ولنا رأي

حاكموا الجوة بعدين طاردوا الهاربين!!

صلاح حبيب

أصدرت لجنة التحقيق في انقلاب الإنقاذ 1989 أمر قبض على وزير الخارجية الأسبق الأستاذ “علي كرتي” وخمسة آخرين، منذ أن حلت الحكومة الحالية وهي مازالت في إصدار الأوامر بالقبض وإيداع منسوبي النظام السابق السجون، ولكن لم نرَ أحداً تمت محاكمته حتى نقول والله الحكومة ماشة كويس وهي على الأقل تشفي غليل الشعب السوداني، وإنها حكمت على واحد منهم سرق أو ارتشى أو عذب الخلق في بيوت الأشباح أو غيرها من الاتهامات التي سيقت ضد رموز النظام السابق، لقد ظل عدد من منسوبي النظام السابق داخل سجن كوبر بمن فيهم الرئيس السابق “عمر البشير” الذي حكم عليه بالسجن في الإصلاحية نتيجة للأموال التي عثر عليها بمقر إقامته إبان إلقاء القبض عليه بمقر إقامته بكافوري، إن عملية التغيير التي قادها الشباب في ديسمبر الماضي كان الهدف منها تغيير حال الناس من حالة القحط والتعاسة التي عانوا منها إبان فترة الإنقاذ إلى حالة الرفاهية، ولكن للأسف لم يتغير حال الشعب بل ساء وضعه أكثر عما كان عليه في الحكومة السابقة، فالحكومة الحالية حتى الآن لم تنجز عملاً واحداً يشفع لها أمام المواطنين، ولكنها في كل يوم تعلن عن متم هارب من قبل النظام السابق، ماذا يعمل المواطن بمحاكمة رموز النظام السابق وهو لم يستطع العيش الكريم، يلهث من الصباح طلباً في رزقه فلم يجد مواصلات تقله إلى مكان عمله بكل سهولة.. ولم يدخل الأسواق فيجد الأسعار في متناول اليد كل شيء أصعب عما كنا فيه، واللجان تصدر القرارات بمطاردة زيد وعبيد لأنهم متهمون بالانقلاب الذي حدث لأكثر من ثلاثين عاماً، ماذا يستفيد الشعب حتى ولو حكموا عليهم جميعاً بالإعدام والشعب السوداني يعاني يومياً في لقمة عيشه، ماذا يستفيد الشعب لو تم إلقاء القبض على وزير الخارجية الأسبق “علي كرتي” أو “عمر سليمان” أو “صافي النور” أو غيرهم من المتهمين بالمشاركة أو التواطؤ مع النظام السابق في انقلاب الثلاثين من يونيو 1989، الحكومة الحالية لو صادرت ممتلكات كل رموز النظام السابق لمصلحة الشعب السوداني، كان تكون الأوامر مقبولة، ولكن أن تترك القضية الأساسية وتذهب إلى الفروع فهذا لن يفيد الشعب في شيء، فالشعب يريد أن يصحا الصباح ويجد كيلو اللحمة عاد كما كان في السابق ورطل اللبن أصبح بعشرة جنيهات ورطل السكر بجنيهين والشاي بجنيه وصحن الفول بجنيه كما كان في السابق، هنا ممكن نقول الحكومة عملت شيئاً من أجل المواطن ومن أجل الثورة العظيمة التي قام بها أولئك الشباب، أما أن تتم مطاردة رموز النظام السابق في قضايا لا تنفع المواطن فهذا يعد انحرافاً عن الأمور التي ناضل من أجلها الشعب، على الحكومة أن تنظر إلى أولويات المواطن، ومن ثم أن تذهب لإلقاء القبض على “كرتي” أو غيره من رموز، لم يتبقَ من شهر رمضان المعظم إلا أيام والأسواق في تصاعد مستمر فكيف يصوم المواطن والحالة الاقتصادية متصاعدة ولا بصيص أمل في انخفاض تلك الأسعار، ونحن نبحث عن إلقاء القبض على “كرتي” وآخرين، فيا حكومة أولاً حلي للمواطن أموره المعيشية، ومن ثم أبحثي عن الهاربين أو قدمي الموجودين داخل السجون إلى محاكمات عادلة، حتى نطمئن بأن الحكومة تسير في الاتجاه السليم أم مطاردة منسوبي النظام السابق، فهذا لن يحرك في الشعب شعرة طالما لم يكن من أولوياته.

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية