فنجان الصباح - احمد عبد الوهاب

العفو من شيم الكرام.. يا سعادة الفريق أول “حميدتي”

أحمد عبد الوهاب

ينخرط سعادة الفريق أول “محمد حمدان دقلو” “حميدتي” نائب رئيس المجلس السيادي منذ مدة، في جوبا في مفاوضات سلام شاقة، مع فصائل ما اصطُلح على تسميتها بحركات الكفاح المسلح.. تسامى الرجل الكبير على جراحه، وتناسى مرارته من أجل هدف نبيل، ووطن جميل ومصالح قومية عليا.. إن سعادة الفريق أول “حميدتي” يتفتق كل يوم عن مواقف مشرقة، وأيادٍ بيضاء.. تضاف إلى رصيد عسكري مشرف، ومجد بطولي كبير.. وأعمال برسم الإنسانية، والخير العفو والكرم..
وإذا كان “حميدتي” مع – حفظ الألقاب – قد تسامى على جرح نازف، وكفكف دموعاً حارة على وجع الفقد، وآلام الفراق، مع مجاميع بينه وبينها ما صنع الحداد.. فإن دعوة عجلى بحق القرابة وبرسم الزمالة، وصلة الرحم الموصولة.. تنتظر من سيادته أن يستمع إليها ويوليها ما تستحقه من اهتمام.. ألا وهي قضية الشيخ “موسى هلال” زعيم قبيلة المحاميد.. وهو يرسف في الأغلال منذ عامين تقريباً.. لقد كان الرجل يقود حركة معارضة للإنقاذ، مناوئة لـ”البشير”، ولم يكن في معرض عداء مع الدعم السريع، ولا موقع منافسة لقائده.. لقد كان الشيخ “موسى” جزءاً من الحراك الثوري ضد “البشير”، حراك أثمر عملية التغيير.. وكان الدعم السريع والجيش والقوات النظامية الأخرى هم رأس الرمح فيه.. لقد جمعتكم بالرجل ساحات الشرف لهزيمة التمرد.. مثلما جَمعكم معه شرف إسقاط “البشير”..
لقد جرت تحت الجسر مياه كثيرة، بردت فيها الثأرات وهدأت فيها النفوس، وسقط خلالها نظام كامل.. وتهيأت البلاد للحريات.. وتهيأت الساحة للعدالة ولفضيلة العفو والوئام الوطني.. وعلى ضوء هذه المستجدات يتطلع الناس إلى رجل الدولة الشهم “حميدتي” لينظر بعين الإنسانية لا القانون، وصلة الرحم لا التدابير الإدارية والعسكرية.. فيصدر عفواً كاملاً عن الرجل، وبعض عشيرته.. فالأقربون يا سعادة – الفريق أول “حميدتي”- أولى بالمعروف،، والعفو يا سعادة الفريق أول “حميدتي” من شيم الكرام.. وفي الأثر الشريف دعوة لإشاعة العفو عند المقدرة.. فما زاد عبد بالعفو إلا عزاً.. والعفو عند المقدرة عمل صعب، لا يطيقه إلا الكبار.. ولا يقدم عليه سوى الأفذاذ.. وهو فضيلة تشبه “حميدتي” وجهده المبجل، وجهاده الأغر المحجل.. فهلم يا سعادة الفريق إلى خطوة سيذكرها لك التاريخ، تحتاج إلى رجل دولة، وقائد منصور، وأسد هصور.. وهلم إلى خطوة بيضاء، تكون ترياقاً لآلام العشيرة، وعلاجاً لثأرات القبيلة.. وليس كالعفو مضاداً حيوياً لثارأت لا تلد سوى ذكريات ملعونة، وليس كالعفو ما يطفئ نيران غل مجنونة.. إن الخليفة العباسي “هارون الرشيد” قد خلد له الزمان مقولته، يوم أعلن العفو عن خوارج شقوا عصا الطاعة، وحملوا السلاح “والله لو يعلم الناس ما نجد في العفو من اللذة، لتقربوا إلينا بالجنايات”.. إن الأشجار العالية المثمرة، كالدعم السريع وقائدها، هي التي تقذف بالحجارة، فيكون ردها عطاءً يمنح أطيب الثمار.. وعفواً يجفف الدم، ويطفئ النار..
فهلا أطلقت قبل إدلاق حمامات السلام.. سراح الزعيم “موسى هلال” وهو رجل كبير في بلده، وشيخ في قبيلته، وسيد في قومه.. إنك حينئذٍ تطلق معه ربيعاً من معاني العفو.. وخريفاً من الأفراح، ومواسم من التعافي والتصافي والوئام.. معانٍ كبيرة تشبهك أيها القائد الشهم.. وإنك حينئذٍ تطلق لوجه الله تعالى أسارى منطقة كاملة من سجن الثأرات والكراهية، إلى رحاب الصلح وصلة القربي، وإكرام أعيان القبيلة.. وغيرها من المعاني الأصيلة.. لصالح مستقبل باسم وزمان رخيٍّ قادم.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية