عدو غير معلوم
لم أجد توصيفاً دقيقاً لفيروس كورونا سوى أنه عدو غير معلوم، ينقل المعركة إلى جسدك دون أن تراه، في الحروب العادية أنت تعرف عدوك وتحدد قوته وآلياته العسكرية التي يستخدمها لتجهز نفسك بموجب ذلك لتصل في نهاية المطاف إلى نتيجة الهزيمة لخصمك، ولكن في حالة كورونا تكون مغيباً عن الخصم، ولكن تكون المعلومات بشأنه متوفرة دون أن تعرف متى سيهجم عليك ومتى يصل إلى ساحة المعركة، وكل هذه المعلومات تقلل من فرص هزيمة هذا المرض اللعين.
في مقابل كل هذا الغموض عن المرض القاتل هناك كثير من التدابير غير المكلفة والإجراءات غير المعقدة التي يمكن أن تسهم بصورة مباشرة في ضرب العدو منذ أول هجمة بأخرى مرتدة، النظافة عنصر من بين هذه العناصر الوقائية وكذا الحال تجنب المصافحة وتعقيم المنازل وأسطح الترابيز والأثاثات المكتبية التي نستخدمها، أيضاً تجنب الازدحام، الموالاة في غسل الأيادي وتطهيرها بصورة جيدة بين الحين والآخر، تجنب الزحام والمكوث في المنازل لأطول فترة، هذا غير معينات بسيطة يمكن أن تجنبنا الوقوع أسيرين لهذا المرض اللعين.
الاستهانة بالمرض من شأنها أن يوقعنا في فخ الإصابة وما أكثر الذين أصيبوا من أولئك الذين استهزأوا وسخروا، كنت سابقاً من الذين يتهاونون من هذا الفيروس، ولكن من خلال متابعة تمدد المرض فإنه لا سبيل لمنعه إلا التحصن بالمعرفة والثقافة الطبية هذه تشكل أكثر من(50%)، ولكنني أصبحت أكثر قناعة أن الأبواب والنوافذ المغلقة وحدها لا تحمي من المرض ما لم تكن على وعي تام به.
شاهدنا كيف هزم هذا العدو الدول العظمى، والمئات من الأرواح بل تزيد تموت يومياً، والدول تعجز عن صد العدو، باستثناء حالة الصين أكثر الدول إصابة فالدولة تعاملت بجدية كبيرة وأغلقت المدن وكان وعي الشارع كبيراً مما ساهم وفي وقت وجيز في تجاوز الجائحة، وإعلان الصين دولة خالية من الإصابة بكورونا.
حظر التجوال الذي فرضته السلطات السودانية زاد الطين بلة، فلو قدر لأي مسؤول أن يشاهد يوم (الخميس) الماضي كيف كان الناس يتزاحمون في السوق المركزي الخرطوم والأنفاس تختلط ببعضها البعض لأعلن قراراً آخر برفع حظر التجوال، تعلمون ما السبب في هذا الزحام والذي أتوقع أن يكون قد استمر إلى ما بعد الساعة العاشرة ؟
السبب أن شائعات تسربت بأن الحكومة ستغلق الأسواق وهذا ما دعا معظمهم لأن يتزاحم في السوق، وفي الأماكن العامة أرجو أن تعيد السلطات النظر في أمر حالة الطوارئ إما أن تكون منذ وقت مبكر أو أن يرفع حتى يقل التكدس والتزاحم. والله المستعان.