تقارير

استيلاء نافذين في النظام السابق على أراضٍ مساحتها (7) أفدنة بكافوري بمستندات مزوّرة

النزاع عليها قائم منذ أكثر من ثلاث سنوات

شخصان خطفا مالك السواقي المُقعد من منزله وأبصماه على مستندات بحجة استثمار الأراضي
قضية تستعرضها : انتصار فضل الله
كشفت شكوى لأسرة من نظارة البطاحين بالخرطوم عن استيلاء نافذين بنظام الحكم السابق على سبعة أفدنة تخصهم بمحلية بحري، وعكست المعاناة التي عاشتها جراء ذلك وتعرضها للتهديد بالقتل، وناشدت الحكومة الانتقالية بالإنصاف والوقوف إلى جانبهم وانتزاع حقوقهم التي تم تعطيلها بالمحاكم لسنوات طوال بسبب تدخل النافذين في مسار القضية ..(المجهر) تورد التفاصيل كما رواها المتضرّرون
بداية الحكاية
في نهاية ستينيات القرن الماضي بدأت تلوح في الأفق نقلة إيجابية في انتظار اثني عشر مزارعاً كانوا يعملون في مزارع المستثمر “عزيز كافوري” عندما منحهم مساحة (55) فداناً كـ(هبة) تعينهم على المعيشة من أراضيه البالغة ثلاثة آلاف فدان تمتد من شرق الحلفايا إلى مشروع البان كوكو وموقع السفارات شرق كوبر، بعد التقسيمات بواسطة مساح من الأراضي كان نصيب كل واحد منهم (8) أفدنة لكنهم لم يتمكنوا وقتها من التسجيل في الأراضي فكانوا يدفعون لعزيز مبلغ (15) جنيهاً في ذلك الوقت قيمة إيجار الري.
قرار وخوف
عندما جاءت حكومة الإنقاذ قررت أخذ ألفي فدان من مساحة عزيز وتركت له ألف فدان كتعويض باعتباره مستثمراً له ما يفوق المائة عام بالمنطقة، أدخل هذا الإجراء قلقاً وخوفاً في نفوس المزارعين الذين فقدوا عملهم والمشروع الزراعي الذي طالما راود أحلامهم، وحفاظاً على الحقوق فقد صدر قرار آخر بتعويض المتضررين مساحات بديلة في الشارع الفاصل بين (البان كوكو) ومنطقة كافوري، قرّر المزارعون استصلاح المساحات وزراعتها لكنهم فشلوا في إنجاح ذلك الأمر الذي دعاهم إلى التوجه نحو أراضٍ زراعية في مشروعي (السليت وكرياب ) بمنطقة سوبا شرق الخرطوم بعد أن احترقت محاصيلهم في أراضي التعويضات عام 2005م
مشكلة وبلاغ
المواطن “خير السيد الأمين بابكر” وهو أحد المزارعين هجر أراضيه البالغة (8) أفدنة في سواقي حلة كوكو والممنوحة له بواسطة الحكومة جراء مشاكل العطش والري قرابة عشر سنوات، خلال هذه الفترة تعرض لحادث أفقده الحركة كما انتابته بعض المشاكل الصحية التي أفقدته الأهلية الكاملة، فقررت أسرته في العام 2017 م إصلاح الأراضي التي تم تسجيلها فيما بعد لكنهم تفاجأوا بوجود سور (سلك شائك) حولها ويوجد أمام البوابة حارس من جنسية أجنبية لم يتمكنوا من التحدث إليه، حتى المزارعين المحيطين بأرضهم ليس لديهم معرفة وعلم بالمالك الجديد للأرض بعد استفسارهم ، فلم يكن أمام الأسرة غير التوجه للقضاء وتدوين بلاغ ضد مجهول في نيابة حلة كوكو تحت الرقم (1365).
ظهور أسماء
بعد التحريات التي صاحبت الشكوى المقدمة بواسطة وكيل الورثة “صلاح خير السيد” ظهرت عدة أسماء في ملفات الأراضي باعتبارهم ملاكاً لسواقي والدهم المرحوم “خير السيد” الذي وافته المنية في يونيو 2016 ، والأسماء هم “عاطف عبد القادر” وهو مسؤول بشركة (سابنتود) التجارية مالك للساقية (78) ، و”زاهر سيف الدين” ومعه “عاطف” ملاك بالشراكة للسواقي ( 79 ـ 80) ، واكتشف أن الساقية (81) مسجلة باسم مواطن يدعى “كمال يحيى عباس” ، والساقية(82) باسم “هند عمر أحمد الحاج” و”عبيد مجذوب يحيى” ، ـ أما الساقية(83) فباسم “عبد المحمود إسماعيل المتعافي” والساقية (84) باسم “وائل إبراهيم محمد إبراهيم دقاش” واتضح أن “عاطف عبد القادر” يملك أيضاً نصف الأراضي بالساقية (77 ).
إجراء حجز
بعد تقديم كافة المستندات التي تؤكد للنيابة أن السواقي مملوكة لـ”خير السيد” تم حجزها وإيقاف التصرف فيها إلى أن يقول القضاء كلمته ، وبحسب إفادة “صلاح” لـ(المجهر) فإن الملاك الجدد قاموا بفك الحجز ، مما أدخل الأسرة في إجراءات أخرى بدأت بالساقية(82) فطلب منهم وكيل النيابة تحويل القضية إلى (مدنية) فتقدموا بعريضة لذات المحكمة ضد “هند” و”مها مأمون مكي” التي ظهرت مؤخراً وهي التي قامت ببيع نصف فدان لـ”عبيد مجذوب” المشار إليه سابقاً، وأضاف أن القاضي “محمد عبد العال” قاضي المحكمة رفض طلب الأسرة بحجز الساقية وشطب الدعوى وقال له بالحرف: (إنت بتقاضي هند ومها!!) ، بعدها تعرض للتهديد والتصفية من المشتري الذي اتصل عليه هاتفياً وأخبره بأنه يملك الأرض وعلى استعداد لدفع ألف دولار وإرسال أشخاص لقتله ، فدوّن الشاكي “صلاح” بلاغاً بسبب التهديد في المحكمة التي أعلنت بدورها المتهمات عدة مرات دون جدوى، عليه طلب شهادة بحث تاريخية تحدد المالك الحقيقي للساقية. وبالرجوع إلى سجلات الأراضي اتضح أن السواقي يملكها والده “خير السيد الأمين”.
اكتشاف تزوير
استفهامات كثيرة دارت في أذهان الأسرة حيال القضية وكان لا بد من معرفة كواليس عملية البيع وكيف تمكّن رجل فاقد للأهلية والذاكرة ومشلول تماماً من بيع أملاكه لأشخاص لا تربطه بهم علاقة ، في هذا الجانب يقول “صلاح” تعرّض والده لعملية خطف من أمام باب منزله بمنطقة (المايقوما) بالحاج يوسف بواسطة أشخاص مجهولين وذلك في العام 2005 حيث استغل الجناة فرصة ذهاب زوجة المرحوم التي كانت تقوم بحراسته لرعي الأغنام، وعند عودتها لم تجده وقبل البحث عنه سمعت صوت عربة بالقرب من المنزل فخرجت ووجدت شخصين يحملان زوجها بأمجاد وأنزلوه في فراشه في شجرة اعتاد الجلوس تحت ظلها، ولدى استفسارها أخبروها بأنه كان (معزوم) لمناسبة عرس ، فأخبرت أبناءها بالقصة ليتضح ظهور أسماء المختطفين في شهادة البحث التاريخية وهم: “عمر العوض محمد البدري” و”أمير أحمد بلولة” وهؤلاء ادعوا أنهم اشتروا الساقية من والد الشاكي وهم من أخذوه واتضح أن الموثق في الشهادة محامي اسمه “محمد أحمد صابر” الذي أجبر المالك وأبصمه على الورق، بعدها تم تقديم شكوى ضد المحامي في لجنة شكاوى المحامين، وعندما حضر لم يتمكّن من إثبات ذلك وأنكر القضية
استئناف قضية
يقول “صلاح”: بعد استئناف الدعوى ضد “هند” و”مها” حكمت لصالح الأسرة وأرجعت الساقية تحت المادة (58) من قانون المعاملات المدنية لسنة 1984م والتي اعتبرت أن المجنون والمعتوه عديم الأهلية، كما وجهت المحكمة العليا محكمة حلة كوكو المدنية تسليم الحقوق لأصحابها لعدم قانونية البيع، وعندما قدموا العريضة بعد تعديلها بضم المتهم “عمر العوض” طلب القاضي إعلاناً شرعياً وتوكيلاً من الورثة وقدمت الأسرة كل المستندات الطبية البالغة أحد عشر مستنداً من(التجاني الماحي ومركز طه بعشر) وغيرها وتم إحضار أربعة شهود أقسموا أن الرجل له أكثر من (25) عاماً كان مريضاً نفسياً ومشلولاً إثر حادث حركة قديم ، وعندما طلبت الأسرة من القاضي إعلان نشر بالجرائد قال لهم أخذتم كفايتكم من النشر وحدد جلسة للنطق بتاريخ 12 /2/ 2017 لصالحهم وفي الجلسة استقبل القاضي “مصطفى الفكي” اتصالاً هاتفياً شطب بموجبه الدعوى.
بلاغ ضد قاضي
ويضيف “صلاح” أنه عندما أرادت الأسرة نزع الساقية (83) التي حصل عليها “عبد المحمود المتعافي” عن طريق التزوير قام القاضي “هشام محمد أحمد” بطردهم من المحكمة ورفض منحهم قرار الشطب أو العريضة، عليه اشتكت الأسرة القاضي لدى الجهاز القضائي وهناك تم اعتقال الشاكي قرابة الساعتين، وبعدها اتصل أفراد من الجهاز القضائي بالمسؤولين في جهاز الأمن وأخبروهم بالشكوى فأمر الجهاز بإطلاق سراحه وما زالت القضية قائمة ضد “المتعافي” حتى اليوم .
موعد آخر
من جانبه أوضح “أبو القاسم” أحد أفراد الأسرة أن الأراضي كانت مصدر رزق أساسياً للعائلة، وأن الجناة أوهموا جدّه “خير السيد” بأن هناك عطاء كبيراً في شركة مقابل بيع الأرض ، وعانت الأسرة كثيراً بسبب ذلك ولم تجد الإنصاف من القضاة في عهد الإنقاذ ، مشيراً إلى أنه تم استغلال جزء من المساحات لزراعة نبات (النعناع) في هذه الأيام، وناشد بضرورة إنصافهم وإرجاع الحق لأصحابه . بدوره أفاد “عباس البلال عباس” المحامي وموثق العقود وهو متولي القضية منذ البداية، أنه تم تحديد جلسة في يوم الثامن من الشهر الجاري بمحكمة حلة كوكو للفصل في القضايا، وإنهم في انتظار المفاجآت المحتمل ظهورها .

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية