ابراهيم دقش
مجرد (فيروس) نكرة ينتقل من الحيوان للإنسان وبه يعدي الإنسان أخاه الإنسان، ظهر في أغزر البلدان سكاناً – الصين – دون مقدمات، اللهم إلا ما جاء بعد انفجاره من تخرصات ومن حكايات.. ومع ذلك وردت تحليلات من هنا وهناك ترمي بإفراز الفيروس على السباق بين أمريكا والصين للسيطرة على اقتصاد العالم.. وصور البعض أن الفيروس مصنوع وكان قيد التجربة كسلاح فاتك، مع ظهور متون وحواشٍ لإثبات تلك الروايات.. فمن أين نبدأ؟
أول ما ظهر فيروس (الكورونا) وقيل إن من أدوات انتقاله الجمال والخفافيش، نحا إعلام موجه من تربة كوريا الجنوبية بأن الكارثة صنعها الصينيون الذين يأكلون كل صنوف الحيوانات – المطاق منها والشاذ – فرأيناهم في الأسافير، وهم يتناولون الفئران والكلاب والخفافيش (أبو الرقيع) بمتعة يحسدون عليها، ولم تكن تلك التظاهرة الإعلامية سوى (الفرشة) التي استدعت بقية الروايات، واتضح فعلاً أن مدير مستشفى في مقاطعة (ووهان) الصينية حذر وأنذر قبل سنوات من ظهور وباء (الكورونا) ولم يأبه له مسؤول أو يتجاوب معه الرأي العام حتى حلت الكارثة في 2020م، وكان المسكين أو ضحايا (الكورونا) في بلاده.. وهنا دخلت أمريكا على الخط برواية عاصفة مستمدة من حدث وكتاب استخباري أمريكي قديم.. وجاء في تلك الرواية إن عالماً صينياً اسمه “لي شن” طلب اللجوء إلى أمريكا قبل سنوات وتحت يده دليل سلاح فيروسي قاتل هو (كورونا) أفلحت الصين في إنتاجه في مقاطعة (هوران) وصدر كتاب استخباري في (ian) بقلم “لين كونتيس” عنوانه (عيون الظلام) لا زال يبحث عنه الناس هذه الأيام وسط ركام الكتب القديمة للاستشهاد به على أن الصين هي الفاعلة، وذلك في إطار أن تتفوق على أمريكا في السيطرة على اقتصاد العالم!! وسأعود لهذه النقطة لاحقاً في ضوء التحرك الأمريكي الأخير بإعلان حالة الطوارئ فيدرالياً وتخصيص (500) مليار دولار لمحاربة الوباء وصد الداء القادم من بلاد الصين!
ركزت وسائل ووسائط الإعلام العالمية – دون استثناء – على الآتي: طبيعة الفيروس ومن يصيب:
ضحايا الفيروس في الصين (ولأن الصين مليارية السكان لا يبدو الرقم مزعجاً).
انتقال الفيروس من الصين لبقية قارات العالم وفي هذا الإطار قيل إن الفيروس أعراضه عطس شديد وارتفاع في درجة الحرارة (حمى) وكحة متصلة وكتم للنفس، وأن تركيزه على كبار السن، ولا يصيب الأطفال لكنهم يحملون جرثومته المعدية.. مع التركيز على (الحالات) الصينية.. ومتابعتها ثم تناقصها دون دعوة أو انزعاج لعدم قدرة الطبيب الصيني على مقاومة الفيروس.. وأخيراً عملية التخويف من انتشار الوباء بتتبع القارات والبلدان التي اجتاحها مع إبراز بائس لاستعداد البنك الدولي وصندوق النقد الدولي لمساعدة البلدان غير القادرة على مواجهة الفيروس علمياً وطبياً، وجاءت إيران على رأس القائمة إذ طالبت برقم خرافي تعلم سلفاً أنها لن تحصل على ربعه!!
وجاء دور الشائعات أو الاحتمالات المتاحة لمواجهة وباء (كورونا)، كما اكتفت منظمة الصحة العالمية ببيانات مقتضبة تنضح بعدم استعدادها أو توقعها للكارثة أصلاً.. فورد في الأسافير إن (الحشيش) قادر على طرد فيروس (كورونا) (WEEDS) وينطبق ذلك في تقديري على (البنقو) إذا صحت الجزئية الأولى، ثم دخلت طبيبة سودانية على الموضوع فأدخلت (الطلح) في زمرة العلاجات.. وهذا كله خاضع للاختبار، فلماذا الصمت حوله من قبل وزارة صحتنا ومن منظمة الصحة العالمية؟.
بعد أقل من أسبوعين من ظهور (الكورونا) كان أكثر القطاعات تأثراً به، السياحة والطيران والأسواق والحدائق العامة وأماكن الريادة للتسلية وقضاء الوقت ولأول مرة منذ حقب عديدة – بعد الحرب العالمية الثانية – تتسابق الدول في إغلاق حدودها ومداخلها في وجه القادمين من البلدان الموبوءة.. فأمريكا لأول مرة أغلقت مجالها الجوي أمام شركات الطيران عدا القادمة من بريطانيا.. وحتى هذه قال “رونالد ترمب” يمكن أن يشملها الحظر.
أما المفاجأة الكبرى فقد كانت إعلان الرئيس الأمريكي “رونالد ترمب” لحالة الطوارئ في كل الولايات المتحدة بسبب وباء (الكورونا) وصرفه السخي على محاربته ومواجهته مما أوحى بأن تحت الرماد وميض نار (منافسة) صينية أمريكية حقيقية على اقتصاد العالم.. أو ليس لإعلان الطوارئ الصحية في أمريكا الأسبقية في الظروف العادية؟ هذا مجرد تساؤل فرض نفسه لأن الناس ينظرون لأمريكا كقلعة طبية أكثر من إعلانها حالة الطوارئ ضد فيروس نكرة حتى الآن، ما لم تظهر الأبحاث والدراسات أن له صانعاً ومنتجاً، معروفاً، حتى وإن عجز حتى الآن عن إيجاد علاج أو وقاية من الوباء من أجل (إرباك) العالم عموماً وأمريكا خصوصاً لحاجة في نفس (ياجوج). زمان عندما ترفع أمريكا القبعة، يتبعها العالم.. وهذه المرة اختارت أمريكا أن (تعطس) في وجه العالم من واقع بلاء ووباء أصاب أهلها.. وكان بدهياً أن ترتجف بقية قارات ودول العالم إلى حين انقشاع (الضبابية) المحيطة بفيروس (الكورونا) وحسب معلوماتي السودان عنده فرص كافية لتفادي الوباء لأن الصيف الساخن قاتل لجرثومته.. والله أعلم!!