تقرير:رشان أوشي
بعد فاجعة فض الاعتصام أمام القيادة العام للقوات المسلحة، علقت قوى الحرية والتغيير التفاوض مع المجلس العسكري الانتقالي، واشترطت لاستئنافه تشكيل لجنة تحقيق دولية للتحقيق في فض الاعتصام وقتل المعتصمين، عودة خدمة الإنترنت، وإبعاد قوات الدعم السريع من العاصمة، جاء رد المجلس العسكري أكثر تصعيداً، حيث تبرأ من الاتفاق الجزئي، وأعلن تجمع المهنيين السودانيين وقوى الحرية والتغيير التصعيد الثوري السلمي في المدن والأحياء والأرياف، و ظهرت الوساطة الإثيوبية التي قدمت مبادرة تسهم في تقريب وجهات النظر والوصول إلى تسوية سياسية يتم بموجبها تسليم السلطة للمدنيين، بيد أن جداول التصعيد الثوري تصدر باستمرار، هل تسعى قوى الحرية والتغيير إلى تحسين موقفها التفاوضي من خلال دعوات التصعيد، أم إسقاط المجلس العسكري كما حدث مع الرئيس السابق “عمر البشير”؟.
الحل في الشارع:
في ذات الوقت الذي تتفاوض فيه قوى الحرية والتغيير عبر الوساطة، تضجّ الشوارع بالتظاهرات التي تطالب بتسليم السلطة للمدنيين من قوى الثورة، ومحاسبة مرتكبي مجزرة فض اعتصام القيادة العامة للقوات المسلحة. وأكد تجمع المهنيين في بيان له خروج تظاهرات في عدة مدن : (يا صانع التاريخ والمبادر بالثورات، ويا من سحق الظلام وفرهدت في أرضه المواكب المجد لك. يا شعبنا الثائر تواصلت مواكب الثورة في بورتسودان ومدني، كما انتظمت الوقفات بصلابة في كل من كسلا، القضارف، الفاشر، بورتسودان والخرطوم، مطالبة بالسلطة المدنية وبفك قيد البلاد من المجلس العسكري الانقلابي وجهاز أمنه وكتائب ظله)، بحسب ما ورد في البيان.
بينما انتظمت عدد من العواصم والمدن في أوربا والولايات المتحدة الأمريكية بتظاهرات نفذتها الجاليات السودانية هنالك، ترفع شعارات ومطالب الثورة، سبقتها تظاهرات حاشدة أمام سفارات المملكة العربية السعودية، دولة الإمارات العربية المتحدة، جمهورية مصر، تطالب ثلاثتها بعدم التدخل في الشأن السوداني، والتوقف عن دعم القوات الموازية للجيش السوداني، وأعلن تجمع المهنيين في بيان له تسيير المواكب في المهجر قائلا:(سيرت الجاليات السوادنية في المهاجر مواكب الرفض للانقلاب والتنديد بالتباطؤ في رد الحقوق المسلوبة والتواطؤ على إلباس الثورة ثوب الخديعة، وتضامنت معها شعوب العالم في تونس وأمريكا اللاتينية وأوربا).
التصعيد:
حتى الآن لم توضح قوى الحرية والتغيير موقفها من إعلانها للتصعيد الثوري، ولم تعرف علاقتها بالمجلس العسكري الانتقالي، هل ترغب قوى الثورة في إسقاطه، أم تعتبره شريكاً في التغيير وتفاوضه لاقتسام الشراكة في السلطة، ولكنها أعلنت وبشكل واضح العودة للمواكب والشوارع، وقالت في بيان لها :(تنتظم من جديد خطى ثورتكم الظافرة في المدن والقرى والأرياف، مجددين العهد لشهدائنا الكرام الذين احتقروا الموت فعاشوا فينا أبداً. إنّ سوداننا الذي نرنو له والذي بذل الشهداء أرواحهم من أجله لن يكون إلا وطناً عزيزاً سيّداً، أما الطغاة الذين ظنّوا لهنيهة أن لا غالب لهم، فنبشرهم أنْ هوَ ذا شعبنا كطائر الفينيق ينهض فارداً أجنحته، نافضاً عنه الرماد، لا ملجأ ولا عاصم منه إلا رد أمره إليه)، وأضافت:(مستلهمين كل وسائل ثورتنا الباقية المجيدة، تعود جداول نشاطنا الثوري بأمر شعبنا وترتيبه، فما كان لنا أن نبادر إليها إلا بعد التنسيق اللازم ورصّ الصفوف، فالثورة مدّ وجذر. ننهض الآن لننتصر بسلميتنا من جديد، نتم مهماتنا الهادفة لا نكوص دونها، مدنيّة هدفنا وماها بعيد)، مردفا:(شعبنا العزيز، عندما قلنا إنها لم تسقط بعد فقد عنينا الممارسات قبل الشخوص، وإن كانت الشخوص ماثلة في لقاءات الانقلابيين الهزيلة المصنوعة، فإن اعتقالات المهنيين والموظفين في الوزارات والهيئات الحكومية أنكى، وما تقوم به المليشيات من احتلال ومحاصرة للميادين وتخويف وإرهاب أمرَّ، وإن مُنعت الندوات المفتوحة المباشرة الرامية لتنوير الشعب في الأحياء بما يُحاك من تدبير للالتفاف على الثورة وتذويب المطالب، فلن تستطيع منع العقول من التفكير فيهم كتتمّة للنظام القديم في زي جديد، وبعضهم بنفس الزي، فنفس الممارسات القمعية والأساليب الدنيئة التي خبرها الشعب السوداني وثار ضدها طيلة ثلاثين عاماً حسوماً، تطبّق دون اختشاءٍ أو حياء، ولكن الحلكة ستباد عنوة باقتدار الثائرات والثائرين الشموس، لقد أزهرت في أرض السودان ألوان النضال وتفتحت فيه أعين اليافعين على العوالم الحرة، وهكذا ستعجز طيور الظلام عن خطف نوار التغيير، ولن تقدر على تدنيس حرمها المُصان بنور الثورة والتصحيح، فهذه محارم ليل يسلكها الشجعان نحو الصباح البهي وأي صباح)، بحسب ما رد في البيان.
أكد عضو الوفد المفاوض لقوى الحرية والتغيير عن التجمع الاتحادي المعارض “الطيب العباس” في إفادته لـ(المجهر) أن الغرض من إعلان التصعيد الثوري هو تحقيق أهداف الثورة وغاياتها، بأن هنالك مهراً غالياً قُدِّم، متمثلاً في دماء الشهداء لن نساوم فيه، مردفاً:( لن نساوم في أهداف الثورة وغاياتها حتى نقتص للشهداء والأرواح التي أزهقت) مضيفاً:(نهدف بالتصعيد إسقاط النظام وأجهزته التي ما زالت موجودة من مجلس عسكري إلى كل هياكل الدولة والحركة الإسلامية)، وطالب “العباس” المجلس العسكري بالارتقاء إلى أهداف الثورة وسلميتها وعدم الانجراف لتسير الأمور عبر المؤتمر الوطني وقنواته، وأوضح “العباس” بأن التفاوض بينهم والمجلس العسكري إنما هو سبيل لتحقيق أهداف الثورة بأخف الأضرار .