بينما يمضي الوقت - أمل أبوالقاسم

ارحلوا بكرامتكم

عصر أمس وأنا بصدد إعداد وجبة الغداء بعد أن ظفرت بالخبز وأنا أحدث أبنائي الذين كانوا بين صفوف الثوار عن الأزمة التي لا يلقون لها بالاً طالما أنهم بعيدون عن (مدافرة الصفوف)، حكى كبيرهم نقلاً عن مواقع التواصل الاجتماعي أن أهالي الحلفايا اعتذر أحد مخابزهم عن أنه لن يعمل وينتج قبل الصبح فما كان منهم إلا وأن أنشأوا صفاً مكوناً من(كيس وطوبة) ريثما يزف الميعاد، وبالمقابل نقلت لهم صورة المنتظرين في الصفوف وقد تحورت لصف صلاة الصبح جماعة، وعليه أظن أن المساجد تعاني البوار وقد انصرف الناس عن العبادة وهو أحوج إليها بهموم الدنيا. وحيث إن الحديث عن الضائقة المعيشية بصورة عامة ذكرت لهم أن “حمدوك ” الآن محاصر في كسلا من قبل المواطنين الذين سئموا الأوضاع برمتها فانتهزوا هذه الزيارة ليعبروا عن هذا الاستياء. صدمني رد كبيرهم طالب الجامعة لشقيقه الأصغر طالب الثانوي الذي ثنى على فعل أهل كسلا وعبر بكلمة واحدة (بركة)، فرده الجامعي رغم الارتياح الذي تبدى لبرهة في وجهه ثم وكأنما استدرك قال له ( يا زول انت غيرت رأيك ؟ ) ثم صوب حديثه نحوي ( انتوا عايزين ترجعوا الحكم تاني لكن مافي ليكم). وحديثه هذا يعبر تماماً عن لسان حال رفاقهم من الشباب والصبية وقد تلبسهم معتقد أنه في حال خرجوا على حكومتهم (المهببة ) هذه فسيتيحون الفرصة مجدداً للكيزان إما بالعودة للحكم أو الشماتة وهم لا يعلمون أنهم فتحوا لهم باب الفرجة والضحك على مدار الساعة.
التحية والتجلة لأهالي كسلا الذين عبروا عن تمردهم في وجه رئيس الوزراء وأظنها رسالة واضحة ظللنا ننتظرها طويلاً كما انتظار صفوف الخبز والوقود وكنا نظن أن يأتي يوماً كهذا في ظل (شكر حمدوك ساي). ونتمنى فعلياً أن تكون هذه بداية النهاية لجبروت حكومة تتلذذ بتعذيب المواطنين وكأنهم جميعاً في نظرها كيزان فظلت تسحقهم بلا رحمة وهي تجر أذيال الخيبة في العربة الخلفية بينما العربة الأولى معطوبة. وإن كان المواطن كره الإنقاذ بعد ثلاثين سنة أو في السنين الأخيرة فقد كرهناكم في أشهر، فارحلوا بما تبقى لكم من كرامة ولا تحلموا بأشهر قادمات ناهيك عن التمديد لأعوام ( حلم الجيعان عيش).

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية