تقارير

(المجهر) كانت في انتظارهم منذ الساعات الأولى لفجر (الجمعة)

هدوء ومخاوف بالمطار تسبق هبوط طائرات العائدين

سودانيون عائدون يقطعون إجازاتهم بالخارج للحاق بمهلة الـ(48) ساعة لفتح المطار
استنفار وإجراءات صحية مشددة في استقبال مئات السودانيين بمطار الخرطوم
غياب تام للمسؤولين وارتفاع أجرة أصحاب المركبات استغلالاً للظروف
مواطن يتسبب في هلع و”ربكة” داخل الطائرة لاشتباهه بـ(كورونا)
مستقبلون دون (كمامات) يصافحون العائدين بحرارة دون الاكتراث لانتشار “الفيروس”
الخرطوم- سفيان نورين
بين ظلام الليل وأنفاس الصباح والرياح الشمإلىة الباردة اتجهت صحيفة (المجهر) في الساعات الأولى لصباح أمس (الجمعة) صوب صالة الوصول بمطار الخرطوم الدولي، وجدت حالة من الاستنفار الكاملة والطوارئ القصوى، مصحوبة بإجراءات صحية مشددة، لاستقبال مئات السودانيين العائدين من عدة دول متعددة، كانوا عالقين بها نتيجة لإغلاق المطار خلال الأيام الماضية، وسط أجواء من الهدوء المريب والمخاوف التي تمددت على مباني وفضاءات المطار الذي لم يكن كسابق عهده قبل ظهور فيروس (كورونا)، فالمتواجدون بصالة الوصول حتى موعد قدوم آخر طائرة للسودانيين العائدين عند الثامنة صباحاً، لم يتجاوز الثلاثين شخصاً بمن فيهم المستقبلون وموظفو المطار وأصحاب تكاسي الأجرة.
(المجهر) رابطت بمطار الخرطوم منذ الساعة الواحدة لفجر أمس في انتظار السودانيين العائدين إلى البلاد، وحرصت على الاستفسار عن حالة التوجس وسط المواطنين لتجاوب على التساؤلات المطروحة التي شغلت الرأي العام منذ إعلان وزارة الصحة عن حالة اشتباه بفيروس (كورونا)، وبين الحقيقة والواقع تحدث العائدون عن عدد من القضايا حتى ما دار داخل الطائرة حتى تجاذبهم لأطراف الحديث فيما بينهم عن احتمالات الحجر أو إطلاق سراحهم إلى أسرهم.
توافد الرحلات
وبدأت أول رحلات الطيران للسودانيين العائدين إلى البلاد عند الساعة الواحدة والنصف صباح أمس (الجمعة) قادمة من مطار “نيروبي” عاصمة دولة كينيا، بعدها بساعة واحدة وصلت طائرة شركة بدر من “أديس أبابا” لمطار الخرطوم، ونحو الساعة الثامنة صباحاً حطت طائرة العالقين من دولة الإمارات العربية المتحدة رحالها على مدرج مطار الخرطوم، عقب انتظار استمر لخمس ساعات، لجهة إعلان وصولها المحدد له الثالثة صباحاً.
تجأهل (كورونا)
وفور هبوط الرحلات الثلاث (الإثيوبية، الإماراتية، الكينية) على مدرج المطار، هرع فريق طبي متكامل لإجراء فحص احترازي لكافة ركاب هذه الطائرات، لمتابعة وجود أية حالة اشتباه ليتم حجزها خوفاً من تسلل فيروس (كورونا) إلى داخل البلاد، بينما لاحظت (المجهر) تعامل السودانيين العائدين مع ذويهم المرابطين في انتظارهم بالمطار بكل أريحية و”اللامبالاة” متعمدين الاحتكاك المباشر، دون الاكتراث للإصابة بأية حالة كورونا قد يحملها القادمون من خارج الوطن، مما دفع أحد العائدين بالتعليق قائلاً “يا أخوانا انتو مابتخافوا من كورونا، نحن جايين من دبي وليس السوق الشعبي أم درمان” .
سفريات محدودة
وكان لافتاً أثناء تجوال (المجهر) داخل ساحات المطار، الوجود الضعيف جداً للمسافرين أمام صالة المغادرة، في انتظار الإقلاع إلى مدينتي “كانو” النيجيرية و”جوبا” عاصمة دولة جنوب السودان التي غادرت طائرتها البلاد عن الساعة الخامسة فجراً، ودار معظم حديث المتواجدين بالمطار عن فيروس كورونا وهم يرتدون الأقنعة الواقية (الكمامات) والجوارب إلىدوية، بينما آخرون امتنعوا عن ارتداء أي منها واكتفوا بعدم الاحتكاك بغيرهم والجلوس وسط التجمعات.
