دخل علي بدون أي مقدمات شاب في مقتبل العُمر يلبس فل سوت، محتج على خبر نشرته الصحيفة عن ملكة جبال النوبة، الشاب قال نحن النوبة ما عندنا ملكة جمال والمركز الذي أجرى الاستفتاء لا يحق له أن يخصص ملكة جمال للنوبة وهذه بدعة، الشاب من أبناء جبال النوبة، وتخرج في إحدى الجامعات السودانية ونال درجة البكالوريوس في إدارة الأعمال بدرجة الشرف، حقيقة لم يعجبني حديث الأخ وقلت له الحمد لله بقى للنوبة ملكة جمال، فملكة جمال العالم تخضع لعدد من المواصفات من الناحية الجمالية الطول، الوزن كل شيء يحسب له قبل الاختيار الأخير وتتويجها، ونظير ذلك تنال شهرة أولاً ثم مالاً وفيراً، قلت لهذا الشاب جبال النوبة حباها المولى عز وجل بجمال طبيعة قبل أن يكون جمال أشخاص، فأبناء جبال النوبة من خيرة أبناء هذا الوطن، فقد منحهم المولى بسطة في الجسم وقوة نشاهدها في الصراع الذي يقام كل أسبوع أو كل شهر في مناطق الولاية المختلفة، كما حباهم المولى ذكاءً خارقاً وأمامك البروفيسور “صديق تاور” وهو من أبناء النوبة ويُعد من أشطر أقرانه وأولاد دفعته بالإضافة إلى الأخوان من الجبال في القوات المسلحة وفي الشرطة وفي الهندسة والطب وفي كل مجالات العمل الوظيفي، فهل مشكلة جبال النوبة الآن هذه المرأة التي اختيرت لتكون ملكة جبال النوبة؟!، إن مشكلة المثقفين من كل ولايات السودان المختلفة أنهم يمسكون في القشور ويقولون إنهم مهمشون كما ظل يرددها الدكتور “علي الحاج”، فماذا فعل الدكتور “علي الحاج” لمنطقته؟، لقد ظل يردد تلك المقولة (التهميش)، بينما هو يعيش في بحبوحة من العيش لم ينفع منطقته بأي شيء، ظل أبناء الولايات خارج منظومة التعليم يعملون في المهن الهامشية ، قلت لهذا الشباب لماذا لا يكون لكم منزل في كافوري، لماذا تسكنون في منطقة كرور وأطراف المدينة، لماذا لا يكون لديكم طموح عشان تسكنوا في المنشية والطائف ونمرة اثنين؟، لماذا تدعون التهميش وأنتم لم ترفعوا من قدركم وتدفعوا بأبنائكم إلى التعليم بدلاً عن غسيل العربات ونقل النفايات والجري في الشوارع؟ ألم تحلموا بأن يخرج من أبناء النوبة شخص مثل “البرهان” أو “حمدوك” .. ما الذي يفرق بينكم وبين بقية أبناء السودان ، قلت له إنكم تنظرون إلى القشور وتتركون ما هو مفيد.. إن منطقة جبال النوبة لو عمل أهلها في السياحة فقط لكانت من أغنى مناطق السودان، فبها أكثر من (99) جبلاً من أجمل الجبال، بها مناظر خلابة وأودية وخيران وتدفق للمياه ،إذا ما عمل أبناؤها من أجل التطوير لارتفعت ولما احتاجت إلى المركز.. وقلت له إن مشكلتكم أن الواحد بعد الحصول على وظيفة عليا في الدولة، يبدأ ينظر إلى نفسه ويترك أهله ، كم من أبناء النوبة الآن في الدول الأوربية أو في أمريكا، لماذا لم يعملوا من أجل أهلهم ، لماذا فكروا في أنفسهم ولم يدفعوا بملين واحد من أجل ترقية الخدمات بمناطقهم، إن مشكلة أبناء ولايات السودان المختلفة وليس أبناء النوبة وحدهم النظر إلى قضاياهم الشخصية، فالمتعلمون من أبناء تلك المناطق الاكتفاء بحل مشاكلهم، ولكنهم يتاجرون بمناطقهم ويدعون أنهم من المنطقة الفلانية ، ألم يستطيعوا من خلال وجودهم بالخارج أن يطلبوا من آلاف المنظمات أن تدعم مناطقهم ، إن مشكلة أبناء السودان ذاتية ولذلك لن ينصلح حالنا ما لم نجعل السودان أولاً وأخيراً، وأن يعمل الجميع من أجله والابتعاد من القشور والدخول في لب القضايا التي تنفع بدلاً من هذه ملكة جبال النوبة أو ملكة شرق السودان.. وماذا يضير لو خرجت لنا من جبال النوبة ملكة جمال، ما هو العيب في ذلك.. ألا يكون فخراً لجبال النوبة أن تكون من بين حسناواته واحدة من ملكات الجمال؟.
