لرئيس الجمهورية بـ(ألمانيا)، وبالتأكيد الحوار لم يأتِ من فراغ، وإذا لم تكن هناك أرض ثابتة مهدت له لما تم وخارج أرض الوطن، وطُرحت من خلاله العديد من القضايا والتحديات التي تواجه الوطن، والدكتور “علي الحاج” نفسه تحدث عبر الفضائية السودانية خلال نشرة العاشرة المسائية الخميس المنصرم عن صحة الحوار، وقال لقد اتصلت بعد الحوار بالدكتور “حسن الترابي” والإمام “الصادق المهدي” زعيم (حزب الأمة) و”فاروق أبو عيسى”، أطلعهم عبر الهاتف على اللقاء وما تم فيه وسأوافيهم بمخرجات الحوار كتابة، وهذا يعني أن الأرضية أصبحت ممهدة للحوار مع (المؤتمر الشعبي)، والذي كنا نسمع أن مبدأ الحوار بين الطرفين غير وارد، الآن تغيرت المواقف من جانب الطرفين، وإن كان (المؤتمر الوطني) أكثر ليناً وقبولاً للحوار مع (المؤتمر الشعبي) وكل القوى السياسية، وتلك الجهات لها آراء حول مبدأ الحوار، وسبق أن (المؤتمر الوطني) فتح الحوار مع (الأمة القومي) و(الاتحادي الأصل) ونتائج تلك الحوارات كانت المشاركة في السلطة رغم المعارضة. اليوم انفتح باب جديد للحوار مع (المؤتمر الشعبي) الشريك الأصيل لـ(المؤتمر الوطني) في الإتيان بالإنقاذ في 1989م، لكن الخلافات حول السلطة كانت واحدة من أسباب ذلك الانشقاق، بل انشقاق وقع مع كل الأحزاب السياسية والطائفية سببه تلك السلطة وتلك الرئاسة، فـ(حزب الأمة) الذي كان قاب قوسين أو أدنى من المشاركة في السلطة، إلا أنه تراجع في آخر اللحظات عنها، ولكن القيادات التي وعدت بالمشاركة لم يعجبها ذلك التراجع، فانقسمت عن الأصل وشكلت حزباً باسم (الأمة الإصلاح والتجديد)، وقبل أن يعتدل المنشقون في قعدتهم انشقوا وكونوا أحزاباً من الحزب المنشق، واستمر مسلسل الانشقاق وكل أسبابه هذه السلطة.
الآن ظهرت بوادر طيبة لتناسي مرارات الماضي والجلوس سوياً من أجل هذا الوطن الذي بدأ يتمزق ويتشرذم، ربما هناك مجموعات طيبة هنا وهناك سعت لتقريب وجهات النظر وتهيئة المناخ لجلوس رئيس الجمهورية المشير “البشير” والشيخ “حسن الترابي” للوصول إلى اتفاق يخرج البلاد من هذه الأزمة التي عشناها منذ قرارات الرابع من رمضان والتي قسمت الإسلاميين إلى (وطني) و(شعبي).
إن الخطوة التي يقوم بها أفاضل وأكارم الرجال تصب في المصلحة العامة خاصة وأن الحاكمين والمحكومين تجاوزت أعمارهم الثمانين والسبعين ولم يبقِ في العمر بقية، لا نريد للأجيال القادمة أن تظل مسيطرة عليهم روح الخلاف والانشقاق المتطاول، نريد للأجيال القادمة أن تكون متسامحة تحاول بناء الوطن بروح التسامح والمحبة والإلفة بدلاً عن البغضاء والشحناء، فكم من العمر يعيش الإنسان على ظهر هذه البسيطة، فإذا منح الإنسان عمر سيدنا “نوح” فهو مفارق هذه الدنيا، لذا نريد ألا تسيطر على نفوس ورؤوس حكمنا ومحكومينا النظرة الشخصية، وأن تكون لغة التسامح هي ديدنهم من أجل رفعة الوطن وإنسانه، إنسانه الذي تغيرت أخلاقه وطباعه وظروفه الاقتصادية، ودفعته الحاجة لارتكاب الجرائم من أجل المال الذي  تعذر عليه بسبب تشدد وتعصب حكامنا ومحكومينا.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية