على يومين متتاليين تناولت تفاصيل يوم (الأربعاء) الذي زرنا، وبمعية قوات الدعم السريع ذاك المكان الذي جُمع فيه المهربون، وتجار البشر من العصابات المزدوجة، وأشدنا بدور القوات في هكذا مجالات، برعت وأخلصت فيها وهم حراس للحدود، وكيف أنها تمكنت من القبض على أكبر عصابة وغيره. لكن ومن خلال كل ذلك يطل سؤال ويلح في الطرح ما الحل الجذري لهذه المشكلة التي أرقت العالم بما فيه الاتحاد الأوربي، والأفريقي، وباءت كل المحاولات بالفشل لتقاطعات لم يحسم أمرها، فضلاً عن أن الأوضاع الأمنية في الجارة ليبيا معقل العصابات ومنتج كل عمليات التجارة البشرية مضطربة ما سهل المهمة، بل حرض على المضي فيها قدماً، فضلاً عن الحدود المفتوحة بلا حواجز طبيعية أو متاريس تعيق المسألة، ولا حتى بوابات محروسة.
(٣)
صحيح أن السودان معبر لكنه واحد من ثلاثة معابر، ومع ذلك يقع العبء الأكبر في المكافحة على عاتقه، وينظر إليه العالم سيما المتضرر من هذه التجارة مؤملاً، ومع ذلك التطلع نجد أن الجهود السودانية عبر الجهات الأمنية ذاتية وبجهد فردي، رغم أن هنالك دعماً سخياً من المنظمات، لكنه يذهب لجهات بعينها دون أن يصب في المصب والمسار الصحيح حتى تنساب العملية بشكل انسيابي وتتمتع به، وتستفيد دول لا تحرك ساكناً أو مجهودها لا يذكر، ولم نسمع لها حراكاً في حسم هذه القضية ذات الضرر المشترك، وليت الجهات الإقليمية تنتبه لذلك وتعيد النظر في عملية الدعم هذه.
(٣)
سبق أن عقد مؤتمر بالسودان في العام ٢٠١٤ (المؤتمر الإقليمي لمكافحة الاتجار بالبشر) شراكة بين حكومة السودان ودول عربية وأوروبية ومنظمات اقليمية وأممية برعاية من الاتحاد الأفريقي. ودعا وزير العدل وقتها (محمد بشارة دوسة) الدول والمنظمات المشاركة وضع خطة متكاملة للحد من الظاهرة وإعداد قاعدة بيانات تمكن من فهم وتحليل المشكلة بشكل صحيح توطئة لحلها. وفي العام ذاته صادق البرلمان السوداني على قانون لمكافحة الاتجار بالبشر تراوحت عقوباته ما بين الإعدام والسجن من (٥ ــ ٢٠) سنة. ورغم أن وزير العدل طلب دعم بلاده ليتمكن من مكافحة الاتجار، إلا أنه ما زال يعمل بمجهود فردي عن طريق القوات المسلحة ممثلة في الدعم السريع.
(٤)
ومع شح الإمكانيات إلا أن قوات الدعم السريع استطاعت ومن خلال تربصها بقوات الدعم السريع أن تقلص العدد الذي تجاوز الـ (٢٥٠٠) العام ٢٠١٦، ثم بدأ يقل عند كل ضبطية حتى بلغ هذا الشهر (١٣٨)؛ وحتى يتقلص أكثر او ينعدم نحتاج مراقبة الحدود المفتوحة هذا إلى جانب إحكام المراقبة والسيطرة على سوق ليبيا بؤرة التجارة من قبل جهاز الأمن لأن التجار دقيقون جداً في عملية الاستقطاب والتسفير للحدود، كذلك ليت الأسر التي تخضع للابتزاز وتعمل على تسليم الفدية لأفراد العصابة المحليين أن يتحلوا بالشجاعة، ويعملوا على تبليغ الشرطة قبيل التسليم، فتضافر كل هذي الجهود يسهم في الحد.
كذلك هنالك تحدٍّ آخر ..وهو أن إيطاليا وبحسب ما هو متداول وحتى تحد وتقلل من الهجرة التي أرهقتها ظلت تدعم جماعات وتدفع لهم بالعملة الصعبة مقابل تنفير المهاجرين بأي من السبل، وبعد أن تقبض هذه الجهات تسلمهم للعصابات داخل ليبيا ليفعلوا بهم ما يشاءون لقاء فدية وغيرها من أنواع الجبايات عن طريق الابتزاز أو السخرة.. وعليه وبما أن الفريق أول “حميدتي” قائد قوات الدعم السريع الأكثر إلماماً بهذا الملف، فموقعه الآن بالسيادي وبعد إشراك بقية الأعضاء يمكنهم مناقشة هذه القضية مجدداً وعلى أعلى المستويات.
(٥(
الى ماذا ترمي الولايات المتحدة الأمريكية بوعودها المتكررة برفع اسم السودان من قائمة الإرهاب؟، فوعدها أمس الأول لرئيس الوزراء السوداني ليس هو الأول ولن يكون الأخير، ترى هل لديها مطالب أو ترمي لمطالب بعينها لقاء الرفع النهائي؟ فإن كان السودان وفي كل يوم يحقق إنجازاً يخول له الرفع مع الإشادة، وإن كان وقبيل سنوات مضت ورغم أن التصنيف المتأخر للسودان لدى مجلس حقوق الإنسان الدولي بجنيف قد حظي بإشادة نادرة خلال اجتماعات الجمعية العامة للمجلس نظير جهوده في مكافحة الاتجار بالبشر، فما بالكم الآن وهو يحقق إنجازاً تلو الآخر. ثم كيف يستقيم أن تعد أمريكا حكومة السودان برفع العقوبات، وفي الوقت نفسه تدعو وعبر وزارة الخارجية تحذير رعاياها من السفر إلى السودان؟؟!!