تقارير

حركة “عبد الواحد” وحزب الأمة القومي .. اتهامات متبادلة

في ندوة القضارف

القضارف ـ سليمأن مختار
لم يكن متوقعاً أن تتحول الندوة السياسية التي أقامتها حركة تحرير السودان جناح “عبد الواحد محمد نور” مؤخراً إلى ساحة للتلاسن السياسي، لكن هجوماً من قبل المتحدث في الندوة القيادي بالحركة “شريف محمد” تجاه حزب الأمة القومي حول الندوة إلى حلبة صراع فكري احتدم ووصل مرحلة التلاسن والانفعال بينه وبين الأمين العام لحزب الأمة بالقضارف “عطا حسين” الذي تولى أمر الدفاع عن حزبه ولم تخلُ مرافعاته عن بعض الهجوم على حركة “عبد الواحد”.
هجوم على القوى السياسية.
عندما خاطب رئيس حركة تحرير السودان “عبد الواحد محمد نور” الندوة من مقر أقامتها في باريس هاجم الأحزاب السياسية التاريخية ووصفها بأحزاب الصفوة، وقال إن هذه الأحزاب وقعت في خطأ تاريخي منهجي بعد الاستقلال جراء فشلها في بلورة مشروع وطني يتراضى عليه الجميع لإدارة التنوع بالسودان تتوافق وتتواثق عليه كافة المكونات السودانية، ولفت إلى أن ذات القوى الصفوية قامت الآن باختطاف الثورة وأن عليها أن تدرك أن سياسة الأمر الواقع في هذه المرحلة باتت غير محتملة بعد تكشف الخلل التاريخي لأزمة الحكم في السودان عقب ثورة ديسمبر، مطالباً تلك القوى بضرورة الاعتراف بحقوق الآخرين.
حزب صفوي
القيادي بالحركة “شريف محمد” أشار إلى أن ثورة ديسمبر ثورة تراكمية شاركت كافة فيها الحركات عبر نضال تاريخي امتد لأكثر من عشر سنوات من أجل إعادة الدولة التي كانت مختطفة من بعض المجموعات الصفوية منذ الاستقلال، مشيراً إلى أن أزمة الحكم في السودان هي نتاج طبيعي للتهميش السياسي والاجتماعي الذي طال سكان الهامش ومن ثم شن هجوماً عنيفاً على حزب الأمة القومي بزعامة “الصادق المهدي” قائلاً: إنه يمثل أحد الأضلاع الرئيسية لقوى الفشل الصفوية التي شاركت في إطالة أمد الأزمة السودانية .
اتهام مباشر
وإن كان “عبد الواحد” قد عمم فكرته إلا أن “شريف” وجه اتهاماً مباشراً لحزب الأمة بأنه عمل على ترسيخ سياسة الاستلاب الديني الفكري مع أبناء الهامش وإجهاض حقوقهم السياسية وجعلهم أصحاب ولاء وطاعة عمياء يركضون في فلك بيت “آل المهدي” علاوة على تقديس بعض البيوتات التاريخية وتأسف لعدم قيام دولة سودانية تستوعب مكونات السودان المتنوعة على أساس العدالة الاجتماعية التي يتساوى فيها الجميع دون إقصاء، مشيراً إلى أن كل ذلك شجع أطماع بعض دولة الجوار باحتلال منطقتي الفشقة وحلايب في شرق السودان.
دفاع مستميت
لكن انبرى الأمين العام لحزب الأمة بالقضارف “عطا حسين”في الدفاع عن الاتهامات التي ساقها “شريف” لقوى الحرية والتغيير والحكومة الانتقالية وحزب الأمة، مشيراً إلى أن طرح الحركة الناقد للحكومة فيه تجنٍ على مكتسبات الثورة وينم على نهج إقصائي يكرس لعدم احترام الرأي الآخر، مؤكداً أن الثورة لم ولن يستطيع أحد أن يختطفها وأن من يقود الحكومة الحالية هم صناع الثورة وحماتها، ولفت إلى أن المكون العسكري ساهم في إنجاز الثورة بانحيازه لمطالب الثوار .
