فنجان الصباح - احمد عبد الوهاب

“القومة” لجيش السودان (٢)

أحمد عبدالوهاب

في ظل أوضاع غاية في السيولة .. أزمات في الداخل.. واضطرابات الخارج ومصاعب على الجوار ومصائب في الأقليم وجائحة في العالم.. يلقي علينا هذا الكشكول من الأزمات تحديات جسام.. تجدنا – والحالة هذه – في حاجة إلى ميثاق شرف وطني تتعاهد فيه كل القوى السياسية الحية على ممارسة نظيفة من شأنها احترام الدستور وصيانة البيئة السياسية من أوبئة الجاسوسية والاختراق وأمراض المعسكرات والأحلاف ممَارسة تحفظ سيادة البلاد وتصون قرارها وأسرارها وثرواتها.. هكذا ميثاق يتعين أن تصبح فيه الأحزاب كتلة واحدة يربطها حبل ويقطعها سيف لضمان ممارسة سياسية تصان فيها قومية القوات المسلحة وتتعاقد بها كافة التنظيمات والهيئات على احترام حيدة المؤسسة العسكرية وقوميتها .. وجعلها في موضع عال بعيداً عن نقع المعترك السياسي وشظايا العواصف والخلافات الحزبية.
إن المؤسسة العسكرية ينبغي أن تكون وطناً معنوياً وموضع اتفاق لا خلاف فيه ومكان احترام لا هزل معه.
إن أي ميثاق شرف كهذا يمكنه أن يصبح نقطة تحول في تاريخنا السياسي ومحطة هامة وحجر زاوية في مشروع البناء الوطني.. يتوقف عبرها تاريخنا الدائري الرديء.
إن القوات المسلحة كانت على الدوام تقف على مسافة واحدة من الجميع حامية للوطن وحارساً أميناً للدستور، وضميراً حياً للأمة، وأن من أول بنود هذا الميثاق الوطني الغليظ.. اعتبار المؤسسة العسكرية بوصلة هادية و”تيرمومتراً” صادقاً لكافة فئات الشعب وتكويناته تصادق من يصادقه الجيش وتعادي من قلب للوطن وجيشه ظهر المجن.. بحيث يصدر الجميع في مواقفهم حربا او صلحا عن موقف موحد ورأي محدد ويرمون عدوهم عن قوس واحدة.. فلا انحياز لتمرد اختار طريق البندقية ولا موالاة لمعارضة مسلحة تقعد للبلاد وجيشها كل مرصد.. في حين لم تغلق الدولة أبواب الحوار ولم تقصِ أحدً من مائدة التفاوض.
إن الأمم الحية ترصد أفضل الموازنات لصالح جيوشها، وحق لها فمن أولى من الجيوش بالإمكانات الضخمة تبذل طواعية وعن رضى وطيب نفس.. ومن أولى من الجيوش بالموارد الكبيرة تخصص لها حباً وكرامة.. ففي قوة المؤسسة العسكرية ومنعتها مجد البلدان وحسن الأحدوثة وأسباب المنعة والسؤدد.. لا تبخل الأمم الواعية على قواتها المسلحة بشيء فكل غالٍ لأجلها رخيص وكل كثير مستحق وتزاد عليه كيل بعير.
لا تستمعوا لهذيان الذين يرددون كلام المستعمرين كالببغاوات.. ولا تعيرونهم آذانكم وهم يتحدثون عن تجفيف الميزانيات العسكرية أو خفضها، أنها روشتة مسمومة ونصيحة ملغومة.. تصدر عن أقنعة وكمامات سمراء تتخفى خلفها وجوه مخابرات وسفارات وعناصر تجسس بيضاء.. وأن الرد الشعبي يتعين أن يكون رده حملة هائلة لجعل القوات المسلحة هي أولى المؤسسات بالرعاية وأجدرها بالاهتمام.. وأحسنها رواتب وأفضلها معاشات لتكون أكثر الجهات جذباً للشباب ومهوى رغباتهم متطوعين في الخدمة أو منتظمين في صفوفها.. أنني اتمنى أن تكون “القومة” لجيش السودان حملة صدق وانحياز وطني.. لا تفتر لها همة ولا يخبو لها أوار ولا شعار.. ولا يخفت لها صوتاً حتى تضمن أن أهدافها قد وقرت في عقل كل طفل بالروضة وطالب بالأساس وصارت شيئاً ثابتاً ورائعاً عند طلاب الجامعات وكل فئات الشعب.. حيث لا بديل للقوات المسلحة الباسلة إلا قوات الشعب المسلحة.. خندق الرجال الثابتين كالجبال وعرين الأبطال.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية