حوارات

“عبد الله مسار” نائب رئيس (تحالف نهضة السودان) للـمجهر

البلاد تمر بأزمات حادة وتعتمل فيها صراعات كبرى

الأحزاب المكونة لتحالف (قحت) أحزاب بلا رصيد شعبي
هنالك سيناريوهات متوقعة وإذا ما حدثت سوف تخسف بالبلاد
طرحنا مشروعاً للوفاق الوطني من أجل انتقال آمن.
(الحرية والتغيير) فشلت ومحاصرة من كل الاتجاهات.
المتحكمون في (قحت) لديهم عداء للعسكر.
(الحرية والتغيير) لن تأتي بالسلام وبددت ثقة الحركات المسلحة فيها.
هذا هو سر الهجوم على “حميدتي” .

كشف “عبد الله مسار” رئيس حزب الأمة (الوطني)، نائب رئيس (تحالف نهضة السودان) عن طرح التحالف لمبادرة للوفاق الوطني. وأبدى مسار تخوفه من السيناريوهات المتوقعة حال استمرار الانسداد السياسي الحالي. وتوقع أن تظهر الانتخابات القادمة قوى سياسية جديدة على حساب القوى التقليدية، مؤكداً أن هنالك حالة من الوعي السياسي والمجتمعي انتظمت البلاد. واتهم قوى الحرية والتغيير بالصفوية والمركزية عبر تجاهلها لقضايا الولايات، وإبعادها لأبناء الهامش عن مواقع السلطة.. (المجهر) جلست إليه في حوار حول عدد من القضايا فكانت هذه الإفادات..
حوار- النذير السر
حدثنا أولاً عن تحالف نهضة السودان؟

ــ تحالف نهضة السودان تحالف سياسي يضم أحزاباً وحركات كانت ممثلة البرلمان السابق، بعضها شارك في البرلمان عن طريق الانتخابات، وبعضها كانت لديها اتفاقات مع الحكومة السابقة، هذا التحالف يتكون من حزب العدالة برئاسة الدكتور “التجاني سيسي”، ومؤتمر البجا بقيادة “موسى محمد أحمد” نائباً للرئيس، و”عبد الله علي مسار” حزب الأمة (الوطني) و”أبوالقاسم إمام” حركة تحرير السودان، و”إبراهيم آدم” حزب الأمة (الإصلاح) و”بخيت دبجو” حركة العدل والمساواة، و”أسامة سعيد” مقرراً من حزب الأمة. هذا التحالف يضم كل أهل السودان من الشرق والغرب والشمال والوسط.
ما الذي يميزكم عن التحالفات الأخرى؟
ــ ميزة هذا التحالف أنه بينه توافقات كبرى على القضايا الوطنية، وله تجربة في هذا المجال، حيث كانت عبارة عن كتلة داخل البرلمان السابق، كما أنه يمثل التيار الوسطي، فهو لا ينتمى لليمين، ولا اليسار، وهذه قيمة مضافة خاصة وأن البلاد تشهد استقطاباً حاداً بين اليمين واليسار الآن، ويمكن أن يصبح في المستقبل حزباً واحداً، كما أنه تحالف مفتوح لكل من أراد الانضمام إليه وفقاً للاتفاق على الحد الأدنى للقضايا الوطنية الكلية.

وما هي الأجندة التي عمل عليها التحالف الآن؟
ــ التحالف الآن طرح مباردة جمع الصف الوطني، وذلك لاستشعارنا بخطورة المرحلة التي تمر بها البلاد الآن، وإذا لم يتم تدراك الأمر بسرعة وبمسؤولية، ربما تجابه البلاد سيناريوهات خطيرة.
