هل يخدع الصحفي القارئ؟
كثير من الصحفيين يتضايقون عندما يسمعون الناس يقولون دا كلام جرائد بمعنى أنه كلام لا يحمل الصدق، وحقيقة إن الجرائد تتلقف الأخبار من الناس والأخبار تحتمل الصدق والكذب، ولكن أن يكذب الصحفي على نفسه وعلى القارئ تصبح هنا المشكلة.. والقارئ له الحق أن يقول كلام جرائد.
قبل أيام في احتفال التقيت أحد الوزراء النشطين في مجال عملهم، ولكن قليل الحديث للصحف.. قلت له السيد الوزير نطاردك منذ فترة طويلة لإجراء حوار معك أخيراً نجدك في حوار مطول مع واحدة من الصحف؟، تعجب السيد الوزير وقال لي ما حصل أن جلست لصحفي في حوار لا الآن ولا قبله، ولكن تعال أعطيك السر، قلت له: كيف؟ قال لي: في مناسبة من المناسبات أو الاحتفالات كنت أتحدث وتلك الصحيفة أخذت حديثي ووضعت بعض الأسئلة واعتبرته حواراً، ولكن أنا لم أجلس معها مطلقاً.. إذا أردت مثل ذلك تحين الفرص أو المناسبات وتعال خذ الحديث وضع أسألتك ليصبح حواراً.. قلت للسيد الوزير أنا لا أرضى لنفسي مثل ذلك ولا أستطيع أن أغش القارئ بأنني قد التقيت بالوزير الفلاني وقال كذا وكذا فهذه خدعة لن أقوم بها، فالغش في الصحافة موجود بكثرة والفبركة موجودة والخيال متوفر لدى كثير من الصحفيين، ولكن كيف تسمح صحيفة لمحرر يخدعها بحوار مع وزير لم يلتقه، قد يحدث ذلك في الصحف الرياضية خاصة مع اللاعبين الذين يحبون الشهرة ويحبون أن تكتب عنهم الصحف، وأذكر عندما كنت أتولى رئاسة تحرير صحيفة (الصقر الرياضية) كان هناك صحفي يعمل معنا من حيث الإمكانيات الصحفية كان ممتازاً ولكن ظل يطلق لنفسه الخيال في إجراء الحوارات الوهمية مع اللاعبين حقيقة لم يشتك لاعب نزل حوار معه ربما يكون هذا الصحفي على اتصال باللاعب وحتى (يقشر) الصحفي بأنه صاحب اللاعب فلان الفلاني وأجرى معه حواراً كاملاً بالصحيفة الفلانية وهو من المقربين إليه طالما الحوار لم يسئ إلى اللاعب أو يفشي أسراره أو يتعرض لأسرته أو ينتقده في مواضع مختلفة يصبح الحوار فيه خدمة للاعب، ولكن أيضاً في العرف الصحفي هذه خدعة فاكتشفته بعد أسرَّ إلا بعد أن تركنا الصحيفة فقلت له والله لو ربنا جعلني على رأس صحيفة أخرى ولو كنت الصحفي الوحيد وأشطر الصحفيين الموجودين لن تعمل معي قلت له لقد خدعت نفسك أولاً قبل أن تخدعني وخدعت القارئ أيضاً.
وأسوق مثالاً آخر لزميل صحفي وقتها كنا في صحيفة (الأيام) فطلب زميلنا حوار مع السيد “أحمد الميرغني” ووقتها السيد “أحمد” كان رأس الدولة فطلب منه تقديم محاور الحوار لمكتبه وبالفعل قدم المحاور وظل في انتظار أن يطلب منه الحضور للجلوس مع السيد “أحمد” لإدارة الحوار ولكن بعد عدة أيام جاءته إجابات مكتوبة على الأسئلة التي تقدم بها ولكنه رفض أن ينشر الحوار المكتوب ووافقه الرأي الرجل الأول أو الثاني في الصحيفة لأن الحوار أصلاً لابد أن يجلس الصحفي مع الشخص المراد حواره فهناك معلومات كثيرة تتدفق من الحوار المباشر، ولكن أن يكون الحوار عبر الردود في ظني أن نكهة وطعم الحوار يكون مفقوداً، ولكن في ظل صحافتنا هذه يمكن أن يحدث أي شيء والصحفي لا يبالي أن جاءته الردود مكتوبة أو مفبركة، وقلة من يحاولون الانتصار لكرامتهم الصحفية.