تقارير

النفط بين الخرطوم وجوبا … ازمات متلاحقة!!

منتصف يناير الماضي كان أعضاء من مجلس الشيوخ الأمريكي في زيارة خاصة إلى دولة جنوب السودان، حثوا من خلالها رئيس جنوب السودان “سلفاكير مبارديت” على الاتجاه لنقل نفط الجنوب عبر الشاحنات إلى “إثيوبيا” ومنها إلى “جيبوتي” للتصدير عبر مينائها، ضاربين بجهود المفاوضين في “أديس أبابا” عرض الحائط، وكخطوة من الجنوب ليتجاهل “الخرطوم”، ثم تسارعت وتيرة الأحداث وتبادل التصريحات بين الدولتين، ليعقبها فشل مفاوضات قمة الرئيسين “عمر البشير” و”سلفاكير” الشهر الماضي في التوصل للاتفاق لسحب قواتها من المناطق الحدودية كشرط مسبقاً لاستئناف صادرات النفط.
ثم توالت الصراعات حول البترول وبلغت أوجها عندما صرحت مصادر تجارية ببيع السودان لشحنة نفط تتضمن مليون برميل خام، متنازع على ملكيتها بين الشمال والجنوب، والحكومة السودانية حسب (رويتر) كانت قد أبرمت عقداً الأسبوع المنصرم مع شركة إماراتية لها صلات مع الخرطوم لتصدير كمية من النفط من مستودعات تخزين في السودان. وفي الجانب الآخر تصاعدت الاتهامات من جانب الجنوب وقال وزير الإعلام إن تلك الأموال تخص بلاده، وأن النفط مخزن منذ فجر الأزمة، وفي حال بيع السودان للنفط لابد من إخطار وزير النفط بالجنوب. وأضاف أن السودان ربما يحصل على جزء من هذا النفط، لكن الأموال يجب أن ترد إلى الجنوب.
بينما في الداخل قلل مصدر نافذ من داخل وزارة النفط عبر (المجهر) من زعم الجنوب واعتبر أن تصدير شحنة بترول سودانية عبر ميناء بورتسودان لا تعدو كونها فبركة وكلاماً مدسوساً. وطالب المصدر – الذي فضل حجب اسمه- بعدم الانقياد ومجاراة الإعلام الموجه، وقال إن كمية البترول الموجودة حالياً بالسودان لا تخرج عن حجم الاستهلاك المحلي ليتم تصديرها، وأن البترول فنياً لا يتحمل التخزين لأكثر من عام ونصف العام بالمخازن، مفنداً زعم حكومة الجنوب ببيعها.
فيما ذهب مراقبون إلى أن ملكية هذا النفط غير واضحة ورجحوا أن يكون هذا النفط قد احتُجز منذ تصاعد التوتر بشأن رسوم العبور العام المنصرم. وتوقع الخبير الاقتصادي “عصام الدين بوب” في حديثه لـ(المجهر) أن إشاعة تصدير شحنة بترول في هذا التوقيت أداة لتحويل الأنظار عن أجندة خفية تجري لتدمير مصادر البترول السوداني، مرجحاً أن الاتفاق السياسي داخل الجنوب معدوم، وأن الجيش هو من يحرك الحكومة بالإضافة إلى جهات تدير الحروب الباردة بذكاء. وقال بوب” إنه من الناحية القانونية ليس هنالك دليل يؤكد صحة زعم الجنوب بملكية بترول بالشمال، وقال إن السودان من حقه التصرف في أي بترول موجود بمستودعاته لأن التخزين ليس من صالح السودان لعدم قدرته استغلال المخازن في عمليات تجارية أخرى.
ويرى أن الأمر ما زال يكتنفه الغموض ولكن من ناحية اقتصادية فالتخزين لفترة طويلة يُعتبر مرهقاً للدولة اقتصادياً.
ويذهب بوب” إلى الناحية الفنية للتخزين ويقول إن مليون طن بترول لا يمكن أن ترجأ بمواعين التخزين دون أن تتعرض للتلف أو الأضرار وبالتالي فالأمر فنياً لا يعدو كونه افتعالاً في توقت أرهق فيها البلدين من كثرة التداول والتفاوض.
ويعتقد “بوب” أن تهدئة الخواطر تحتاج إلى اتفاق سريع، وأن اتجاه السودان الشمالي أو الجنوبي للاتفاق مع دول أخرى بشأن البترول أمر مرهق لكليهما في هذا الوقت وغير مجدٍ اقتصادياً والأحرى التفات الجانبين إلى مصالحهم الاقتصادية.
ويرى المستشار بوزارة النفط “السر سيد أحمد” في حديث لـ (المجهر) أن هنالك علامة استفهام كبيرة في وجود كمية من نفط الجنوب محتجزة بالشمال لهذه الفترة، ورجح أن يكون الجنوب قد سحب معه كل ما يخصه لدى الشمال جنوباً عقب الانفصال. وقال “سيد أحمد” إن تخزين مليون برميل من النفط لفترة عام ونصف قد تخضع لمعايير التخزين وطريقة تخزينه ونوعية الخام المخزن، بالإضافة إلى ظروف وتقنية تخزينه، مؤكداً صعوبة تخزين هذه الكمية لهذه الفترة في ظروف التخزين العادية.
 بينما يرى الخبير الاقتصادي “محمد إبراهيم كبير” في حديثه لـ(المجهر) أن الاتفاق الإطاري الذي وقعته حومة الشمال مع الجنوب تضمنت بنوده إزالة أي مطالب أوجدتها التوترات التي حدثت عقب الانفصال وكانت حكومة الجنوب تطالب بموجبها حكومة الشمال بكمية متبقية من بترول الجنوب بمستودعات الشمال. وقال إن الاتفاقية الإطارية توصلت إلى تسوية بشأن قضية المطالب.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية