مهم جداً في هذه المرحلة من تاريخنا الوطني وحراكنا السياسي وحالة التغيير التي تشهدها بلادنا، مهم جداً أن يفتح المجلس العسكري أبوابه ويستمع للجميع فنصف رأيك عند أخيك، لكن بنفس القدر أبدي حذري وتوجسي وأتحسس خوفي من العدد الرهيب للمكونات السياسية التي تملأ الساحة وكأننا في معرض للسيارات من كل موديل وكل سعر، وخلوني أقول إن سبب إحباطنا وكوارثنا على مر التاريخ، هي للأسف هذه المكونات السياسية التي ظلت ومنذ الاستقلال، تمارس السياسة بشكل فيه كثير من الأنا والأنانية والانتهازية، بل ظلت توطن لمفاهيم القبلية والطبقية وحاكمية الأسر التي تعيش بمفهوم الملكية والإقطاعية، وكأن هذا البلد ورثة تركها لهم الآباء والأجداد، أقول إن المجلس العسكري عليه أن يفتح أبوابه ليسمع الجميع ويفلتر ما يدور في هذه المقابلات، لأنها ليست جميعها بالضرورة، لله وللوطن، وأنا شخصياً أتحسس عند ظهور بعض الشخصيات في المشهد السياسي وتصيبني الارتكاريا لذلك، وبالطبع حديثي لا علاقة له بأي منطلقات أو دوافع شخصية، لأنني لا تربطني بهؤلاء علاقة شخصية ولا حتى في العمل العام، لكن لديّ قناعة راسخة بأنهم جزء أساسي من الأزمة التي يدفع المواطن السوداني فاتورتها الآن بسكوتهم وشراكاتهم المشبوهة مع أنظمة شمولية وظالمة، وهم وبعين قوية يريدون أن يلعبوا دوراً جديداً أو يطرحوا أنفسهم من الناصحين وأصحاب الحلول، وبالأمس مثلاً التقى رئيس المجلس العسكري بوفد من الحزب الاتحادي الديمقراطي قاده “جعفر الميرغني” و”إبراهيم الميرغني”، والأول كان مساعداً مع وقف التنفيذ للرئيس “البشير” رغم أنه كان يقبض راتبه ومخصصاته على داير المليم، وهو لا يؤدي أي مهام ولم نسمع له عن حراك أو دور لعبه سلباً أو إيجاباً، وبعد أن شبع واكتفى سئم المنصب وغادر خارج البلاد و(بدلوه) بأخيه “محمد الحسن الميرغني” الذي هو الآخر ظل شريكاً للإنقاذ حتى لحظة سقوطها ولا زال ترابها عالقاً بعباءته، أما “إبراهيم الميرغني” الذي أصبح بقدرة قادر وزير دولة للاتصالات رغم أننا لا نعرف له مؤهلات أكاديمية أو حتى سيرة سياسية، فقط اعتمدت أوراقه للمنصب الرفيع، لأن اسمه مقرون بالسادة المراغنة، وظهور أمثال هؤلاء في هذا التوقيت، يؤكد أن الثورة لم تحقق أهدافها بعد، لأن ثورة الشباب (الغبش) لم تكن فقط ثورة على حكم الإنقاذ، لكنها ثورة أيضاً على أصنام العجوة التي ظلت محشورة ومفروضة على الواقع السياسي، تأخذ نصيبها من كل حكم وحصتها من كل حاكم وهم فعلياً كانوا شركاء للمؤتمر الوطني وحكومته، ولن ينكروا أنهم استفادوا من هذه الشراكة ولم تستفد منها البلاد، وهم حتى الآن يعتقدون أننا أغبياء أو أننا نحمل ذاكرات سمك، لأنهم لم يتبرأوا ويتطهروا من هذه الشراكة ويعترفوا بالخطأ الذي ارتكبوه في حق شعبنا بمشاركتهم لحكومة قتلت الأبرياء وأفسدت وظلمت ومن ثم يطلبوا الصفح والسماح من الشعب السوداني، ويقطعوا وشهم لسنوات حياءً وخجلاً، لكنهم بكل بجاحة يدخلون القصر من جديد باحثين عن قربى وزلفى من حاكم وعهد جديد ويقولوا كمان نحن زاهدون في المشاركة في الحكومة الانتقالية (لا عليكم الله تعالوا شاركوا).
الدايرة أقوله إن هذا البلد لن يتعافى ما لم تحدث ثورة ضد هذه المفاهيم القديمة والولاء لأحزاب ظلت ترضع بلا رحمة، من ثدي الوطن حتى وهو على فراش الموت، ولن يتعافى الوطن طالما لا يقبل سادتها أي تضحيات أو تنازلات تخصم من ثرواتهم وأملاكهم، وهم كنار جهنم تصيح كل ما امتلأً جوفها هل من مزيد!!
} كلمة عزيزة
لا زلنا في انتظار توقيع الاتفاق بين المجلس الانتقالي وقوى الحرية، لأن البلاد لا تحتمل أي مد لحبل المهلة، وتفتح الباب أمام التدخلات المضرة والتكهنات المعرقلة ومساعي الذين يريدون سرقة الثورة، وديل كتار من أصحاب البدل والجلاليب والعباءات البيضة مكويةن رغم أنهم يعلمون أن هذه الثورة صنعها شباب غير محزب ولا مؤدلج، ثورة صنعها الراستات والسانات والصابينها وواقفين قنا، كما شهد بذلك الفريق “برهان” نفسه.
} كلمة أعز
اللهم أحمِ بلادنا من الفتن واجمع أهلها على كلمة سواء.