ما هي هذه المخاطر التي تتخوفون منها، البعض يرى أن الأوضاع الحالية طبيعية وملازمة لكل مراحل الانتقال؟
ــ البلاد تمر بأزمات حادة وتعتمل فيها صراعات كبرى، أهمها الصراع بين الإسلاميين واليسار ومواجهة بين الحركات المسلحة مع (قحت) متوقعة في أي وقت، وهي الآن موجودة، كذلك مواجهة بين العسكريين والمدنيين بعد انقضاء (زواج المتعة الحالي)، وهنالك صراعات بين مكونات (قحت) نفسها، بالإضافة لصراعات الشيوعيين أنفسهم، مجموعة “الشفيع خضر” ومجموعة “الخطيب”، بالإضافة للصراع مع القوى السياسية خارج قوى الحرية، لأن قوى الحرية استعدت كل القوى السياسية غير الموقعة على إعلانها .
ولكن في أكثر من منعطف برهنت هذه القوى على مقدرتها في إدارة اختلافاتها؟

ــ الأحزاب ذات الوزن قي تحالف الحرية والتغيير، هي حزب الأمة (القومي)، والمؤتمر السوداني، ويمكن إضافة الحزب الشيوعي، لأنه كانت له ثلاثة مقاعد في السابق، ولذلك الأحزاب المكونة لتحالف (قحت)، أحزاب بلا رصيد شعبي، وبينها صراعات وللأسف الصراع بينها قائم على الاستيلاء على الوظائف العامة وتصفية الخصومات، وفي إطار التمكين المضاد، وليس في إطار القضايا القومية.
وهنالك أيضاً صراع بين (قحت) ولجان المقاومة، كما هنالك أيضاً صراع بين الولايات والمركز.
الولايات تبدو هي القضية المستعصية على تحالف الحرية والتغيير هل هذا التوصيف صحيح؟

ــ هذه الحكومة اهتمامها فقط محصور بالمركز، ولا تهتم بالولايات مطلقاً، وفي المركز ذاته اهتمامها لا يتجاوز مركز السلطة. الولايات الآن تعاني من أزمات في كل المجالات في الخبز والوقود والكهرباء ولا تأتي الحكومة المركزية على ذكر قضاياها ولا يوجد من يهتم بها أصلاً.
البلاد تحت وطأة أزمة اقتصادية غير مسبوقة هل من سبيل لتجاوزها قريباً؟
ــ بالتأكيد هنالك أزمة اقتصادية حادة ولا توجد أي رؤية لحلها، وما يقال الآن مجرد تسكين فقط.
ــ الحل الأساسي الذى كان متاحاً وفقاً للعلاقات الخارجية ، كان يمكن أن بقوم به نائب رئيس المجلس السيادي “حميدتي” عبر الدعم من الإمارات والسعودية، ولكن الخطاب الإعلامي للحرية والتغيير ساهم في خسارة دعم هذه الدول.
هل تحمل قوى الحرية والتغيير مسؤولية توقف الدعم السعودي والإماراتي؟
ــ نعم فقد توقف الدعم الخليجي نتيجة لتعاملهم مع شركائهم العسكريين، ومع حلفاء العسكرين في الخليج ، وهذا مع فشلهم في الحصول على دولار واحد من الدول الغربية، وهذا ما أدى الى استفحال الأزمات في الخبز والوقود والكهرباء.
كما ساهم سوء الإدارة والتشفي في التمكين وتصفية الخصومات، فأضحت الحكومة كأنها خصم، وليس حاكمة، فالحاكم دائماً يفترض أن يكون ذا بال متسع، ويقوم بالحلول وليس التشفي.
ما المخرج من هذا النفق؟
ــ هنالك سيناريوهات متوقعة، وإذا ما حدثت سوف تخسف بالبلاد، ولذلك نحن نطرح مباردة جمع الصف الوطني، لتجمع كل أهل السودان عبر كل القوى السياسية والقوى المجتمعية، لنتفق على برنامج الفترة الانتقالية، ولا يكون فيه أي عزل، إلا لمن أجرم أو أفسد، ومن ارتكب جرائم في حق الوطن.
