قائمة الإرهاب عصا ترفعها أمريكا دون مبرر في وجه السودان بمطلوبات متجددة
الخرطوم ـ الطيب محمد خير
شكل التحول السياسي الذي يشهده السودان بعد الإطاحة بحكومة “عمر البشير” في أبريل الماضي نقلة كبيرة في تحسين مسار علاقته الخارجية مع كثير من الدول وكان الجميع يتوقع تبعاً لذلك أن تشهد العلاقات السودانية الأمريكية عملية تحول كبير في مسارها الذي يمثل فيه رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب بمجرد اكتمال عملية التغيير وانتفاء مسببات هذه العقوبات، غير أن الإدارة الأمريكية دفعت باشتراطات جديدة لرفع اسم السودان من قائمة الإرهاب
بأن يتم تسليم السلطة للمدنيين لإدارة البلاد .
و كان القائم بأعمال السفارة الأميركية في الخرطوم “ستيفن كوتيسيس” أعلن عقب الاتفاق الذي تم بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير، أن مسألة رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب أصبحت وشيكة.
غير أن السفير الأمريكي عاد للقول بأن قرار رفع اسم السودان من قائمة الإرهاب يتوقف بدرجة كبيرة على إدماج الحركات المسلحة في الاتفاق وإحلال السلام في دارفور ومنطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان.
وكان رئيس البرلمان العربي د “مشعل بن فيهم السليمي” قد أعلن عن تكليف صادر من القمة العربية للبرلمان بتنفيذ خطة عمل لرفع اسم السودان من القائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب، مؤكداً التزام البرلمان العربي بتنفيذ خطة عمله لرفع اسم السودان من القائمة الأمريكية وأنه ظل يعمل منذ عامين وشكل لجاناً وقام بعدد من الأنشطة والفعاليات، مشدداً على أنهم بصدد تحرك فعلي وحاسم للمطالبة برفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب. وأشار السلمي أنه سيبعث بخطابات مكتوبة للرئيس الأمريكى ووزير خارجيته ولرئيسي مجلس النواب والشيوخ الأمريكيين بطلب رفع اسم السودان من قائمة الإرهاب، مؤكداً أن البرلمان العربي لديه مذكرة قانونية وسياسية مبنية على اعتبارات قانونية وسياسية لرفع اسم السودان من قائمة الإرهاب، خاصة وأن الوقت مناسب فى ضوء هذا التحول السياسي في السودان .
ويرى مراقبون أنه ليست هناك مبررات واضحة لاستمرار اسم السودان على قائمة الإرهاب الأمريكية بعد زوال كافة المسببات التي دعت لإدراجه فيها ولاسيما التغيير الذي أطاح بحكومة “عمر البشير” الذي كان طلبه من قبل المحكمة الجنائية في جرائم حرب وأن نظامه كان يشكل تهديد للمصالح الأمريكية في المنطقة.
وقال السفير “الرشيد أبو شامة” لـ(المجهر) أنه لا يرى هناك مطلوبات محددة لرفع اسم السودان من قائمة الإرهاب حتى في فترة نظام “عمر البشير”، مضيفاً إنما هي عملية معاكسات من الإدارة الأمريكية للحكومة الإسلامية التي يقودها “عمر البشير” في السودان .
وأشار “أبو شامة” إلى أن وجود اسم “عمر البشير” على رأس قائمة المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية كان أحد الأسباب، بجانب ملف حقوق الإنسان في السودان كلها أسباب فرعية لكن الأسباب الرئيسية وجود الحكومة الإسلامية في السودان .
وأضاف “أبو شامة”: بعد زوال حكومة الجبهة الإسلامية من سدة الحكم في السودان أصبح رفع اسم السودان من قائمة الإرهاب مرتبطاً بقيام الحكومة المدنية .
وقلل “أبوشامة” من التحركات التي يقوم بها البرلمان العربي وقال إنها ليست ذات أثر وهي تأتي في سلسلة محاولات سابقة قامت بها دول عربية لكنها لم تنجح بسبب وجود الحكومة الإسلامية التي كانت قائمة وقتها.
ويرى عضو قوى الحرية والتغيير “محمد وداعة” أن وجود السودان في قائمة الإرهاب تم بموجب قانون صادر من الكونغرس ويلغي بقانون منه.
وأضاف وداعة لـ”المجهر” أن أمريكا اشترطت بعد الثورة تكوين حكومة مدنية حتى يتم رفع اسم السودان من قائمة الإرهاب وهذا مرهون باشتراطات في مقدمتها مشاركة الحركات في الحكومة المدنية وتحقيق السلام في كل السودان، واستعبد “وداعة” وجود مطلوبات لرفع اسم السودان من قائمة الإرهاب، وقال ستكون هناك اشتراطات ومراقبة، مضيفاً أن التوقعات برفع اسم السودان من الإرهاب مباشرة بعد التغيير ليست في محلها.
وقال رئيس مركز الخرطوم الدولي لحقوق الإنسان د.أحمد المفتي” لـ(المجهر) إن الذين كانوا يتوقعون رفع اسم السودان بعد التغيير مباشرة متفائلون.
وأضاف د. “المفتي” أنه لا يرى مبرر واضح لاستمرار اسم السودان في قائمة الإرهاب، مشيراً إلى أن هذا الإدراج في قائمة الإرهاب لم توضح أسبابه منذ البداية، وواضح أنه لم يكن سببه انتهاكات حقوق الإنسان ولم تكن الحرب في الجنوب التي استمر اسم السودان في القائمة بعد نهايتها بانفصال الجنوب، فقط كان المبرر الذي تتحجج به أمريكا بأن السودان مهدد لأمنها القومي لكنها لم توضح نوعية وكيفية هذا التهديد رغم أن السودان في فترة قبل التغيير ظل متعاوناً معها في ملف الإرهاب .
وأشار “المفتي” أنه لا يتوقع إزالة اسم السودان من قائمة الإرهاب بمجرد تسليم الحكومة لمدنيين، مضيفاً هذا يتطلب إدارة حوار استراتيجي وليس فنياً لتحديد الأسباب التي تتكتم عليها أمريكا طوال الفترة الماضية والعمل على معالجتها خلال الستة أشهر الأولى من عمر الفترة الانتقالية بالتزامن مع تحقيق السلام .
ورحج د.”المفتي” أن تكون أسباب تعنت الإدارة الأمريكية وإصرارها على استمرار اسم السودان في قائمة الإرهاب يعود إلى موقع السودان الاستراتيجي وتمتعه بإمكانيات ضخمة أكبر من إمكانيات إيران. كل هذا يؤكد محاولة أمريكا أن تضعه تحت السيطرة إن لم تكن له علاقة متينة مع أمريكا حتى لا يكون شوكة مثل إيران في خاصرة مصالحها، وختم “المفتي” أن تخوف أمريكا من السودان بكل هذه الإمكانيات هي السبب لكنها تأتي بمبررات وأسباب أخرى ولا تفصح عن ذلك صراحة .
من جانبة قال القيادي بالحزب الاتحادي الديمقراطي د. “علي السيد” لـ(المجهر) إنه لا يرى مطلوبات متبقية على السودان للإيفاء بها بعد التغيير الذي تم، مشيراً إلى أن أمريكا والدول الغربية غير جادة في التعاون مع السودان وستتكرر ذات الخدعة التي تمت للسودان في عام 2005 وبذات السيناريو لم يتم دعم السودان ولا الجنوب الذي فقده بالانفصال .
وشدّد “علي السيد” على عدم التعويل على أمريكا والمجتمع الدولي المتحالف معها على مساعدة السودان في هذه المرحلة، وقال: لذلك أنصح الذين سيتولون أمر الحكم في الفترة الانتقالية أن يهتموا بتوطيد العلاقات السودانية العربية والدول الصديقة حتى لا يقعوا في فخ نيفاشا (2005).