هجمة مرتدة
وقاد الأمين العام لحزب الأمة بالقضارف “عطا حسين” هجوماً على حركة تحرير السودان في محاولة لإبعاد الاتهامات عنه ، مبيناً أن الحركة تمارس سياسة البلطجة السياسية حيال حزب “الأمة القومي”، مشيراً إلى أن الملابسات التي صاحبت زيارة رئيس الحزب “الصادق المهدي” لدارفور الشهر الماضي كانت من تخطيط حركة “عبد الواحد”، وقال ” ما حدث في الجنينة والفاشر من تعرض وفد حزبه للمضايقات من قبل منسوبي الحركة يؤكد ذلك رغم الأجواء الديمقراطية التي أفرزتها الثورة”، لافتاً إلى أن حزب الأمة حزب عريق ويمتلك قواعد جماهيرية ضخمة في دارفور.
دواعي الصراع
الملاسنات التي صاحبت الندوة كانت مثار نقاش طويل في الأوساط السياسية في مدينة القضارف خاصة وأنها جاءت كمن نقل مسرحاً لأحداث جرت في إقليم دارفور إلى ولاية بعيدة جداً، لكن أعاد هؤلاء الأمر إلى تشابه القضايا في كل الولايات.
ويرى مراقبون أن الخلافات بين حزب الأمة والحركات المسلحة والعلاقة التي ظلت لفترة في مربع التوتر والمشاكسات والمشاحنات السياسية ما هي إلا انعكاس طبيعي للتنافس المحتدم بين الطرفين في مناطق النفوذ والثقل الجماهيري لذلك كثيراً ما تحدث هذه التجاذبات بينهما خلال الفترة الماضية مستشهدين بحادثتي الجنينة والفاشر وفي ندوة القضارف التي جاءت امتداداً للحراك السياسي الذي ظلت تشهده القضارف عقب ثورة ديسمبر لتؤكد الوزن الاقتصادي والسياسي والاجتماعي لمدينة القضارف باعتبارها سوداناً مصغراً أصبح حلبة صراع سياسي تتبارى فيه كافة القوى السياسية بالبلاد التي تبحث عن منصة انطلاق لنشاطها السياسي والتنظيمي ، فضلاً عن التعاطي مع مجريات الحراك السياسي ومخاطبة جماهيرها قواعدها وكسب ولاءها استعداداً للمرحلة القادمة.
تغيير مسار
غير بعيد عن التشاكس بين الحزبين الذي انتحي بالندوة منحى آخر كانت تلك الندوة نواةً لحراك سياسي كبير يمكن أن تشهده الساحة السياسية خاصة مع إمكانية الاستفادة من التكنولوجيا في طرح وجهات النظر، فقد خاطب الندوة رئيس حركة تحرير السودان “عبدالواحد محمدنور” من مقر إقامته في باريس.
دولة عميقة
“عبد الواحد” أدان المحاولة الفاشلة لاغتيال رئيس مجلس الوزراء، مبيناً أن ما حدث يؤكد أن النظام السابق مازال متجذراً في مؤسسات الدولة، وطالب بتحرير رئيس الوزراء من قبضة قوى الحرية والتغيير بأن يكون رئيساً للحكومة المدنية، فضلاً عن إعلان مشروع انتقالي وخطة اقتصادية وفقاً لرؤية علمية واضحة لإخراج البلاد من الأزمة الاقتصادية الخانقة التي قال إنها ضربت كافة أوجه الحياة.
ولفت نور إلى ضرورة أن تشمل الخطة إيقاف الارتفاع الجنوني للعملات الأجنبية مقابل الجنيه علاوة على أن يتضمن المشروع الانتقالي إصلاحات واسعة في مجال التعليم والصحة وتأهيل البنى التحتية في كافة المجالات.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية