اسوأ ما يمكن أن تمارسه حكومة على شعبها، أو رئيس على مواطنيه عدم الشفافية والموضوعية، ومحاولات رسم صورة ليست هي صورة الواقع أو الحقيقة، وهذه الأساليب للأسف يتبناها بالكامل مناصرو ومؤيدو الحكومة والحاكم حتى يصحوا ذات صباح على واقع انكشاف الحقائق ومواجهة الواقع المر.. والإنقاذ في سنواتها الأخيرة تبنت خط عدم الوضوح، ومحاولات تجميل الواقع المشوه، واجتهد مناصروها في ذلك حتى استيقظوا ذات صباح على الحقيقة المرة، والشارع يرفض التمويه والتجميل، ويكشف الحقائق (على بلاطة)، وهذه التجربة الإنقاذية التي انتهت نهاية غير سعيدة، كان يمكن أن تكون درساً بليغاً لأي حكومة وحاكم يخلفهم في حكم هذه البلاد، ومن يفعل غير ذلك يكون قد مارس (بلادة سياسية)، سيدفع ثمنها غاليا، وقلت الكلام ده ليه لأن مناصري حكومة (قحت) يجتهدون حد الاجتهاد في محاولة تجميل فشل هذه الحكومة، ورفض الاستماع لأي أصوات ناصحة أو ناقدة أو حتى رافضة، وده أسلوب لن يذهب بالحكومة إلى الأمام ولن يحقق أمال الشارع وطموحاته، وعلى فكرة كثير من مناصري (قحت) يمارسون تجبراً وتكبراً أكثر مما كان يفعله منسوبو المؤتمر الوطني بكثير، وإما أن تبصم بالعشرة أو أنك خارج عن ملة الوطن وعميل ومندس، وأمس الأول دخلت في حوار أحسب أنه حوار عقيم لم أخرج منه بنتيجة مع بعض (الحمداكة) وأقصد المؤيدين للسيد رئيس الوزراء “عبد الله حمدوك” وقلت لهم إن أفضل هدية يمكن أن تقدموها للرجل أن تناصحوه وتصبحوا عينه و(أضانه) لا أن تمارسوا تأييداً (أطرش)، و(شكراً يا حمدوك) التي هي بت عم (نبايعك على المنشط والمكره)، وبالتالي بدلاً من أن يصبح الحاكم شخصاً متاحاً للنقد والتوجيه يتحول إلى إله كامل القداسة منزه وخالٍ من العيوب.
وعندها يكون قد كتب نهايته بيده متحملاً أخطاءه وأخطاء غيره.
الدائرة أقوله إن هذه الحكومة الانتقالية جاءت بأهداف محددة وغايات معروفة، نصت عليها الوثيقة الدستورية، لكن كمان الشارع عنده مطالبة وأولوياته التي كان يتوقع تحقيقها وعلى وجه السرعة، وأهمها على الإطلاق الملف الاقتصادي الذي فشلت فيه حكومة “حمدوك” حتى الآن بامتياز، وهو ملف كما كرة الجليد يتحرج كل صباح متضخماً، وفي حالة زيادة رهيبة وعلى فكرة الناس حتى الآن تمارس الصبر الجميل لكن هذا الصبر سيتحول إلى حمم بركانية إن واصل بعض مناصري (قحت) استفزاز الشارع بمحاولات تبرئة طاقم الحكومةمن أنه المتسبب في هذا الفشل أو محاولات تعليق الانهيار في رقبة جهات أخرى، والمنطق والعقل والواقع يؤكد أنها أصبحت خارج اللعبة، لذلك على مناصري (قحت) أن يتحلوا بطول ، ويقتربوا من الشارع، ويستمعوا لنبضه الذي أصبح مرتفعاً، ولا يحتاج تشخيصه إلى سماعة، ولا حتى طبيب، والمواطن العادي مصاب بالإحباط والغضب وفقد الصلة بينه وبين حكومته، وجميع وزراء الحكومة اختفوا اختفاء مريباً عن المشهد، وابتعدوا عن المواطن وأصابتهم لعنة السلطة والأبراج العاجية، وهي أبراج يرونها منيعة وصلبة، لكن إن غضب الشارع لا يستغرق تحطيمها ثواني، والعاقل من اتعظ بغيره.
كلمة عزيزة
لا أدري من الذي أشار على السيد رئيس الوزراء أن ينسحب من كل (قروبات الواتساب)، ولو كنت محله لحرصت عليها كحرصي على الحياة، لأن الرجل ظل لسنوات بعيداً عن الواقع السوداني، وهذه (القروبات) بمداخلاتها كانت فرصة له أن يقرأ المزاج السوداني، ويعرف (الشمارات غير المفلترة) التي تصله عبر طاقم مكتبه، لكن قدرنا أن حكامنا يحبسون أنفسهم كأسماك الزينة داخل صناديق الزجاج، لذلك معظمهم بذواكر سمك!.
كلمة أعز
لا زالت الخرطوم تعاني من أزمة الخبز حتى بعد قرارات الوزير الأخيرة، ولازالت أزمة الوقود قائمة، والأزمتان لو أنهما في بلد آخر لأطاحتا بكلا الوزيرين، لكنه السودان كله (محصل بعضه)!.