جرس انذار

العسكري والحُرية.. من يريد حرق شعرة التفاوض؟

بقلم - عادل عبده

العملية التفاوضية السياسية بين المجلس العسكري وقوى الحُرية والتغيير ارتكزت منذ ذهاب نظام “البشير” على الشكوك والهواجس والمناورة، ولم يكن الحوار الثنائي بينهما على مستوى التحديات والخطوب التي تنضح بها الساحة السودانية المتلهفة إلى حوار منتج ومسؤول يفتح الطريق إلى المستقبل الوطني الواعد.. فقد ظلت محطات التفاهمات بين العسكري والحُرية تتقدم خطوة واحدة إلى الأمام وترجع خطوتين إلى الوراء، وأدل على ذلك ما حدث للاتفاق الشهير بين الطرفين والذي منح الحُرية كل المجلس التنفيذي وأكثر من ثلثي المجلس التشريعي، حيث ضاع هذا الاتفاق بين كومة الخلافات والمكايدات حتى أصبح مصيره مجهولاً على صندوق مغلق.
التفاهمات بين الطرفين عادت إلى القهقري حتى أضحت لوحة متشابكة من الغموض والتوهان ماثلة للعيان، فالواضح أن شعرة التفاوض بين العسكري والحُرية ما زالت تتدلى فوق كومة من الإهمال والضياع على المائدة المستديرة، ولا يريد أي طرف شدها على رحاب التراضي وبذات القدر لا يريد أيضاً الطرف الآخر إحراقها على منضدة التفاهمات.. ها هي حروب المناورة وقلب الطاولة وتقوية الموقف تستعر بين الطرفين، فقد أتاح العسكري السانحة لجماعة تنسيقية القوى الوطنية في الظهور على السطح كترياق في وجه الحُرية علاوة على التهديد بالانتخابات المبكرة والحديث عن حكومة تسيير مهام في المستقبل، بينما قامت قوى الحُرية بتنفيذ خطوات الإضراب والعصيان والمتاريس في وجه العسكري.
الشاهد أن كل طرف يحاول إرهاق الآخر وسوقه إلى ساحة المواجع والحرج السياسي وتسديد اللكمة السياسية القوية على ناصيته؟ فمن الذي سوف يترنح قبل الآخر؟ ومن الذي سوف يكسب الرهان؟ ومن الذي سوف ينهي اللعبة في إطار تحقيق الأجندة التي يريدها؟.. فالعسكر قد ظهروا في المشهد بموالاة السعودية والخليج ومصر، بينما الحُرية تتوكأ في الساحة على انحياز الغرب وأمريكا ونغمة بضاعة المدنية!
لم يراهن كلاهما على فلسفة توازن الخلاف في العملية التفاوضية التي تضغط على الأعصاب والألم والإحباط من خلال الإمساك بتلابيب الأمل والبراغماتية حتى الوصول إلى الهدف المنشود.. إنها فن التفاوض وسحره الذي يقوم على العلم والتحضر والصبر والذكاء السياسي، فالحُرية لا تريد الجلوس المباشر مع العسكري بعد أحداث فض الاعتصام الدامية، والعسكري لا يريد أن يمنحها الهالة التي وجدتها في الشارع.
المعركة حامية الوطيس بينهما يزيد من أوارها توافد المبادرات الإقليمية والعربية والخارجية، فماذا فعلت مبادرة “أبي أحمد” رئيس وزراء أثيوبيا؟ وكيف تسير محاولات الأمين العام للجامعة العربية “أبو الغيط” في رأب الصدع بين العسكر والحُرية وماذا تفعل المبادرة الأمريكية التي ظهرت كالطيف على أوضاع التباعد بين العسكر والحُرية وهي تتفاعل مع نداءات المدنية التي يحاول العسكر وضعها في الإطار الذي يريدونه.
مازال الشارع في انتظار ما تتمخض عنه وتيرة الماراثون بين الحُرية والعسكر، فالسؤال المركزي من الذي يريد إحراق شعرة التفاوض؟.

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية