تقرير- عبد المنعم مادبو
بمبادرة ورعاية من قيادة قوات الدعم السريع، طوت جنوب دارفور صفحة من صفحات النزاعات المسلحة التي تشهدها الولاية من وقت لآخر بسبب انتشار السلاح بأيدي المواطنين، وهو نزاع يدلل على مستوى تطور النزاعات بدارفور إلى أن بلغت حد الاقتتال بين أبناء العشيرة الواحدة، ففي يناير الماضي، لقي (5) أشخاص مصرعهم إثر اشتباك مسلح بين أبناء أحد بطون الرزيقات “الماهرية” في منطقة تقع على بعد (38) كيلو متر جنوبي حاضرة الولاية نيالا، فالمعركة المسلحة وقعت بين شباب من “أولاد منصور وأولاد قايد” وهما فرعان يتبعان لـ”الماهرية” إحدى بطون الرزيقات، وبحكم وجود قائد ثاني الدعم السريع الفريق “عبد الرحيم حمدان دقلو” في جنوب دارفور، أثناء وقوع الحادثة، سارع إلى إخمادها قبل أن تستفحل وقد أفلح في ذلك بمساعدة زعماء الإدارة الأهلية بالولاية، وشكل “دقلو” على الفور لجنة مشتركة أهلية وعسكرية من الدعم السريع لمعالجة المشكلة وإعادة العلاقات بين الطرفين، وتحركت اللجنة برئاسة النقيب “شمس الدين التوم” والعمدة “عبد الله أبو نوبة”، وجلست مع قيادات الطرفين وأسر القتلى والجرحى والمتأثرين وتوصلت معهم إلى اتفاق تم التوقيع عليه بحضور والي جنوب دارفور، اللواء “هاشم خالد محمود” وممثل قائد ثاني الدعم السريع العقيد “يوسف البلولة” وقائد قطاع جنوب دارفور بالإنابة العقيد “مهدي حمدان” وعدد من زعماء القبائل بالولاية.
وتقول قوات الدعم السريع إن رعايتها للصلح والتسامح بين أبناء القبيلة الواحدة يأتي ضمن برامجها وأنشطتها لتعزيز السلام والتعايش السلمي بين مجتمع دارفور.
وأوضح رئيس لجنة الأجاويد العمدة “عبد الله أبو نوبة” أن النزاع بين أولاد “منصور” وأولاد “قايد”، راح ضحيته (5) أشخاص، وأنه بفضل سرعة تحرك قوات الدعم السريع وقيادات الإدارة الأهلية من قبائل الولاية، تم إخماد المشكلة في أقرب وقت، وأبان أن الاتفاق نص على أن يتم سداد الممتلكات التي نهبت من الطرفين بواسطة المتهمين المشاركين في الأحداث وأسرهم، وأوضح أن جملة المنهوبات بلغت (645) ألف جنيه تؤخذ من الجناة أو ذويهم، ولن تتحمل القبيلة أي أعباء مالية تنجم عن أي نزاع في المرحلة المقبلة، على أن تدفع الديات حسب العرف المعمول به لدى قبيلة الماهرية، كما نص على أنه في حال وقوع أي جريمة لاحقاً يتم القبض على مرتكبها أو والديه وأشقائه.
فيما أكد ممثلو الطرفين الموقعين تجاوزهم المشكلة التي وقعت بينهم، وقال عمدة أولاد “قايد”، “علي حسين ضي النور” إن النزاع الذي وقع طابعه فردي بين (3) شباب لكنه تفاقم وأدى إلى مقتل (5) أشخاص، وأضاف اليوم جئنا إلى هذا الملتقى متعافين وعلى قلب رجل، وأردف “مشكلة حدثت وتجاوزناها”، بينما وصف عمدة أولاد “منصور”، “حمودة صلاح الدين” النزاع بسحابة صيف عابرة، وقال “من هذا الملتقى أبعث برسالة لأهلنا في دارفور بأن نتسامح ونتسامى، لأن السودان الآن يمر بظروف استثنائية تتطلب وحدتنا”.
وأشاد والي الولاية بالجهود التي قامت بها قوات الدعم السريع والقيادات الأهلية في التوصل لهذا الاتفاق، وقال إن الولاية بحاجة لعمل كثير في بناء السلام الاجتماعي، وزاد “أن جنوب دارفور تحتاج لسواعد أهلها وتوحيد كلمتهم للخروج من التركات الثقيلة التي ورثتها من النظام السابق”، مطالباً الجميع بالمحافظة على الأمن والاستقرار.
وناشد “هاشم” الحكومة الانتقالية وحركات الكفاح المسلح بضرورة الإسراع للوصول إلى اتفاق سلام شامل ينعم به الشعب السوداني، ويعود النازحون إلى قراهم، وتهيئة الأجواء لعبور الولاية نحو التنمية، وأضاف قائلاً لأهل الولاية “ساعدونا ببناء وتماسك النسيج الاجتماعي والتعايش السلمي ودعونا نحمى الحدود من الاتجار بالبشر وتجارة المخدرات والسلاح”، وأضاف أن وثيقة الصلح التي تمت ستكون طريقاً للمصالحات التي تتم بالولاية.
ونقل ممثل قائد ثاني قوات الدعم السريع العقيد “يوسف البلولة يوسف” مباركة قيادة قوات الدعم السريع للتسامح والتصافي الذي تم بين أبناء قبيلة الماهرية أولاد “قايد” وأولاد “منصور”، وأكد “بلولة” جاهزية قوات الدعم السريع للمساهمة مع القوات المسلحة في تثبيت دعائم الأمن ومحاربة الظواهر السالبة والتجارة غير المشروعة وكل ما يعكر صفو الحياة بالولاية والتصدي لكل من يزعزع أمن المواطن.
وأعرب “البلولة” عن استعداد الدعم السريع لمعالجة النزاع الذي وقع في منطقة “حجير تونو” الأسبوع الماضي، والذي راح ضحيته نحو (14) شخصاً، وقال “اليوم تمكنا من وضع حد لهذه المشكلة بين بطون الرزيقات، ونحن جاهزون كذلك لمعالجة مشكلة حجير تونو”، وطلب من لجنة أمن الولاية مد قوات الدعم السريع بالمعلومات الخاصة بالمشكلة وأسماء المتهمين، حتى تباشر ذات اللجنة عملها في حل المشكلة، وأضاف “سنجعل الولاية تعيش في أمن واستقرار”.
ومن جانبه أكد قائد قوات الدعم السريع قطاع جنوب دارفور بالإنابة العقيد “مهدي محمد حمدان” أن قوات الدعم السريع أرادت من رعاية وتحقيق الصلح بين “أولاد منصور وأولاد قايد”، إيصال رسالة بأن قوات الدعم السريع تعمل وسط المجتمع بولايات دارفور لإصلاح ذات البين ونصرة المظلوم.
وطلب “المهدي” من طرفي النزاع في منطقة “حجير تونو”، أن يسمحوا لقوات الدعم السريع بالتدخل لمعالجة المشكلة وتحقيق الصلح والتصافي بينهم، وقال إن قواته مستعدة لتقديم كل ما لديها من تجارب في سبيل تحقيق السلام الاجتماعي بين المكونات السكانية، فهل تفلح قوات الدعم السريع ومساعدوها الأهليون في معالجة النزاع في منطقة “حجير تونو”، الذي ظل يتكرر لأكثر من أربع سنوات في هذا التوقيت من كل عام، وتضع له حداً؟