الثورة تكونت نتيجة لفعل ووعي تراكمي، وليس بهبة ديسمبر، وأنا دائماً أقول ما تعرضت له من سجن واعتقال من نظام الإنقاذ، لم يتعرض له كثير من الذين استوزروا باسم الثورة الآن، ولذلك المزايدة باسم الثورة من أجل تجذير الانقسام الوطني وتعريض الأمن القومي للمخاطر، تجارة بائرة، ولن يشتريها الشارع السوداني.
على ماذا استندتم في طرحكم للمبادرة؟
ــ طرحنا المبادرة بعد قراءتنا للساحة الساسية والفعل السياسي الحالي توصلنا لهذه السيناريوهات، أولها قيام لمبادرة للوفاق الوطني يجمع أهل السودان، ونضمن انقضاء فترة انتقالية سلسة. أو نذهب لانتخابات مبكرة أو يحدث انقلاب.
انقلاب عسكري؟
ــ نعم
وهل ترحبون به؟
ــ رحبنا به أو رفضناه سيكون أحد الخيارات الحتمية المتوقعة، وأيضاً متوقع حدوث فوضى عامة بالبلاد، نتيجة لضعف الحكومة وفشلها في القيام بواجباتها، هذا أيضاً أمر متوقع الحدوث.
وما هو الخيار الأفضل بالنظر لتعقيدات الوضع السياسي والاقتصادي والأمني للبلاد؟
ــ طبعاً أفضلها خيار إنجاز مشروع الوفاق الوطني عبر الاتفاق على برنامج حكومة الانتقال حتى نصل لبر الأمان، وهذا ما تهدف إليه مبادرة (تحالف نهضة السودان).
ما هي أبرز القضايا التي ستكون محل اهتمام المبادرة؟
ــ أصلا حكومة الانتقال مواجهة بثلاث قضايا رئيسية وهي معالجة الأزمة الاقتصادية، وقضية الحرب والسلام، وإنجاز ملف التحضير للانتخابات العامة ومطلوباتها، المتمثلة في تكوين المفوضية القومية للانتخابات، وقانون الانتخابات، والتعداد السكاني والسجل الانتخابي.
وأين القضايا الأخرى مثل نظام الحكم والدستور؟
ــ هذا ليس من مهام الفترة الانتقالية، وما تقوم به (قحت) الآن من الحديث حول تغيير نظام الحكم والقوانين والمناهج هذا ليس من اختصاص وصلاحيات الحكومات الانتقالية أصلاً، هذا ستقوم به الحكومة صاحبة التفويض الكامل، أي الحكومة المنتخبة والجمعية التأسيسية التي تأتي من قبل الشعب عبر انتخابات عامة.
وهل تجهل الحكومة الحالية ذلك ولماذا تقوم بهذه الأعمال طالما أنها خارج صلاحياتها؟
ــ هم اختلقوا آلية التمكين للسيطرة على المواقع القيادية في أجهزة الدولة، ليبدلوا تمكيناً بتمكين آخر، ولهذا تخلوا عن المشروع الأساسي، وهو مشروع الانتقال وكل طاقاتهم موجهة لمشروع التمكين المضاد، وبهذه الحيثيات لا يمكن أن نقول إنها فترة انتقالية.
ماهي آليات مبادرة تحالف نهضة السودان؟
ــ المبادرة فكرة لجمع أهل السودان، تعمل على جمع كل القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني، والطرق الصوفية والإدارات الأهلية، لتنظر كيف ندير حواراً وطنياً يقود إلى وفاق وطني لكيفية إدارة الفترة الانتقالية.
الحزب الشيوعي دعا عبر بيان له إلى إدارة حوار بين كل الأحزاب داخل وخارج التحالف الحاكم ما تعليقك؟
ــ نحن دعاة وفاق نرحب بأي دعوة للحوار، لأننا نرى أن هذا الاتجاه هو المخرج الأفضل، وبغير الحوار البلاد ستكون أمام الخيارات الأسوأ.