كشف “حراري”
وأكد عدد من السودانيين العائدين من دول مختلفة لـ(المجهر)، أن الوضع طبيعي من البلدان القادمين منها وأنه ليس هنالك دافع للخوف والهلع الكبير من فيروس كورونا، لجهة أن كافة إجراءات الفحص بالمطارات أكدت على سلامتهم من ذلك الوباء، مبينين أن إجراءات الكشف الحراري عمل طبيعي في كل المطارات تحوطاً لوجود حالات اشتباه بالفيروس، فيما قلل بعض العائدين من اكتفاء السلطات الصحية بالمطار بجهاز الكشف الحراري دون أي إجراء فحص احترازي آخر.
طائرة خاصة
وأشارت مسؤولة بمكتب استعلامات مطار الخرطوم – فضلت حجب اسمها، إلى وصول ثلاث رحلات قادمة من دول كينيا وإثيوبيا والإمارات العربية المتحدة على متنها السودانيون العائدون من تلك البلدان، عقب المهلة التي حددتها سلطات المطار لفتح مجاله الجوي لمدة (48) لعودة العالقين، ونوهت إلى انتهاء المهلة إلىوم (السبت) بوصول آخر طائرة قادمة من مدينة “دبي”، وأشارت إلى أن الرحلات المغادرة حتى ظهر أمس تنحصر في دولتي جنوب السودان ونيجيريا، لنقل طلاب جامعة أفريقيا العالمية إلى دولهم، وزادت قائلة “هناك طائرة خاصة هبطت في المطار لكنها تتبع لمنظمة” .
اكتمال الحجر
ونوه “مصطفى القاسم” أحد العائدين من مدينة “دبي” يعمل بتجارة السيارات، إلى وجود سودانيين آخرين عالقين بدولة الإمارات، مبيناً أنهم لم يجدوا حجزاً “مقاعد” في الطائرة التي جاءت بهم، وتابع “الناس ديل هناك كتار”، مؤكداً أن(90%) من المتواجدين بدولة الإمارات هم سودانيون، وأبدى “القاسم” استغرابه من حالة الهلع والصمت داخل المطار بسبب فيروس كورونا، لافتاً إلى أن الأمر في مدينة “دبي” طبيعي بالرغم من إغلاق سلطاتها حركة الطيران.
وأضاف لـ(المجهر): “سلطات دولة الإمارات تتعامل مع فيروس كورونا بكل جدية من خلال الإجراءات الصحية في ارتداء الكمامات وغسل الأيدي بالمطهر والصابون واستعمال التعقيم في أماكن العمل وتواجد أماكن الخدمات”، معتبراً أن بعض السودانيين “بكبروا الموضوع” إلا أنه استدرك قائلاً: صحيح الوباء خطر فتك بكثير من دول العالم، مشيراً إلى ممارسة الحياة الطبيعية بمناطق الشارقة وعجمان وأبوظبي، وزاد “حتى الأسواق والمطاعم الأمر عادي”.
قطع الزيارة
فيما أشارت الحاجة “أم سلمة” كانت من أواخر المغادرين لصالة الوصول، إلى وجود صعوبات تواجه السودانيين أصحاب الزيارات بدولة الإمارات في العودة إلى البلاد، وأبانت أنها ذهبت إلى دبي في زيارة تمتد لثلاثة أشهر، لكنها استقطعتها إلى خمسين يوماً مع “ابنتها” للحاق بمهلة الـ(84) التي حددتها السلطات بفتح مطار الخرطوم الدولي.
وبشأن الإجراءات الصحية التي اتخذتها السلطات تجاههم، قالت أنها عادية متعلقة بالإرشادات الطبية وجهاز الكشف الحراري الذي لم يثبت أي حالة اشتباه للسودانيين العائدين من “دبي”، ونوهت في إلى تغيير حجوزات بعض السودانيين من سفرية الأمس إلى إلىوم (السبت) .
