ظل المواطن السوداني على طول تاريخه يتحمل نتائج قرارات السياسيين وأفعالهم وأعمالهم، وظل يدفع فاتورة التخبط والتردد والقرارات الخاطئة، والنتيجة ما وصلنا إليه الآن من حالة انهيار على المستويات كافة، وهو ليس انهيار بسبب فقر مواردنا، ولا نضوب ثرواتنا، ولكنه انهيار لأن الدولة السودانية لم تجد من يديرها كما ينبغي أن تدار، لكن أن يصل الحال إلى أن تحمل الحكومة نتائج فشلها في مواجهة (الكورونا) ووقوفها في العقبة كما حمار الشيخ تتلفت يميناً ويساراً هو أمر غير منطقي ولا مقبول ولا عقلاني ولا إنساني، وكدي خلوني أحاول أن أستوعب قراراً مثل قرار الحظر الكلي في مدينة مثل الخرطوم الغالبية العظمى من سكانها هم فقراء يعيشون رزق اليوم باليوم، والواحد فيهم رزقه في (ضراعه) ــ كما يقولون، وبالتالي هذا الحظر الكامل يعني ببساطة قفل هذه البيوت، وتحويلها إلي خرابات ينعق فيها البوم، ليصبح أمام حكومة “حمدوك” خياران لا ثالث لهما، إما أن تطبق الحظر الكامل وتتكفل بمسؤولياتها الاجتماعية تجاه هذه الأسر، وتقوم بحصرها ومعرفة احتياجاتها، ومن ثم إمدادها بما يكفيها من مواد غذائية ضرورية، ما قلنا ليكم (بيرجر) ولا (فراخ) لكن على الأقل ما تحتاجه من خبز وخضروات، وكان بحبحتوها شوية ما يحتاجه أطفالها من حليب، أو أن يظل الحظر ليلياً كما هو الآن، وتقوم الحكومة ووزارة الصحة بكرب (قاشها) ومواجهة خطر (الكورونا) بالضوابط والتوجيهات والتعقيم لأماكن العمل والأسواق والتجمعات، وبث الوعي الكافي، كما تفعل كثير من الدول حولنا، وتمشوا بعيد ليه، ومصر القريبه دي رفعت شعار يد للإنتاج ويد لمحاربة (الكورونا) ما في زول يا دكتور “حمدوك” بتقول ليه اقفل بابك عليك عشان أولادك ما يموتوا (بالكورونا) وهو يعلم أن أولاده سيموتون بالجوع أمام عيونه.
لذلك ما يحدث الآن هو تنصل من الحكومة تجاه مسؤولياتها الصحية والاجتماعية والإنسانية تجاه مواطنيها، وتمارس فعلاً مزدوجاً غريباً، وهي تطلق سراح السجناء من سجونهم، وتحول المواطنين إلى مساجين في سجن كبير هي ليست مسؤولة عنه!.
الدائرة أقوله إن تطبيق الحظر بهذا الشكل ستكون عواقبه وخيمة على كل المستويات الأمنية والاجتماعية ما لم تكن للحكومة خطة واضحة لمواجهة هذا الوضع الكارثي، لكن تقفلوا البلد بالضبة والمفتاح، وتريحوا بالكم ستكون مجرد (أحلام زلوط) التي سنصحو منها على كابوس برضو سيدفع فاتورته المواطن السوداني.
في كل الأحوال يبدو أننا موعودون بأفلام لم تخطر على خيال أبرع كتاب السيناريوهات في (بوليود وهوليود)، والحظر بهذه الطريقة هو عدم تقدير وفهم من الحكومة للوضع في البلاد وخصوصية طرق كسب العيش في السودان، وهذا الشعب المأزوم مرفوع عنه دعم الحكومة في أي شيء وكل شيء، فكيف سيعيش الناس ثلاثة أسابيع بين أربع حيطان يا معالي وزير المالية؟ كيف سيكون رمضان هذا العام يا معالي دولة رئيس الوزراء؟ هل معقولة أنكم فقدتم الإحساس إلى هذه الدرجة وأصبحتم منفصلين عن واقع الغبش والتعابى الذين جاءوا بكم حكاماً؟ عموماً إذا تطبيقكم الحظر من زاوية حياتكم ومرتباتكم (الما خمج) وعرباتكم (المفوَّلة بنزين) وأموركم (باسطة)، فما بتجيكم عوجة، وحباب الحظر، أما إن كان الحظر من زاوية خالتي “مريم” السيدة التي تعمل باليومية (غسيل ومكوة) التي أخبرتها بالحظر وألا داعي لحضورها من الأسبوع القادم فصرخت حتى كادت أن يغشي عليها: (طيب حنأكل من وين؟ فالترابة في خشمنا).. وشكراً “حمدوك”.
كلمة عزيزة
حمَّل “مدني عباس مدني” أزمة الخبز للوكلاء، وذهب الوكلاء، ولم تنته أزمة الخبز، كدي رأيك شنو يا سعادتك تمشي انت فربما هذا هو الحل؟
كلمة أعز
قلبي على الغبش والتعابى، قلبي على الكادحين، قلبي على الواطين على الجمرة، أرجوكم تفقدوا هؤلاء حتى لا نكتشف أنهم أموات داخل بيوتهم.