عز الكلام

على بريد رئيس مجلس الوزراء

أم وضاح

أجد نفسي في كل مرة أشاهد فيها الرئيس السابق “البشير” داخل القفص الحديدي الذي مساحته متران في مترين، حتى لو كان يجلس داخله بكامل هندامه وعمته المفللة المكوية، أجد نفسي أتوه وأسرح في الحكمة الإلهية والتدابير الربانية التي لا يتعظ منها المخلوق رغم أن الخالق يعطينا مرة تلو المرة فرصة للتوبة وفرصة للتصحيح وفرص للعودة عن الأخطاء، لكن للأسف تغشى القلوب غشاوة والعيون كذلك، أقول إن ما آل إليه حال الرجل بعد السلطة والهيلمانة والتعظيم، يفترض أن يجعل غيره من الحكام والمسؤولين في أي زمان ومكان على قناعة بأنه لا يدوم إلا العمل الطيب، ولا يبقى إلا ما ينفع الناس، لكن الدرس المهم برأيي أن الحكام لا ينتبهون إلا بعد فوات الأوان، لأنهم قد أحاطوا أنفسهم بالمنافقين والمنتفعين والمفسدين الذين جعلوا منهم وسيلة لتحقيق أطماعهم وتمرير مصالحهم، وكانوا يقبلون التراب الذي يمشي عليه، ويتباهون بأنهم من جلاسه وخاصته الأقربين، ويتعمدون إعلان ذلك على الملأ الذين استفادوا ومشوا مصالحهم واغتنوا وكونوا ثروات وامتلكوا البيوت والفارهات، والآن نكروه حطب وربما هم الآن لم يكلفوا أنفسهم حتى زيارته جهراً أو الدعاء بأن يفك الله كربته سراً، هذا هو الشرك التاريخي الذي يقع فيه الرؤساء ويدفعون وحدهم الثمن ويتحملون أخطاءهم وأخطاء غيرهم من المنافقين والكذابين وماسحي الجوخ الذين كانوا حريصين أن يضعوه في عزلة لا يرى إلا وجوههم ولا يسمع إلا أصواتهم، فكان جل ما يصله من معلومات وتقارير وأخبار مفلتر وممسح وناعم ووردي حتى يصبح عليه صباح فيكتشف أن حكمه فاسد وظالم وأن النعيم الذي يعيشه هو فقط نعيم في دائرته المقربة، يعيشه هؤلاء الممثلون البارعون.
لذلك وأنا أراقب الحصار الذي تمارسه قحت على “حمدوك” ليرضخ لمرشحيها ومقترحاتها، أقول له يا معالي رئيس الوزراء إن العاقل من اتعظ بغيره، وأنت وحدك الذي سيتحمل المسؤولية أمام شعبه وأمام التاريخ، والجالسون في الكواليس لا يصيبهم ضرر كما يحدث للواقفين على المسرح ويلعبون دور البطولة، والآن أنت يا سيدي على المسرح وكل العيون موجهة نحوك وكل الآمال معلقة بك، وهذه مسؤولية تتطلب منك أن لا تصبح أسيراً لجهة دون الأخرى، وعليك الانفتاح على كل المشهد السياسي وهذه الثورة ليست ثورة حزب ولا فصيل دون الآخر، هذه ثورة شعب شارك فيها بكل مكوناته، ضمت مواكبها كل ألوان الطيف السياسي وحتى الذين لا علاقة لهم بالسياسة ودروبها، وبالتالي أي محاولات لاحتواك صدقني أنت وحدك من سيدفع ثمنها وسيعلنون الفشل على بريدك بعلم الوصول، ولن ينتبه أحد لأي عناوين صغيرة أخرى جانبية، لذلك عليك أن تعلم أنك تقود حكومة غير عادية، بل استثنائية بكل ما تحمل الكلمة من معنى، هي حكومة للتغيير والتصحيح والبناء والمستقبل، وهي أهداف لن تتحقق بالإقصاء والانفراد بالرأي والقرار أو تخوين الآخر فقط، لأنه أبدى رأياً مخالفاً أو وجهة نظر ضد طرح الطرف الآخر، وهي جميعها مهددات خطيرة تضاف للمهددات التي تحيط ببلادنا، وهي ليست خافية على أحد إن كانت مهددات ومخاطر أمنية أو موازنات قوى سياسية وحركات مسلحة دائماً تجعل الحلول في كف عفريت، فيا دكتور “حمدوك” الآن ربما يحيط بك العشرات الذين يبتسمون في وجهك ويبحثون عن رضاك ويتبرعون لك بالاقتراحات، لكنك يوم جرد الحساب، ستأتي وحيداً أعزل إلا من ما قدمت يداك.
} كلمة عزيزة
أخشى ما أخشى أن ننزلق بلادنا إلى حفرة صراع قبلي وعنصري سببه ودافعه بعض المتهورين والمتسرعين في إطلاق الأحكام وتفسير أسباب الأزمات.
} كلمة أعز
ما في شيء ح يجيب خبر البلد دي غير أدعياء الوصاية على الثورة الذين يتباهون بأنها ابنهم الشرعي والبقية (فرّاجة).

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية