ولنا رأي

مائة دقيقة كان مؤتمر النائب الأول!!

مائة دقيقة كانت الفترة التي استغرقها الأستاذ “علي عثمان محمد طه” النائب الأول لرئيس الجمهورية في مؤتمره الصحفي الذي عقده ظهر أمس بمقر مجلس الوزراء عقب عودته من إجازته السنوية التي قضاها بألمانيا والتقى خلالها بالدكتور “علي الحاج محمد” نائب الأمين العام للمؤتمر الشعبي.
 المؤتمر الصحفي تأخر نصف ساعة تقريباً لذلك تقدم الأستاذ “محمد مختار” وزير الدولة برئاسة مجلس الوزراء باعتذار لطيف للصحفيين وبرره ببعض المشغوليات الصغيرة، وقال: (نظراً لهذا التأخير سنتيح الفرصة أولاً للصحفيين لتقديم أسئلتهم ومن ثم تأتي إجابة السيد النائب الأول) وبالفعل طرحت عشرة أسئلة معظمها كانت تدور في خلد الصحفيين الذين جاءوا للمشاركة في المؤتمر الصحفي، ولم يتغيب من رؤساء التحرير إلا الأستاذ “مصطفى أبو العزائم” رئيس تحرير الزميلة (آخر لحظة).
الشيخ “علي عثمان” كان منشرحاً وتبدو عليه علامة السعادة والرضا ويبدو أكثر نشاطاً وحيوية ولم يعكر مزاجه أي سؤال مشاتر من الزملاء الصحفيين المشاترين إلا سؤال طرحه الأخ الزميل “المسلمي الكباشي” مدير مكتب قناة (الجزيرة) حول الحكومة المحايدة، وقال له إذا أردنا هذه الحكومة سنأخذ وقتاً طويلاً وربما نحتاج إلى سنين طويلة ثم سأل “الكباشي” قائلاً: (من الذي سيشكل هذه الحكومة؟). السيد النائب الأول أجاب على كل الأسئلة والاستفسارات بشفافية عالية، وأكد أن الحكومة ستجري حواراً وطنياً جامعاً مع كل القوى السياسية، ولم يستثن أي جهة من هذا الحوار، وأكد أنه تم إجراء الحوار مع الدكتور “علي الحاج” بألمانيا الذي جاء بناء على رغبة من الدكتور “علي الحاج” وتم في الإطار الاجتماعي، وقال إنه لمس شعوراً طيباً من الدكتور “علي الحاج” وأن هناك تحديات جسام تواجه الوطن، وقال ما حدث هم شركاء فيه ولابد من التداول السلمي للسلطة.
وفي إطار هذا الحوار الذي يجمع كل الأمة السودانية ويخرج بها من النفق المظلم سُئل إن كانت هناك نية لإجراء حوار مع الشيخ “حسن الترابي” فقال لا مانع من الحوار مع الشيخ “الترابي” أو مع أي جهة أخرى.
اللغة التي كان يتحدث بها الأستاذ “علي عثمان” لم تكن معقدة أو غير مفهومة أو تحتاج إلى شرح أو كان فيها تمويه أو ضبابية، فقد استمع الجميع بكل حواسهم وجوارحهم، وقال إن العالم الآن قد ودع الانقلابات والاقتتال في عملية تغيير الحكومات لأن تطوراً كبيراً قد حدث في الساحة السياسية إلا أنه قال: (نعم نحن جئنا عن طريق الانقلاب ولكن الظروف تغيرت الآن فما عادت الانقلابات تنفع الآن) وقال إن (الفجر الجديد) تجربة فاشلة إذا أراد من هم وراءها التغير بلغة السلاح، ولكن إن أرادوا الجلوس في الحوار فلا مانع من الجلوس معهم وحتى قطاع الشمال “مالك عقار” و”الحلو” فهم سودانيون ويمكن الجلوس معهم في حوار تكون فيه مصلحة الوطن، وقال: (إن “نيفاشا” تجربة وأنا راضٍ عنها تمام الرضا وما فعلت لأهلي ولوطني) وقال: (أنا على استعداد حينما يأتي الحديث عنها سوف أتحدث).
كل الأعنق كانت مشرئبة لسماع النائب الأول لرئيس الجمهورية عن خليفة “البشير” في الحكم، ولكن حديثه انصب في مصلحة رئيس الجمهورية الذي أعلن صراحة عن تخليه عن السلطة أو عن الترشح لها في الفترة القادمة. الأستاذ “علي” قال إن الرئيس صادق في حديثه، ولكن هناك مؤسسات ومرجعيات داخل المؤتمر الوطني هي التي تقول كلمتها النهائية في ذلك، وما قاله الرئيس ليس إحساساً بالفشل وإنما من منطلق مسؤوليته الوطنية وقبوله لهذا التحدي والسير بالأمة طوال تلك الفترة من الحكم.
الأستاذ “علي عثمان” لم يترك شاردة أو واردة إلا وكانت الإجابة عنها حاضرة حتى العلاقة مع سوريا فكانت واضحة وموقف السودان منها واضح وموقف السودان مما جرى الآن في أفريقيا وانعكاسه على البلاد وقال إن ضخ البترول سيوفر عملة ستنعكس إيجاباً على معايش الناس، وأن المرحلة القادمة ستكون أفضل وأن انخفاض الدولار سيؤدي إلى انخفاض السلع الضرورية. لقد كان المؤتمر الصحفي للنائب الأول لرئيس الجمهورية ناجحاً بكل المقاييس وأراد النائب أن يقول كلاماً كثيراً ولكنها إشارات كلها وصلت لمن يعنيهم الأمر.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية