ما بين الفلاتية ومنار صديق
من أجمل الأصوات الغنائية النسائية التي مرت على الساحة بالسودان صوت الفنانة الراحلة “عائشة الفلاتية”، لقد امتلكت الفنانة عائشة صوتاً عذباً وطروباً، ولا أعتقد أن الساحة الغنائية قد أتت بمثله، ولا أعتقد أنه سيأتي بعدها إلا أن يكون شبيهاً ولكن لا أظن سيكون شبيهاً.
لقد كانت “عائشة” تلقائية وعفوية في حياتها قالت في حوار عثرت عليه في (النت) إنها واجهت صعوبات كثيرة من قبل أسرتها عندما اقتحمت عالم الفن، ولكن بفضل بعض الفنانين المقربين إليها استطاعت أن تعبر وتتجاوز كل عقبات الأسرة إلى أن ذهبت إلى جمهورية مصر العربية وسجلت عدداً من الأغاني على فترات، ومن ثم ذاع صيتها الغنائي وأصبحت من المغنيات المشهورات وكثر الطلب عليها ليس في بيوت الأفراح ولكن تجاوزها إلى الوطن فكانت تذهب إلى مناطق العمليات أو معسكرات الجنود للترفيه وحفظت العديد من الأغاني الحماسية التي تدفع الجنود إلى القتال أو تقلل عنهم معاناة الظروف التي كانوا يعيشونها.
لقد رحلت عنا الفنانة “عائشة الفلاتية” وتركت لنا إرثاً فنياً خالداً تستفيد منه الأجيال. وعندما نتذكر الراحلة “عائشة الفلاتية” وننظر إلى الفنانين الآن لا نجد صوتاً أقرب إليها إلا صوت الصاعدة “منار صديق” تلك الفتاة التي دخلت عالم الغناء من أوسع أبوابه، وإذا كان الأستاذ “بابكر صديق” قد أتاح لها فرصة الظهور عبر برنامج (نجوم الغد) ولكنها استطاعت أن تثبت وجودها الفني بإمكاناتها وقدراتها التي حببت إليها جمهور الغناء في السودان.
فالفنانة “منار” تشبه إلى حد ما في صوتها الغنائي صوت الراحلة “عائشة” وقد استطاعت أن تؤدي كل أغانيها باقتدار.. وإذا وجدت من يقف إلى جانبها من حيث القصيدة واللحن الجيد فإننا سوف نقول إن الفنانة الراحلة “عائشة الفلاتية” قد عادت من جديد إلى الساحة الغنائية، ولكن من يقف إلى جانبها ويقدم لها الكلمات الرصينة واللحن الطروب لتثبت للذين يحاولون أن يتشبثوا بالغناء وهم لا يملكون الأدوات التي تؤهلهم إلى ولوج عالمه.
والفنانة “منار” إبداعها ليس محصوراً في أغاني “الفلاتية” ولكنها أجادت وأبدعت عندما تغنت للراحل “عثمان حسين” و “الكاشف” وغيرهما من الفنانين، لها صوت عذب وجميل وهي موهبة غنائية أكثر ما يميزها بساطتها وعفويتها التي تشبه الراحلة “الفلاتية”، لقد أعجب بها الإمام “الصادق المهدي” وفي عيد ميلاده أبدعت مما دعاه لتقديم خاتمه هدية لها، فهنيئاً لها بالخاتم وهنيئاً لها بالجمهور الذي يقف إلى جانبها.