واضح جداً أن القرار الذي أصدرته وزارة التجارة أمس الأول بتقليل حجم الخبز والإبقاء على السعر الحالي الذي هو جنيه واحد ،هو قرار سياسي بامتياز وفيه التفاف على أصل الأزمة والهروب من مواجهتها، وأقول ليكم كيف ؟ إذ أن السيد الوزير فضل ورجح أن يقسم وزن الرغيفة الطبيعي إلى اتنين بسعر الجنيه فقط حتى لا يصبح (سياسياً)، هو الوزير الذي في عهده أصبحت الرغيفة بجنيهين، وهو سعر ربما لا يتقبله الشخص للوهلة الأولى لكن بالتمعن فيه نكتشف أن قرار “مدني” يشبه تماماً المثل القائل (قالو ليك أضأنك اليمين وينها فتشير إليها من جهة أضأنك الشمال) لأن المواطن الذي لن تشبعه العيشة أم (45) جراماً، والتي هي أقرب لكعك العيد، سيضطر أن يشتري الكمية مضاعفة وتبقى الحسبة نفس الحسبة وسيعود أصحاب المخابز للتململ من جديد لأن كلفة التشغيل كما علمت منهم غير مجزية وزيادة وزن الرغيفة يقلل كثيراَ من النفقات التشغيلية ويرفع إنتاج المخابز إلى الحد الأقصى وهي حقائق ذكرها أصحاب المخابز للسيد الوزير لكنه عجز عن اتخاذ القرار الصعب لأنه خائف على صورته السياسية في الشارع السوداني أكثر من خوفه على الشارع السوداني نفسه، لذلك وطالما أن السادة المسؤولين غير قادرين على الخروج من جلباب النشطاء السياسيين ويصرون على عدم مواجهة الحقائق، وبالتالي عدم تحمل المسؤولية وإجراء الجراحات اللازمة مهما كانت صعوبتها وقسوتها لكنها تبقى جراحات ليست مسعفة بل منقذة وإلا فقد المريض حياته، وهو ذاته حال بلادنا التي هي في حالة موت سريري وتعيش على الأنابيب والمحاليل وبالتالي لابد من اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب، وهذا الحديث قلناه منذ أن تسلمت هذه الحكومة مهامها بأن أصعب قرار اقتصادي يمكن أن تتخذه هو رفع الدعم عن الوقود والقمح لكنهما قراران مهمان ولازمان وتستطيع الحكومة أن تتخذهما وهي تضمن أنها مدعومة بالشارع الذي كان حتى وقت قريب مستعد لتقبل أي معالجات مهما كانت صعبة وأي خيارات حتى لو كان أولها التضحية بالجنين لتعيش الأم لكن وزراء هذه الحكومة (خوافين وكبكابين) ولا يستطيعون تحمل قرارات مصيرية ودي كارثة لأنه ممكن المسؤول يكون ما عارف ويعرفونه أو ما فاهم ويفهمونه لكن يكون متردداً وغير قادر على اتخاذ القرار وتحمل مسؤوليته تبقى دي خلقة الله وشخصيته وطبعه الذي يغلب التطبع وهذه مصيبة لذلك فإن مجمل القرارات التي اتخذها “مدني” في محاولة لضبط الدقيق المدعوم كان يمكن تلافيها برفع الدعم وإيجاد وسائل أخرى لدعم الأسر الفقيرة وإخراجها من دائرة الحاجة والفقر، أما الإصرار على حلول قصيرة الأجل فهو مجرد تحايل على الأزمة ومحاولة ادعاء بطولات لحلها والحقيقة غير ذلك ، فيا “مدني” يا خوي العيشة أم(45) جراماً أكد لي كل العاملين في مجال الخبز أنها ضياع زمن ومضاعفة منصرفات عمالة وبعد ده كله ما بتشبع، والله غالب.
كلمة عزيزة
نعلم أن التركة التي ورثتها هذه الحكومة كبيرة وحجم الدمار ليس هيناً لذلك سنظل نطالب وبالصوت العالي أن يكون الوزراء بحجم هذا التحدي لأن التخاذل والفشل لن يخرجنا من هذه الحفرة، هذه المرحلة تحتاج أن يكون على رأس كل وزارة قائد وملهم وزعيم رجلاً أو سيدة بشخصية طاغية وإرادة حديدية وضمير صاحي وتجرد من الانحياز للجماعة والحزب .
وإلا سنظل ندور في حلقه مفرغة وفي النهاية نقع على قدومنا.
كلمة أعز
واضح أن الحكومة في حالة عدم سيطرة على تصريحات وزرائها وليست هناك مساءلة ولا محاسبة وإلا لما مر نفي “مدني عباس مدني” عن تلقي الحكومة لدعم من الخارج مرور الكرام، وهو نفي فيه كثير من إنكار الجميل للإخوة الأشقاء الذين سندوا الحكومة ودعموها ولازالوا يفعلون.