عودة اضطرارية
وأفاد الشاب “البدري بابكر” أحد العائدين من إثيوبيا، بأنه رغم عودته إلى البلاد أمس (الجمعة) إلا أنه متمسك بالعودة مجدداً إلى أديس أبابا حال معاودة حركة الطيران، مبيناً أنه قدِم إلى السودان مضطراً لإنجاز بعض المهام خلال فترة الـ(84) ساعة، معتبراً أن ما يدور بشأن كورونا في البلاد، إثارة إعلامية وأن كورونا لا وجود لها في أرض الواقع، وتابع “حتى المسؤولين يقومون باتهام شخص بالمرض، وهو مات بدونه”، مؤكداً أن الإجراءات التي اتخذت بالمطار كفيلة بعدم إصابة السودانيين بالفيروس، لافتاً إلى إثارة أحد ركاب الطائرة التي كان بمتنها الخوف والهلع وسط الركاب، بسبب إظهاره لـ(الكحة والعطس) تكراراً، مؤكداً أن جهاز الكشف الحراري بالمطار أثبت عدم إصابته بالفيروس، واختتم قائلاً ” أخافنا خالص وأدركنا بأنه سيصيبنا” .
حالة “قلق”
إلى ذلك، نوهت القادمة من إمارة دبي “سامية محمد” في حديثها لـ(المجهر)، إلى أن الوضع كان مقلقاً لهم خاصة في ظل فتح الأجواء لمدة لا تزيد عن (48) ساعة، لافتة إلى أنها كانت في زيارة بغرض تفقد الأهل بدولة الإمارات وأن انتشار فيروس كورونا والحد من الحركة بداخل الإمارة جعلهم في حالة قلق رغم أن هذه الإجراءات كانت تصب في مصلحتهم، وأردفت ” كسودانين لا نحب التقيد في الحركة ولنا حراك اجتماعي واسع خارج البلاد بجانب المجاملات التي تفرض نفسها بالدخل”، مشيرة إلى أن هناك حالات مرضى سافروا إالى خارج البلاد بغرض الاستشفاء وأنهم إما ينتظرون نتائج فحوصات أو عمليات جراحية وهذه الحالات في ظل قفل الأجواء تزيد من معاناتهم لارتفاع أسعار الدولار بالداخل فضلاً عن شح تداوله .
وقلل “صدام موسى” ضمن العائدين من مطار “كينيا”، من المعوقات التي صاحبت عودتهم بداخل المطار، بيد أنه عاد وقال ” بأنه خاضع لعملية جراحية لم يكمل إجراءات علاجه بعدها لكن استعجال العودة حتم علية الإسراع في القدوم”، منتقداً ما أسماه حالة “الجشع” بشركات الطيران حيث فاقت أسعار رحلة العودة أضعاف الأسعار التي كانت معروفة في السابق، والتي عزاها إلى تسارع ارتفاع الدولار بجانب استغلال ضعاف النفوس لحاجتهم للعودة للوطن وأنه ظل في حالة تواصل مع الأهل بداخل السودان بعد أن قررت الدولة قفل المعابر، وأردف “كان الأحرى أن توفر وزارة الصحة كمامات بالمطار لبعض المستقبلين، لجهة أن العائدين قادمون من دول أعلنت فيها حالات اشتباه مؤكدة بفيروس كورونا).
رحلة على عجل
بينما ذهبت “محاسن أحمد” في حديثها لـ(المجهر)، إلى أنها ظلت في حالة قلق كبير وإرهاق نفسي نسبة لوجود أطفالها الصغار الذين ظلوا في حالة بكاء من رهق العودة، مشيرة إلى أن هذه الرحلة جاءت على عجل وفي ظروف بالغة الخطورة للعالم أجمع ولهم على مستوى الأسرة الصغيرة التي كما ذكرت سابقاً، وأضافت “معاناة فاقت كل التصورات”، مبينة أنها قادمة بغرض إنهاء إقامتها ولم تكمل إجراءاتها بعد، وتساءلت كيف يتسنى لها استكمال الإجراءات المتعلقة بإنهاء الإقامة؟.
وفي حديث مقتضب لـ(المجهر) عبر “خالد محمد”، عن سعادته بالعودة إلى الوطن بالرغم من إجراءات إغلاق المطار وانتشار الوباء، في الأثناء التي انتقد السلطات لعدم وجود مسؤول يستقبلهم بالمطار كما يحدث في بعض الدول، مستنكراً الارتفاع الجنوني لأسعار مركبات الأجرة لنقله إلى المنزل، وزاد “متين سافرنا” .
وكانت سلطات الطيران المدني أعلنت (الأربعاء) الماضي، إعادة فتح مطار الخرطوم الدولي، جزئياً لاستقبال السودانيين العالقين في الخارج بالمطارات والمعابر لمدة (48) ساعة، وشددت السلطات الإجراءات الاحترازية لمنع انتشار الفيروس في البلاد، معلنة عن تخصيص رحلتين للخطوط الإثيوبية والإماراتية لإجلاء سودانيين عالقين في مطاري أديس أبابا ودبي .

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية