جرس انذار

هرولة المحاصصة على حساب الأهداف الكبرى!

بقلم - عادل عبده

في الساحة السودانية ظلت توجد هرولة المحاصصة التي تصادم الأهداف الكبرى والمبادئ العامة في مناخات عهد الإنقاذ حتى ما بعد سقوط “البشير” فالشاهد أن هذه المحاصصة التي تقدح في القيم السياسية كان أصحابها لا يعترفون بتبني هذا النمط السياسي المخجل رغم أنه في الواقع يمثل أولوية قصوى وهدف إستراتيجي يطبقونه كيما يساعدهم في الوصول إلى المواقع الدستورية من خلال القسمة التي ترد على طاولة تفاهمات الحكم.
الهرولة السياسية القائمة على وضع الحكم كهدف واضح المعالم تظل في مخيلة هؤلاء خطوة منكورة من جانبهم، حيث يقولون إنها لا تعكس مقصدهم وأمنيتهم في مشوار التكاليف العامة والمسؤوليات الوطنية، فالبنود الأساسية في الأجندة التفاوضية أمثال التحول الديمقراطي ومعاش المواطنين وبناء الاقتصاد الوطني ورسم الحريات تتحول في أذهان هؤلاء المهرولين إلى مداولات ثانوية في النزال التفاوضي، حيث يبقى اهتمامهم الكامل بالمحاصصة الذاتية برونقها وفوائدها في عقليتهم المجبولة على الكسب السياسي السريع والثمار الوقتية.
ها هي مفاوضات الزمن الطويل التي أرهقت أعصاب السودانيين بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير من خلال الشد والجذب المخيف ترتكز على شيطان المحاصصة السلطوية التي تظهر في نسب التمثيل في المجلس السيادي وصلاحيات مجلس الوزراء ومصير المجلس التشريعي، وكم عايش الجمهور تقطع هذه المفاوضات ثم عودتها مرة أخرى ولسان الحال ينبني على المحاصصة النفعية في (الكيكة) الكبيرة على منضدة طرفي الحكم في الفترة الانتقالية دون الإحساس بجريان الزمن في ظل تعقيدات الحياة المعيشية وغياب معالم الاستقرار والرفاهية في المجتمع السوداني.. وعلى ذات النسق تعالوا نشاهد لوحة أديس أبابا بين الجبهة الثورية وقوى الحرية والتغيير، حيث نجد الارتكاز على مطالبة الثورية للحصول على حصص مقدرة في مجلس السيادة ومجلس الوزراء فضلاً عن منحها حق تكوين حكومات دارفور والنيل الأزرق، كأن هؤلاء لم يستفيدوا من عبرة سنوات الحرب القاسية التي كانت تنطق في الداخل من المنافي.. لا أحد ينكر وجاهة التفاهمات على المحاصصة السياسية في الطاولة إذا كانت مبنية على التماهي مع القضايا الأساسية والرغبات العامة للمواطنين وتطلعاتهم المشروعة في السلام والديمقراطية والعيش الكريم.
الشاهد أن منهج حكم الإنقاذ القائم على الخط الميكافيلي قد زرع ثقافة التركيز على المحاصصة الذاتية على حساب الأهداف الكبيرة في أفكار بعض القوى السياسية التي ركبت قطار الثلاثين عاماً، حيث ظلت الإنقاذ في أيام صولجانها تقول لهؤلاء بأن الكيكة صغيرة حتى يسرعوا في المزاحمة على الفاترينة المعروضة في سبيل الحصول على ما تجود به لهم، فالمحاصصة التي تصادم المبادئ السامية تمثل فكرة سلطوية شيطانية مبطنة على قالب مخادع يلوح منه ما يبهر الناظر، فهي هرولة على مقاعد هزازة، ولا شك أن مثل هذا النمط المرفوض يهدم حسابات الفاعلين له ويكشف وهن منظومة الانتماء التي تظلهم، وبذلك فإن خطواتهم الخجولة ستظل باهتة وباردة على ألواح من الثلج.

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية