ربع مقال

 نعمات.. امرأة فولاذية في القضائية

د. خالد حسن لقمان

ومرة أخرى تؤكد الأستاذة “نعمات محمد عبد الله” رئيسة القضاء أنها امرأة استثنائية في تاريخ القضاء السوداني، فبجانب أنها قد سجلت اسمها ناصعاً لامعاً كأول رئيسة قضاء على نطاق المنطقة العربية قاطبة، فقد جاء موقفها الشجاع السابق أمام السفير البريطاني بالخرطوم “عرفان صديق” الذي أراد أن يمارس عليها ضغطاً يضعها في خانة المرحبة كرئيسة قضاء بمحاكمة أحد مواطنيها (الرئيس السابق “عمر البشير”) خارج البلاد، وأمام المحكمة الجنائية.
حينها أكدت وبكل شجاعة لهذا السفير (الحشري) أن
السلطة القضائية قادرة على القيام بدورها كاملاً في الفصل في كل الدعاوى بكل قدرة وكفاءة، دون اللجوء لأي جهة عدلية خارجية، مهما كانت، مشيرة إلى أن قرار تسليم الرئيس “البشير” للمحكمة الجنائية من اختصاص سلطات أخرى، وأن السلطة القضائية بالسودان جاهزة للفصل في الدعاوى التي تحال إليها وفق البينِّات، كما أكدت أن (القضاء السوداني قادر على الفصل في كل الدعاوى، ويضم كوادر مؤهلة، ودرجات التقاضي تكفل لكل متقاضِ حقه).. يا سلاااام.. كلمات ذهبية سيسجلها التاريخ لهذه السيدة المحترمة على سفر الوطن الشامخ.. بالأمس عادت مولانا “نعمات” لتحتل كل مساحة الاهتمام لدى الشعب السوداني عندما وقفت كالجبل الشامخ أمام محاولة البعض التدخل السافر في شئون السلطة القضائية وقانونها الذي ضمنته الوثيقة الدستورية، مؤكدة عبر ذلك استقلالية القضاء كسلطة مستقلة، لا تحكم ولا توجه من قبل أية جهة أياً كان مستوى سلطاتها ونفوذها، وفي هذا رفضت بالأمس وبحسم قرار وزير العدل بإنشاء قانون جديد وإجازته، ومن ثم ترتيب الأوضاع الجديدة وفقه بمساعدة عدد (6) شخصيات من خارج القضائية، ولم تكتف هذه السيدة الفولاذية بهذا الرفض، بل لوحت بهزة دستورية كبيرة عبر تقديم استقالتها واستقالة قضاتها كافة، إذا ما كانت هنالك محاولة لفرض الأمر بالقوة، قائلة أمام الجميع بأنها لن تسمح مطلقاً بـ (تحطيم) القضائية في عهدها، الشيء الذي أوجد تأييداً كبيراً وحاراً لعبارتها التاريخية هذه.. ياااااسلااام.. هذه هي القيادات والكوادر التي يمكن عبرها أن ينهض هذا الوطن .. علم وقوة وشجاعة ووضوح رؤية.. نعم هذه هي المواقف التي تبني الأوطان بمؤسساتها الراسخة بممارستها وتقاليدها وقوانينها، وهذه هي القرارات  التي  ترسم خطى المستقبل بجسارة ومسئولية.. تحية لك أيتها السيدة المحترمة.. جميعنا نرفع لك العمامة ولا نقول القبعة.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية