ولنا رأي

أطفال المايقوما والبيع للخارج

نقلت بعض الصحف أن مشاكل داخل دار المايقوما للأطفال فاقدي الأبوين الشرعيين، وقيل: إن الصراع داخل الدار أطاح بالدكتور “محمد محيي الدين الجميعابي” مدير الدار الأسبق، كما أطيح بمديرها السابق، وكل السبب أن الأطفال بالدار ماتوا بالعشرات فيما يباع بعض منهم خارج أرض الوطن.
إن الصراعات تدور في كل مكان، لا يخلو مكان من الصراع السياسي وغيره، ولم تتجه فئة وإلا لها صراع مع بعضها البعض، وهي صراعات لا تقدم ولا تؤخر، وربما تؤدي إلى إصابة كل طرف بالأمراض المعروفة نتيجة تلك الصراعات كالمصران العصبي، والتوتر، والشد، وعدم التركيز، لذا الجميع دائماً في تلك الحالة، وأحياناً يواجه الإنسان بالقلق والاضطراب في النوم، وإذا استمرّ الحال قد يفقد الإنسان حياته بالذبحة أو السكتة الدماغية.
قرأت الخبر وبدأت أتساءل: ماذا لو جاءت جهة ما وأخذت مجموعة من أطفال المايقوما وذهبت بهم إلى فرنسا، أو أمريكا، أو إيطاليا، أو هولندا، أو أي دولة أخرى ترعى هؤلاء الأطفال، وتوفر لهم فرص الحياة الكريمة، بدلاً عن تلك الحالة والصراعات الدائرة هنا وهناك.
إن الأمهات والآباء الذين كانت نتيجة فعلتهم النكراء هؤلاء الأطفال، فما ذنبهم إذا تخلت الأم المجرمة عن طفلها، وألقت به في الشارع وحفظه الله من الكلاب الضالة، أو الموت في العراء، أو التي وضعته في كرتونة، وألقت به بالطريق العام، أو أمام أي مسجد، أو وضعته في مؤخرة أي مركبة عامة، والتقطه أحد المشفقين وذهب به إلى دار المايقوما، تلك الدار التي تضع الرعاية الكاملة لأولئك اللقطاء إلى أن تأتي جهة ما ترغب في تبني طفل من هذه الدار، فماذا يضير الجهات التي تفتعل الصراعات إذا أخذت جهة خارجية مجموعة من أولئك الأطفال، لا طفلاً واحداً، وأعطته إلى أسرة في أوروبا أو في أمريكا لتتخذه ولداً لها يعيش في حضنها، ويتربى أفضل تربية، ويأكل أفضل أنواع الطعام، ويلتحق بأفضل المدارس، بدلاً أن يعيش هذا الطفل، ويلتحق بأفضل المدارس بدلاً أن يعيش هذا الطفل مشرداً بين أزقة سينما أم درمان والوطنية أم درمان يعيش على بقايا الطعام، لا حضن دافئ  يضمه، ولا منزل يؤويه من تقلبات المناخ، ولا حمام يغتسل فيه مما علق عليه من أدران، وحتى إذا شبّ وكبر هذا الطفل أو الطفلة وهو في دار المايقوما، ما هو مصيره كيف يواجه الحياة ألم يسأل من أنا من أين ومن هي أمي ومن هم إخواني وأعمامي وعماتي، ألن تحدث لهذا الطفل حينما يكبر انتكاسة ويصاب بصدمة نفسية حينما يعلم أنه لقيط، ليس له أب أو أم أو أسرة، كيف سيعيش مع أقرانه وأصحابه حتى إذا توفرت له ظروف الدراسة، ألن يكن هناك نقاش فيما بينهم؟ ألن يتحدثوا عن الأسرة والإخوان؟ ألن يتحدثوا عن الأم والأب وإذا كبر الطفل وأصبح رجلاً، وأراد أن يقترن بزوجة، ما هي الأسرة التي تقبل به زوجاً لابنتها، ألن يعيش طوال حياته معقداً بسبب تلك الجريمة التي ارتكبتها أمه وأبوه في لحظة نشوة عاطفية، لم يحسبوا لها أي حساب إذا جبلت البنت، فماذا تفعل بالطفل، هل تواجه أسرتها؟ هل تواجه الرجل الذي ارتكب معها تلك الخطيئة، أن تلقي به في الشارع العام ليكون مصيره دار المايقوما، وما أدراك ما دار المايقوما وما بعدها، اتركوهم يذهبوا إلى أي دولة وإلى أي أسرة ترغب في أن يعيشوا في حضنها سالمين آمنين بدلاً عن هذا الضياع؟؟!!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية