تقارير

جلسة جديدة لمحاكمة الرئيس المعزول

الدفاع يطلب مزيداً من الشهود والمحكمة ترفض طلباً للدفاع بمراجعة حسابات بيت الضيافة

الدفاع يلغي شهادة مندوب الدعم السريع وهيئة الاتهام تطلب من المحكمة إحضاره
وزير دولة بشئون الرئاسة: الدعومات تمت خارج موزانة الدولة
الأمن لا يعرف مالك شركة (سين) للغلال وبنك السودان يكشف ضوابط حيازة النقد الأجنبي

الخرطوم ـ منى ميرغني

لا جديد يُذكر في الترتبيات الأمنية التي طوقت مقر محاكمة الرئيس المعزول “عمر حسن البشير” الخاصة بمعهد العلوم القانونية والقضائية بضاحية أركويت شرقي العاصمة الخرطوم، فالطوق الأمني كالعادة يبدأ من إغلاق الهواتف وتسليمها لموظف الاستقبال، والمرور باثنين من الحواجز الأمنية إلى باب قاعة المحاكمة، هذا في الخارج أما في الداخل فكان الدفاع يحشد المزيد من الشهود لتصب في مصلحة قضيته لتبرئة “البشير” من التهم الموجهة له.. هذه المرة دفعت هيئة الدفاع بمندوب من جهاز الأمن وآخر من شئون رئاسة الجمهورية ومندوب من بنك السودان .. “البشير” بدا متماسكا كعادته وهو يلوح بسبابته، وهو يقابل أهله بابتسامة .. عند العاشرة تماماً بدأت الجلسة.
خزن مليئة باليورو والدولارات
أمام المحكمة وضع بنك السودان ثلاث خزن تحوي المبالغ المضبوطة بحوزة الرئيس المعزول في بيت الضيافة، وذلك حسب طلب هيئة الدفاع بإحضار المبالغ المضبوطة، بمجرد مخاطبة المحكمة لهيئة الدفاع بوصول المبالغ، قال ممثل الدفاع هاشم الجعلي إن لديهم ملاحظة حول قرار المحكمة في قرار تعديل التهمة بأن الرئيس المخلوع ذكر بأنه استلم المبالغ من ولي العهد السعودي، وأن المحكمة قالت في قرار التوجيه إن عبء الإثبات في تسلم الرئيس للمبالغ من ولي العهد السعودي يقع على الدفاع، وأن الاتهام أيضاً ذكر تلك النقطة في خطبته، واحتج الدفاع كيفية تحمل عب إثبات ذلك، المحكمة في ردها على الدفاع قالت إنها راعت مراعاة ذلك إلى مرحلة وزن البينات، مشيرة إلى أن خطبة الاتهام ليس جزءاً أصيلاً من قضية الاتهام.
إدارة العمل الرئاسي
وزير الدولة برئاسة الجمهورية “أبوبكر عوض حسين” بوصفه الشاهد الثامن في القضية، قال إن هيكل وزارة رئاسة الجمهورية مكون من عدد من الوحدات، وهي الرئيس والنواب والمساعدين ووزارة شئون الرئاسة، وإضافة إلى الوحدات التابعة لرئيس الجمهورية ومن بينها بيت الضيافة ويوجد فيه مكتب لرئيس الجمهورية، ويدار فيه نحو 70% من العمل الرئاسي، مضيفاً أن للوزارة ميزانية معتمدة من وزارة المالية ويتم إعادتها بمقترح يقدم لوزارة المالية وبعد مناقشتها يتم اعتمادها للعام المعني.
لا يوجد دعم للمؤسسات الخاصة
وزير الدولة برئاسة الجمهورية “أبوبكر عوض” فجر مفاجأة خلال المحاكمة، مبيناً أن المستند الصادر من رئاسة الجمهورية بدعم جامعة أفريقيا العالمية المودع كمستند دفاع لم يصدر من رئاسة الجمهورية، وقاطع الاتهام بالاعتراض على الشاهد، مبرراً ذلك بأن هنالك شهوداً تحدثوا عن الإفادات والمستندات، ويحتمل أن يتحدث بشأن خاص برئاسة الجمهورية، ورفضت المحكمة الطلب والاستمرار في سماع الشاهد، وإيقافه حال ذكر شأناً غير متعلق بالدعوى. وواصل الشاهد “عوض” أن دعم رئاسة الجمهورية لجامعة أفريقيا (4) ملايين يورو مبلغ كبير، ولا تسمح ميزانية الرئاسة بدعم المؤسسات الخاصة. وأوضح أن أي مؤسسة لديها دعم من وزارة المالية، ولا يوجد بند في الميزانية يشير لدعم المؤسسات الخاصة، كما لا يمكن استخراج المبلغ نقداً لأن النظام الحسابي إلكتروني، وأن الدعومات خارج الموازنة تخضع لتقديرات الرئيس، وتتم بموجب تصديق لوزارة المالية، وبعد سلسلة من الإجراءات يتم التصديق، وغالباً يتم الدعم بالعملة المحلية، وتخرج من المالية مباشرة للجهة المدعومة. وأكد الشاهد عند مناقشته بواسطة الاتهام أنه كان يشغل منصب الأمين العام لرئاسة الجمهورية، وترقى إلى أن وصل وزير بشئون الرئاسة، ولديهم في الشئون وحدة حسابية وإدارة مالية لا تخضع لما تخضع له أجهزة الدولة من إجراءات، وتخضع مباشرة لوزير رئاسة الجمهورية، مشيراً إلى أن الدعم خارج الميزانية يكون خارج ميزانية شئون الرئاسة، ويتم وفقاً لتقديرات رئيس الجمهورية. وأضاف أن مبلغ (2) مليون يورو المدفوع لصالح وزارة الدفاع السلاح الطبي لا يمكن استخراجه من الميزانية، لأنه مبلغ كبير، وأن الدعم يخرج بموجب مستندات مروسة برئاسة الجمهورية حتى إذا كان دعماً شخصياً من الرئيس، ويتم بتوضيح نوع الدعم بإزالة العهدة فيه بالمستندات. وقال عند سؤاله بواسطة المحكمة إن المستندات صادرة من مدير مكتب الرئيس برئاسة الجمهورية، مردفاً بأن الرئيس وعند تقديم أي دعم شخصي يعنون الدعم برئاسة الجمهورية، مؤكداً أنه في الدعومات العامة يتم مخاطبة وزارة المالية التي بدورها توجه الدعم للجهة المعنية. وأكد الشاهد أنه لم يتم استلام أي مبلغ باسم ريئس الجمهورية طيلة فترة عمله، وأنه لا يعلم عن مبلغ الـ (25) مليون يورو شيئاً، ولا يعلم فيمَ صرفت.
الأمن لمراقبة السلع
اللواء “طارق عبد القادر شكري” من جهاز الأمن والمخابرات العامة أفاد أنه عمل في جهاز الأمن والمخابرات العامة في العام 2016، وأنه أصبح الرجل الثاني في الجهاز فى العام 2017، وكان ضابطاً في هيئة المخابرات الخارجية، وفي العام 2018 انضم لهيئة الأمن الاقتصادي، ومتخصص في دائرة الصناعة الخاصة بأمر الدقيق والكهرباء والمعادن، مبيناً أنه تم تكليفه بمتابعة أزمة القمح كونها سلعة تؤثر في المواطن العادي، وتبدأ من ترحيل القمح وطحنه وتوريده للوكلاء والمخابز إلى أن يسلم للمواطن العادي، مشيراً إلى أنه من السلع المدعومة من الدولة، وحدث فيها بعض التسريب لصناعة الحلويات، لافتاً إلى أنه يعمل في جهة رقابية إشرافية، وتعمل على ضبط أهم السلع الإستراتيجية، ووزارة هي المالية المسئولة مسئولية مباشرة عن السلع الإستراتيجية، وأنهم يعملون كمساعدين، بالإضافة إلى بنك السودان والمطاحن، ويعملون كفريق عمل موحد.
توفير النقد الأجنبي
وأوضح أن ببنك السودان إدارة خاصة تقوم بتوفير النقد الأجنبي وهدفها حماية الأمن الاقتصادي، وتتلقى شركات مطاحن الغلال “سين، سيقا، ويتا، الحمامة، روتانا” تتلقى دعماً من المالية لشراء جوال القمح بمبلغ (550) جنيهاً في وقت وصل فيه سعر الجوال (1700) جنيه في السوق، وتدفع الدولة فرق السعر. وأشار الشاهد “شكري” إلى وجود اتفاق بين وزارة المالية ومطاحن الغلال الكبرى بتوزيع الحصص على المواطن تلتزم فيه سيقا بـ(20) ألف جوال من الدقيق، وسين (44) ألف جوال، وويتا (18) ألف جوال، والحمامة (10) آلاف جوال، وروتانا (8) آلاف جوال، وإجمالي توزيع الدقيق (100) ألف جوال، وتدعم وزارة المالية للمخالصة (270) دولاراً لطن القمح، واتفاق بترحيله وتصنيع الخبز، وبعد انهيار سعر الصرف في يناير أصبحت المالية تدعم الشركات بنسبة (50%) للمحافظة على سعر القمح.
لا دعم لشركات الغلال
نفى الشاهد دعم الجهاز أياً من شركات الغلال، وأوضح أن الجهاز اشترى قمحاً بمبلغ (5) ملايين دولار، مبيناً وجود اتفاق تم بين وزارة المالية وشركة (سين) للغلال لم يطلع عليه، وتم تقديم الاتفاقية كمستند دفاع (7) أشرت عليه المحكمة في محضر المحاكمة لحين وزن البينات، لأن المستند خاص بتوزيع القمح، رغم اعتراض الاتهام بأنه صورة وليس أصلاً.
وأكد الشاهد عندما ناقشه الاتهام أن الجهة المختصة بشراء القمح هي وزارة المالية وبنك السودان، والأمن الاقتصادي يشرف على العملية برفع تقارير لمدير الأمن، وبدوره يقدم تنويراً لرئيس الجمهورية، مؤكداً عدم وجود جهة داعمة سوى وزارة المالية. ولفت إلى أن التاريخ المدون بالمستند غُير بنص الاتفاقية، والأمن اشترى قمحاً إضافياً بتوجيهات من رئيس الجهاز، ووصف للمحكمة دورهم بأنه إشرافي على مطاحن الغلال، في وقت كانت فيه (سيقا) تنتج أكبر كمية من القمح، وأنهم طالبوا (سيقا) بزيادة الإنتاجية عند حدوث الأزمة، بيد أنها اعتذرت لما تسببه الزيادة من عجز في ميزانيتها، وتم اختيار مطاحن (سين) لسد العجز، ووصل توزيعها لـ(44) ألف جوال في اليوم. وأضاف أن شركة (سيقا) يمتلكها “أسامة داؤود”، أما (ويتا) فيمتلكها “إبراهيم مالك”، ومطاحن (روتانا) يمتلكها “أبوبكر” ولا يعرف مالك مطاحن (الحمامة). ونفى معرفته بمالك شركة (سين) للغلال ويعرف العضو المنتدب “طارق سر الختم” فقط وذكر أن الدعم المقدم من المالية يورد مباشرة لحسابات المطاحن مع الحرص على متابعة التوريد في بنك السودان للمطاحن حتى لا تحدث ندرة في الدقيق.
خبير للدفاع في فحص العملة
لفتت المحكمة نظر ممثل الدفاع إلى المبالغ المعروضات إذا كان لديه شئ بشأنها حتى يتمكن موظفو البنك من إعادتها إلى الخزنة. وأشار الدفاع إلى وجود خبير في هيئة الدفاع وبالفعل قام بمعاينة المبالغ، مشيرين أنه كانت لديهم فلسفة وفهم في معاينة المبالغ، بيد أنهم تراجعوا لأن المتهم أشار عندما سألوه بأنه لا يستحضر فئاتها، بحسب تصريحات الدفاع، عقب الجلسة؛ ما جعلهم يكتفون بمعاينتها قبل أن تأمر المحكمة بإيداعها في الخزن وإرجاعها لخزينة البنك المركزي.
حيازة النقد الأجنبي
شاهد الدفاع العاشر عن المتهم “البشير” كان “بدرالدين جبر الله” الموظف بالإدارة العامة للإحصاء وسياسة البحوث ببنك السودان، قال إن الإدارة منوط بها الإشراف على النقد الأجنبي، وآخر لائحة أصدرتها كانت في العام 2013 وما زالت سارية، وبموجبها أن حيازة النقد الأجنبي أمر متاح دون مستندات، وأن المبالغ موضوع الدعوى (25) مليون دولار تعتبر مخالفة للائحة بنك السودان للعام 2013، التي تضبط التعامل بالنقد الأجنبي (البيع، الشراء، الاستبدال)، وحددت الجهات المصرح لها بالتعامل في النقد الأجنبي، وهي المصارف والجهات المعتمدة كالصرافات والجهات الحاصلة على إذن من محافظ بنك السودان وأن أي تعامل خارج هذه الأطر يعتبر مخالفة، وأضاف أن بنك السودان المركزي تأثر بالحصار الاقتصادي .
رفض مراجعة حسابات بيت الضيافة
في ختام الجلسة رفض قاضي الاستئناف “الصادق عبد الرحمن الفكي” طلب الدفاع باستدعاء المراجع العام لمراجعة عهدة الرئيس المخلوع “البشير” ببيت الضيافة، وقالت المحكمة إن المتهم “البشير” أقر بعدم توريد المبالغ لخزينة الدولة، كما أن المبالغ لم تأتِ عبر القنوات القانونية، لافتاً إلى أن العدالة تقتضي الوقوف من طرفي الخصوم على مسافة واحدة، وأن المراجع ليس طرفاً في الدعوى، فكيف يكلفه بمراجعة أموال لم تدخل خزينة الدولة؟ وأن مراجعة حسابات بيت الضيافة لا تجوز إلا عن طريق رئيس الجمهورية، أو المجلس الوطني أو المجلس الانتقالي. وقررت المحكمة رفض الطلب لعدم الاختصاص، والتمست هيئة الدفاع من المحكمة تحديد موظف من المراجع العام وإعلانه للشهادة ما دام المحكمة رفضت الطلب، وإعلان قناة (طيبة) للشهادة، بالإضافة لبقية الشهود في القائمة المودعة ما عدا الدعم السريع. ورد الاتهام بأن المراجع العام ليس طرفاً في الدعوى. وأضافت النيابة أن الدعم السريع استلم (5) ملايين يورو من المبلغ موضوع الدعوى، والتمس سماعه كشاهد محكمة وفقاً للمادة (53) ــ إجراءات جنائية. وقالت المحكمة للاتهام إن شهوده انتهوا، وهذا حق خاص بالمحكمة وفقاً لتقديراتها طالما سمحت بساع قضيته وشهودها كاملة.

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية