رغم أن الحركات المسلحة تنصب نفسها نصير الهامش والمدافع عن حقوقه، إلا أنها للأسف، وبهذا الابتزاز الذي تمارسه في مفاوضات أديس، طمعاً في قسمة السلطة، تخصم من مواقفها ولا تختلف عن الأحزاب الانتهازية التي سنت سكاكينها لذبح الثورة من الوريد للوريد بهذه الجرجرة وهذا التطويل، والحديث في كل شيء له علاقة بالكراسي والمناصب إلا هموم ومعاناة شعبنا الذي يعيش هذه الأيام المعاناة على أسوأ صورها، والواجعني وحارق فشفاشي منطق بعض الذين ينتمون لقوى الحرية والتغيير وهم يمدون ألسنتهم لهذه الأزمات ويقولون ما تستحملوا الشهور دي مش اتحملتوا تلاتين سنة، في منطق معوج وحديث مستفز يهزم الثورة ومبادئها وأهدافها التي بذلت من أجلها الدماء الغالية، ودفع فاتورتها البسطاء والغبش والمهمشون الذين يشعرون الآن بالخيبة والإحباط وقد ظلوا يعتقدون أنهم سيقطفون ثمار الثورة سريعاً، وهو ما لم يحدث للأسف حتى الآن، لأن الطمع في الكراسي أعمى القلوب قبل العيون، وكأن هذه الثورة قامت لتبدل فلان بعلان، وسجمان برمدان، وهذا التكالب على المقاعد بالمناسبة يؤكد فرضية أن هذه الأحزاب والحركات غير واثقة من جماهيريتها أو شعبيتها وإلا لكانت قد عملت ومهدت بثقة لخيار الصندوق لتحكم بقوة الديمقراطية والأغلبية وليست قوة المحاصصة ولوي الذراع.
الدايرة أقوله إن مفاوضات أديس، تعيد للأذهان ذكريات نيفاشا وأبوجا وأديس نفسها، وهي جميعها ذكريات لا تبشر بخير، لأن المفاوض السوداني للأسف ينتصر لذاته ولمواقفه ويظن التنازل انكساراً والتراجع هزيمة، وبذلك تضيع القضايا ويخسر الوطن الكبير قضيته ولا نصل لحلول عادلة ومنصفة تضع حداً للمشكلة أو ترضي كافة الأطراف، وكأن المفاوضين في أديس، لا يدركون أن هذا التطويل وهذه الجرجرة قد أصابت شعبنا بفقدان الأمل والاستياء وترقب مجهول لا يبشر بخير، ولا يفضي إلى أفق متسع يستوعب اختلافات وتناقضات المشهد السوداني.
فيا جماعة الخير انتو فاهمين غلط، هذه الثورة لم تقصِ نظام “البشير” عشان تعبد الطريق للحالمين بكراسي القصر الجمهوري الوثيرة، هذه الثورة قامت من أجل أن تصنع التغيير الذي يحقق للبني آدم السوداني العدل والمساواة والحرية، هذه الثورة قامت من أجل أن تعيد الحقوق المنهوبة وتكشف المفسدين أسماء وملفات، هذه الثورة قامت لتصحح الأوضاع الخاطئة وتعدل الدروب المعوجة وتجدد الحياة في جسد الأمة المرهق المتعب، وقد أصبحنا شعباً بلا أمل ولا مستقبل، قدره أن يرهن كل أحلامه لتجار السياسة وسماسرة الثورات، الله غالب.
} كلمة عزيزة
الطريقة التي تدير بها الأحزاب المشهد السياسي ما بعد الثورة، كشفت حجم الأنا والأنانية لكثير من الشخصيات التي تنتمي لها، وبعضهم يحسب ألف حساب لموقفه الشخصي ولمستقبله السياسي قبل أن يخطو خطوة أو يحرك قدمه في أي اتجاه، ليتأكد في كل لحظة أن هذا الوطن مظلوم ومهزوم بيد الأقرباء قبل الغرباء.
} كلمة أعز
اللهم أحمِ بلادنا من الفتن واجمع أهلها على كلمة سواء.