كاذب من يقول إن ثورة ديسمبر هي ملك لشخص أو حزب أو فصيل أو كيان، وهذه الثوره ضرب فيها الشعب السوداني أكبر مثال على مر التاريخ في التعاون والتعاضد والاتفاق، لأن الهدف كان واحداً، والهم واحداً، ولم يخرج عن هذا الرباط الآمن أبي، ثم ندم بعدها أنه لم يقدر حجم وقيمة هذا الاحتجاج الشعبي حق قدره، وكاذب ومزيف للحقائق من يقول إنه لولا انحياز الجيش السوداني للمعتصمين أمام القيادة ورفض قياداته أوامر الرئيس السابق بالتعامل العنيف مع المتظاهرين، لحدثت كارثة لا يعلم مداها إلا الله، لذلك فإن كل منتسبي القوات المسلحة شاركوا في هذه الثورة المباركة، وشاهدنا بأم أعيننا الالتحام التاريخي بين أفراد القوات المسلحة من مختلف الرتب مع مكونات الاعتصام يومها، والنقيب أول “محمد صديق” كان واحداً من هؤلاء، وموقفه كان حلقة في دائرة مواقف تاريخية اتخذها قادة كبار، وضعوا حياتهم على كفوفهم، واتخذوا القرار الصعب برفض الأوامر للقائد الأعلى للقوات المسلحة يومها “البشير”، وبالتالي موقف الفريق أول “ابنعوف” بالانحياز للشعب كان موقفاً شجاعاً، وضع فيه الرجل حياته وتاريخه العسكري في كفة، والانحياز لشعبه في الكفة الثانية، وكذا الأمر للفريق “كمال عبد المعروف”، والفريق “صلاح قوش”، والفريق “جلال الشيخ” وكل هيئة القيادة بمن فيهم الموجودون الآن في المجلس السيادي قد اتخذت القرار الصاح في الوقت الصاح، وهذه مواقف لا تحتاج إلى إثبات لأنها أثبتت نفسها بنجاح الثورة. أقول هذا الحديث للذين يحاولون أن يجعلوا من موقف الملازم أول “محمد صديق” دليل على تراخٍ وخيانة المنظومة العسكرية للشارع، والعكس هو الصحيح تماماً لأن “محمد صديق” ما كان له أن يقف هذا الموقف في ذلك الوقت والظرف العصيب، لولا أنه يدرك ويعلم ومتيقن أن قيادة القوات المسلحه لن تخذل شعبها، وستقف إلى جانبه في وجه الظلم والاستبداد، وهي جسم واعٍ يقدم مصلحة الوطن على كل مصلحته، بدليل أن القادة الذين انحازوا للشعب تواروا عن المشهد، وابتعدوا وقدموا الصفوف التي تليهم ولم يتاجروا بمواقفهم ويستعرضوا عضلاتهم، ولم يكشفوا صعوبة تلك اللحظات، ولم يغازلوا الشارع بطفولية كما يفعل “محمد الفكي” عضو المجلس السيادي الذي حشر أنفه في شأن لا يخصه، وتولي موضوع الملازم “محمد صديق” الذي تمت إحالته في كشف هو من صميم عمل القوات المسلحة المؤسسة العريقة صاحبة الخصوصية التي لا ينفع أن تكون قراراتها في السهلة، يتحدث عنها الغاشي والماشي، لكن “محمد الفكي” وأمثاله من الذين لم يستطيعوا حتى الآن خلع قميص النشطاء والانضباط كرجال الدولة الذين يقدمون مصلحة البلاد وأمنها، ولا ينتهزون مثل هذه الفرص لضرب إسفين في ظهر قواتها الباسلة فقط من أجل كسب سياسي وتسجيل نقاط في لعبة السياسة القذرة التي تتجاوز الأخلاق والمبادئ والأعراف، وهو ليس الموقف الأول لـ”محمد الفكي” الذي احتفى وكأنها بطولة بإسكات صوت الإعلام بإيقاف صحف ومحطات تلفزيونية بتهمة الاشتباه.
الدائرة أقوله إن موضوع الملازم هذا حدث على تاريخ القوات المسلحة مئات المرات، لكن الفرق هذه المرة أن البعض يحاول أن يلعب به سياسة، ودي الخطورة نفسها والذين يروجون أن الملازم أبعد عن القوات المسلحة لموقفه الداعم للثورة هم الذين هضموا حق الثوار الحقيقيين الذين كانوا في الصف الأمامي لحظات الخطر، بل هم من هضموا حق الشهداء، ونسوا قضيتهم، وباعوا الفكرة، وانتصروا لمصالحهم الضيقة، وهم من أنستهم كراسي السلطة هموم الشارع وملفاته العاجلة.
كلمة عزيزة
أنا ما عارفة شنو حكاية المليونيات العمال على بطال، وكل قرار أو فعل يكون الرد عليه بالدعوة لمليونية توقف حال البلد الواقف أصلاً؟ ياخي أدعوا لمليونية تتجه إلى مشروع الجزيرة وأدعوا لمليونية تزيل وسخ العواصم وقبح المناظر في الأسواق والأحياء ووعثاء الطرق، ياخي بطلوا الفارغة والمقدودة وتحولوا إلى مربع الإيجابية بعيداً عن الشعارات والهتاقات التي لا تبني وطناً.
كلمة أعز
قواتنا النظامية خط أحمر وأعني الجيش والشرطة والمخابرات، هي جميعها فوق مستوى الشبهات لأنها ضهرنا المشدود وتاريخنا الطويل، لم يسجل لرجالها إلا مواقف الرجال، وهي مواقف ليست معروضة في مزادات البيع والشراء.