هل بدأتم خطوات عملية لتقديم المبادرة؟
ـــ نعم بدأنا اتصالاتنا بالقوى السياسية والقوى المجتمعية والطرق الصوفية وبعد اكتمال الاتصالات سنقوم بطرحها عبر مؤتمر صحفي.
هل تواصلتم مع الأجهزة الحكومية بشأن هذه المبادرة؟
ــ نعم التقينا بالسيد رئيس مجلس السيادة الفريق أول “عبد الفتاح البرهان”، وبدأنا في إجراءات لمقابلة السيد رئيس الوزراء “عبد الله حمدوك”، كما نرتب أيضاً للالتقاء بنائب رئيس المجلس السيادي الفريق “محمد حمدان دقلو”، ثم من بعد ذلك ندعو كل الأطراف إلى لقاء جامع لطرح المبادرة وأفكارها. فنحن مجرد أصحاب فكرة سينتهي دورنا بطرح المبادرة في اللقاء العام والآلية التي ينتحبها المؤتمر العام ستقوم بتكملة العمل.
هل تواصلتم مع الحركات المسلحة؟
ــ نرتب للاتصال بالحركات المسلحة، الدعوة لن تستثني أحداً، سندعو كل احزاب الحكومة والمعارضة.
هل تتوقعون أن تتجاوب الحكومة الانتقالية مع مبادرتكم؟
ــ حكومة الحرية والتغيير فشلت في كل المجالات بدءاً من العلاقات الخارجية، والأزمة الاقتصادية، وحتى في ملف السلام، ولذلك الخيارات أمامها محدودة جداً، إما أن تقبل بحوار وطني يقود البلاد للاستقرار، أو يسقطها الشارع، ولابد أن نطمئنْ أحزاب (قحت) أن المبادرة لا تتحدث مطلقاً عن المشاركة معهم في الحكومة، فقط مشاركة في صنع القرار السياسي، ولكن لا نبحث عن وظائف سياسية، نحن فقط نريد أن نتفق على كيفية إدارة بلادنا ونحول بينها وسيناريوهات الدمار والفوضى.
الحرية والتغيير تقول إنها الآن تعمل من أجل السلام والوصول للانتخابات أي ذات أهدافكم فلماذا تقبل بمبادراكم إذن؟
ــ الحرية والتغيير فشلت في ذلك، والآن محاصرة من كل الاتجاهات، حتى لجان المقاومة الآن تحاصرها، ولذلك لا خيار أمامها غير القبول بإدارة حوار وطني أو تواجه مصيرها المحتوم وهو السقوط.
المتحكمون في (قحت) لديهم عداء للعسكر، والعسكر هم بمثابة صمام الأمان بالنسبة للسودان، والعلاقات الخارجية التي يمكن أن تفيد البلاد اقتصادياً عند العسكريين، وليس المدنيين، “حمدوك” طاف كل الدنيا ولم يأت بشيء، بل أوقع علينا عبئاً والتزاماً جديداً، بتعويضات ضحايا المدمرة (كول).
كيف تقرأ تراجع “حميدتي” عن رئاسة اللجنة العليا لإدارة الأزمة الاقتصادية؟
ــ “حميدتي” شعر بأن أحزاب الحرية والتغيير لا تقدر بما يقوم به من أداور، بل بعضها وقف ضد رئاسته لهذه اللجنة، وأخرج التظاهرت ضد رئاسته لجنة إدارة الأزمة الاقتصادية، بحجة أنه يمثل خرقاً للوثيقة الدستورية، ولهذا نحن نريد مساعدتهم عبر هذه المبادرة التي تؤكد أولاً احترام أداور القوات المسلحة، ولابد من علاقات خارجية لتنعكس على الوضع الاقتصادي مع إدارة البلاد بحكمة.
ما هي الدوافع وراء الضغوط على “حميدتي”؟
ــ أولاً قوات الدعم السريع هي قوات تتبع للقوات المسلحة بقانون، هذه القوات قاتلت بجانب القوات المسلحة في كل الميادين، وهي التي هزمت التمرد في الفترة الأخيرة.
و”محمد حمدان” جاء مسنوداً بهذه القوات، وبقاعدة شعبية في الأرياف السودانية، وأيضاً جاء ومعه علاقات خارجية قوية، هذه المعطيات جميعها أقلقت النخبة الحاكمة الآن في الخرطوم.
ما هو التحدي الذى يشكله “حميدتي” لهذه النخبة؟
ـــ لأنهم ينظرون بأنه اقتحم الملعب المحدد للاعبين محددين بمواصفات محددة، وهم لا يريدون منه الاقتراب من هذا الملعب، لأن وصوله يفتح أذهان آخرين، ولذلك المعركة التي تدور الآن تستهدف إبعاده من المنطقة الحساسة، التي وباعتقاد النخبة المسيطرة الآن، أنها حق حصري لها، الأمر الآخر طريقة “حميدتي” في مخاطبة الشارع حققت له جماهيرية كبرى وجعلته قريباً من الشارع العادي، وهذا أيضاً غير مطلوب، وهذا مشابه لطريقة الشهيد “الزبير محمد صالح، ولذلك هنالك عمل مرتب يستهدفه باعتباره واجهة للريف والهامش.
هو لا إشكال له مع الشارع، إشكاله مع الذين يريدون أن يسيطروا على السلطة، ولعلك تابعت كيف حدث ارتياح في الشارع العام عندما أعلن عن رئاسته للجنة العليا لإدارة الأزمة الاقتصادية المتحكمين في (قحت) لديهم عداء للعسكر.
ملف السلام لا يزال يراوح مكانه؟
ــ الحرية والتغيير لن تأتي بالسلام وبددت ثقة الحركات المسلحة فيها، وذلك بجملة من التصرفات التى تؤكد عدم جديتها، منذ تكوين المجلس السيادي، واتهامها للحركات بطلب المحاصصصة السياسية، وهو الأمر الذي قامت به في تكوينها للجهاز التنفيذي للحكومة، وأيضاً مارسته ولا زالت تمارسه عبر التمكين المضاد في احتكار الوظائف العليا بأجهزة الدولة للمنتمين إليها.
هل تقصد أنه لن يتم التوصل لاتفاق سلام؟
ــ الحركات المسلحة لديها ثقة في العسكريين، والعسكريون لديهم وعي كبير بمسألة إيقاف الحرب وتحقيق السلام، أما قوى الحرية فلديها مخاوف من تناقص كيكة السلطة في حال عودة الحركات، وأيضاً لديها هاجس من أن الحركات سوف تتحالف مع العسكريين خلال فترة الانتقال، وهذا هو السبب في عرقلة خطوات السلام من قبل قوى الحرية والتغيير.
الأمر الآخر أن المجموعة الحاكمة الآن مجموعة صفوية أي فوق المركزية وتخاف من أبناء الهامش وقامت باستبعادهم تماماً الآن.
كيف تنظر للأحداث التي صاحبت أنشطة الحرية والتغيير وزيارة “الصادق المهدي” بدارفور؟
ــ هنالك تغيير كبير جداً في الفهم والوعي السياسي بالبلاد، نحن اجتهدنا جداً في أن يكون هنالك وعي في الشعب السوداني، لنخرج من سيطرة الأفراد والمجموعات والطوائف، ودارفور الآن لا تعرف طائفة ولا حزب فلان، ولا كردفان، ولا الشرق، يعرفون فقط القيادات التي معهم في المنشط والمكره ، ومعهم في قضاياهم وهموهم وتجدها بينهم، الآن هنالك تغيير كبير جداً في العقلية السودانية، ولذلك الحرية والتغيير ليس لديها أي وجود بالولايات، وتريد أن تفرض الوصاية عليها، وتملي عليها وصفاتها الفاشلة، ولذلك تم رفض مجرد الاستماع لها في كل الولايات.
ضبابية وضعية الولايات في الوثيقة الدستورية هل هو السبب في رفضها للحرية والتغيير؟
ــ كل أهل الولايات يعرفون أنها تحالف نخبوي يعمل على مصادرة السلطة من الولايات للمركز وفي هذا ادعاء بالغ الإهانة مفاده أن أهل الولايات غير جديرين بإدارة ولاياتهم وغير مؤهلين للمشاركة في السلطة ، ولذلك قالت الولايات كلمتها بوضوح أمام كل وفود (قحت) التي قامت بزيارتها، الحرية والتغيير ليس لديها وجود بالولايات، وفي الخرطوم نفسها بدأت تفقد قواعدها فهم يريدون أن يعودوا بالسودان لنخبويته القديمة التي فارقها منذ عهد الحكم التركي وجلالة الملكة، وهذا أمر لن يقبل به السودانيون أبداً.
كيف تنظر لتأثير هذا الوعي على الانتخابات القادمة؟
ــ ستكون انتخابات مختلفة، وأتمنى أن نذهب للانتخابات حتى يعرف كل حزب وزنه، ولذلك هم يتخوفون من الانتخابات لأن التغيير الذي حدث في المفاهيم كبير جداً، والوعي المجتمعي والسياسي سيظهر قوى سياسية جديدة على حساب القوى التقليدية.
على ذكر الانتخابات وما تستدعيه من تحالفات هل من اتصالات مع حزب الأمة (القومي) في هذا الاتجاه؟
ــ على لا علاقة لي بحزب الأمة (القومي) أو التحالف معه، نحن نعمل على تطوير تحالف نهضة السودان وانضمام آخرين له، ليكون حزب أهل السودان جميعاً.
الجبهة الثورية طرحت الحكم الإقليمي لدارفور ما رأيكم في هذا الطرح؟
ــ قضية الولايات والإقليم مختلف حولها في كل السودان، ونحن نرى أن حسم هذا الأمر يتم عبر استفتاء عام لكل أهل السودان، ليختاروا أحد النظامين الولايات أو الحكم الإقليمي، ليكون عندنا نظام حكم متفق عليه، ولابد من التنبيه أن هذا الأمر ليس من اختصاص الحكومة الانتقالية، بل من مهام الحكومة المنتحبة التي تأتي بعد انقضاء الفترة الانتقالية.
وماذا يحدث لو اتخذت الحكومة هذه الخطوة الآن؟
ــ لا تستطيع، إذا اتخذت قراراً باعتماد الحكم الإقليمي سيخرج أهل الولايات ضدك، والعكس أيضاً، ولذلك يجب أن يترك هذا الأمر للحكومة المنتخبة. وقضايا السودان المعلقة كثيرة ويجب أن تترك لمؤتمر دستوري، ينعقد في ظل توافر حد أدنى من التوافق السياسي.
برأيك من وضعوا الوثيقة الدستورية تغافلوا عن المتغيرات التي أحدثها الحكم الاتحادي أم أنهم قصدوا إنهاء تجربته بخلوها من أي تشريع متعلق بالولايات؟
ــ بالنسبة لي الوثيقة غير متفق عليها حتى من الحرية والتغيير نفسها، ثانياً هي وثيقة وظائف سياسية ، وعمدت على إبعاد العسكريين، بل هي نخبوية، وليس لأم بدة وشرق النيل وشمال بحري حتى هؤلاء خارج اهتمام هذه الوثيقة، فهي وثيقة صفوية، وتقاصرت من أن تكون حتى وثيقة مركزية.
هنالك أحاديث حول تمديد الفترة الانتقالية ما رأيكم في ذلك؟
ــ هي بالأساس جاءت مخالفة لكل الفترات الانتقالية في العالم من حيث مداها الزمني، الفترات الانتقالية دائماً يتم الحرص على قصر مدتها الزمنية، لأن مهام الانتقال بسيطة ومعروفة، ولذلك إذا كانت هنالك جدية في إنتاج حلول سياسية يجب أن نذهب في إطار تلقيص مدتها الزمنية، وليس زيادتها، ولكن كان واضحاً أن الهدف من طول الفترة الانتقالية أن الحاكمين الآن لا قواعد لهم، ويدركون أنهم لن يأتوا بالانتخابات، ولو مدوا الفترة الانتقالية لعشر سنوات لن يأتون بالانتخابات.
بالنظر للأزمة الاقتصادية الحالية والاستقطاب السياسي هل إذا ما تم تمديد الفترة الانتقالية تستطيع الحكومة أن تصمد؟
ــ صعب جداً، الآن الشارع كله يتململ، المؤيدون للحكومة الآن بدوا يعملون ضدها، الذين يقفون مع الحرية والتغيير الآن هم فقط الذين نالوا المواقع والوظائف.
كل اللجان التي تخرج الآن في المظاهرات ضد الحكومة من لجان المقاومة، وهم من حملوا أكفانهم على أيديهم من أجل هذه الثورة. ولذلك لن تصمد هذه الحكومة.
الحاضنة السياسية للحرية والتغيير بينها انقسام كبير، ولا قاسم مشترك بينهم غير السلطة، لا يوجد أي رابط بينهم لا فكري ولا أيديولوجي.
هل تتواصلون مع الحرية والتغيير؟
ــ نحن أصلا طارحون مبادرة وكتبنا لهم جميعاً، ونحن نعمل لنلتقي بكل أهل السودان لأن البديل سيكون كارثياً.
هل فكرة إبعاد وإقصاء القوى غير الموقعة على إعلان الحرية والتغيير حققت مكاسب للحكومة؟
ــ هذا وهم، كيف تستطيع أن تقصي كياناً سياسياً له وجود في الشارع، لا تستطيع، والإبعاد عن الحكم لا يكون إلا عبر صندوق الانتخابات، أي عزل سياسي هو بمثابة دعوة للتفكير في أساليب أخرى، العزال السياسي هو من جاء بحكومة “عبود” و”نميري” كما جاء أيضاً بحكومة “البشير”، والآن إذا استمر الاقصاء سيأتي بحكومة جديدة.
رفع الدعم ظل الوصفة الحكومية الوحيدة المتاحة هل برأيكم يكمن الحل هنا؟
ــ هذه كلها وصفات البنك الدولى، الاقتصاديون دائماً يفكرون في السهل من الحلول، ولذلك الحكومة لا تتحدث عن خيار رفع الدعم، وإذا الحكومة لا تستطيع أن تقدم خدمات للمواطن فما قيمتها؟، والحكومات التي تعتمد على الضرائب والجمارك اقتصادها لن يتقدم، لابد للحكومة أن تكون لديها بدائل أخرى، وهذه الحكومة لا تحمل أي برنامج، ولو كانت الأمور تعالج بهذه الطريقة لما ذهبت الإنقاذ.
وكيف ذهبت الإنقاذ؟
ــ ذهبت لأنها فشلت في حل قضايا الناس، وهذا الفشل حدث لها بعد ثلاثين عاماً، وهذه الحكومة لم تكمل عامها الأول وفشلت تماماً.
هل الحكومة مدركة لمآلات هذه الأزمة الاقتصادية؟
ــ لديها الإدراك بالأزمة ولكنها ليس لديها وصفة ولا مقدرة لتقديم الحلول،
وهل سيحتمل الشارع هذا استمرار الوضع؟
ــ الشارع يمكن أن يصير ولكنه يفقد صبره عندما تمس احتياجاته الضرورية، وهذه الحكومة لم تضف كيلو متر واحد لشبكة الطرق، ولم تقم أي خطوط للمياه، المواطن الآن يطالبها فقط بتوفير احتياجاته الضرورية وليس التنموية، في الخبز والكهرباء والمواصلات رأينا كيف استقل المواطنون عربات النفايات، وتناكر المياه للتنقل، إذا كان هذا في الخرطوم فكيف يكون الحال في الولايات؟

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية