تقارير

(52) قطعة حجم الأراضي المملوكة لأسرة “البشير” وبعضها كانت منحة

كافوري.. مدينة السُلطة والجاه تضم (13) مربعاً سكنياً ببحري

تحقيق: انتصار فضل الله

لا أحد يستطيع أن يجزم بأن أراضيها تعرضت للسرقة والتزوير من قبل النظام البائد.. ولكن يمكن القول إنها اكتسبت الشهرة والمعرفة بعد أن سكنتها أسرة الرئيس السابق “عمر البشير” وعدد من رموز ونافذين في حكومته.. (كافوري) مدينة (برجوازية) تمتد في مساحة مترامية الأطراف يحدها من اتجاه الغرب المنطقة الصناعية (حي كوبر وحي الواحة)، ومن الجهة الشرقية مزارع حلة كوكو ومن الشمال امتداد حي العذبة وجنوبا شارع كسلا.. ومنذ سقوط الإنقاذ ظلت قصة الحصول على أراضيها من قبل الأسرة المشار إليها سائرة في الأفواه والأقلام.. ولمعرفة الحقائق قصدت (المجهر) المنطقة مباشرة وأجرت تحقيقاً استقصائياً مفصلاً حولها.. وخرجت بالآتي نصه..
المربع الرئاسي
البداية كانت من موقف الإستاد بوسط الخرطوم حيث أقلتنا عربة (استايركس) متجهة نحو مدينة الحاج يوسف، فترجلت منها أمام مبنى الخواجة “عزيز كافوري” باعتباره محطة رئيسية ترمز لهوية المكان.. هذا المبنى الذي سميت عليه المدينة يحتل مساحة واسعة بمربع (11) الواقع في الناحية الجنوبية واشتهر بالمربع الرئاسي نسبة لوجود منزل “البشير” وعدد كبير من أقربائه، استوقفتني للحظات علامات الشيخوخة والهجر والوحدة التي أصابت مبنى “كافوري” وحتى مبانيه الداخلية التي جسمت أرضاً، لكنه ظل شامخاً محافظاً على رمزيته وطلاء جدرانه الخارجية ذات اللون الأبيض في ظل انتشار عمارات مشيدة بطراز عالمي وتصاميم معمارية متفاوتة الجمال، فقضيت قرابة ساعة ونصف وأنا أجول بعض الأحياء التي يطغى عليها هدوء غير مسبوق، وتزين مساحات بعضها أشجار النخيل المخضرة والأزهار التي تفوح روائحها العطرة لتملأ الأجواء وتصل إلى أنوف كل زائر غريب، كانت الملاحظة وجود أعمدة تحتوي على (كشافات) مضيئة إذا رأيتها ينتابك إحساس بأنك داخل المدينة الرياضية الاولمبية بباريس، بالإضافة لوجود عدد من المعالم منها الصالة الماسية للأفراح والمناسبات وبعض مقار السفارات وكبرى الشركات.
هدف الجولة
استعصى وجود فرد من السكان في الشارع يمدني ببعض المعلومات حول أراضي المدينة وتاريخها وحقيقة امتلاك أسرة الرئيس السابق “البشير” على بعض الأراضي دون وجه حق كما هو متداول في وسائل الإعلام والأسافير، كما صعب إيجاد مكتب للعقارات إلا بعد عناء واتصال هاتفي على أرقام كانت موضوعة على (لافتة) في ناصية الشارع المؤدي لمنطقة حلة كوكو، وأثناء جولتي التي هدفت للحصول على المعلومة من المواطنين وقفت أمام (نظامي) يقف على حراسة منشأة ضخمة تبدو أنها سفارة تقع بمربع (11) السكني، فسألته عن مدى معرفته بالحي فكل ما يعلمه أن المنطقة كانت زراعية يمتلكها “عزيز كافوري” الذي نسبت إلى اسمه، ثم وجهني نحو مربعات (8 ـ 9) حيث توجد بعض الأسر القديمة التي من شأنها مساعدتي.
فذلكة تاريخية
ولكي نضع القارئ في الصورة لا بد من الرجوع إلى الوراء قليلاً، ونذكر أن المنطقة كانت عبارة عن أراضي زراعية يمتلكها “كافوري” الذي شد رحاله إلى الخرطوم عام 1899 قادماً من مقر مولده بيروت، بعد تمكنه من إدخال شحنات من الأخشاب والحديد ومواد البناء بغرض تأهيل مدينة الخرطوم عندما أصابها خراب ودمار الحرب ضد المستعمر.. فاستقر في بداية حياته بالسودان في محلية أم درمان، وبحسب ما أوردته تقارير إعلامية سابقة صادف تواجده إعلان شركة انجليزية لإفلاسها بسبب الخسائر الباهظة التي تكبدتها في محاولة ري واستصلاح ألف فدان من الأرض الواقعة شرق محطة الخرطوم بحري، فلم تكن الأرض جاهزة للزراعة وتحول لون الترع إلى الأبيض لكثافة المياه المالحة.
انتقال وملكية
استحوذ “كافوري” على هذا المشروع بثمن بخس وقام بعمليات فلاحية معقدة ومكلفة استمرت سنوات عديدة عمل خلالها لغسل الأملاح من الأرض وتنظيم عمليات الري والفلاحة وتحفيز العمال، وفي سنة 1922 عندما أعلن عن قيام مشروع الجزيرة كأكبر مشروع مروي في العالم كان “كافوري” من قبلها قد قام بمضاعفة مساحة مزرعته بشراء (150) فداناً من الأرض الجيدة الواقعة بين مدينتي الحصاحيصا والمسلمية، إلا أن الأرض أدخلت في مشروع الجزيرة، فطلب من حكومة “نميري” وقتها أن تمنحه امتداداً لمزرعته ببحري شمالا باتجاه الكدرو بدلاً عن التعويض المالي مقابل أراضي الجزيرة التي نزعت ووزعت كحواشات للمزارعين فرحبت الحكومة بالفكرة، وشرعت في التنفيذ ومنحت له الأراضي كملك حُر له حق التصرف فيه.
خطوات استثمارية
كان “كافوري” يزرع حوالي ألف إلى ألفي فدان قطن سنوياً حتى العام “1929م” وقت حدوث الأزمة العالمية بعدها تم التحول إلى زراعة القمح وتلاها التحول التدريجي لتربية ماشية (الحليب) التي سميت بـ(لجرافيا) وقد ازدهرت تحت إدارة ابنه “غبريال” وتطورت لتصبح ومشتقاتها في جميع أرجاء العاصمة المثلثة، فكانت تضم أكثر من ألفي رأس من الماشية، وتجري فيها يومياً عمليات الحليب، وكان هناك ما يعرف بـ(الحلبة) وكل حلبة تضم (480) بقرة في الصف الواحد، أما عملية التوزيع كانت تتم بواسطة ست عربات لتغطية المناطق كافة غير أن الأمر لم يستمر.
نزع وتخطيط
في العام 1981 أصدرت الحكومة قراراً بتحويل المزرعة البالغ مساحتها (3000) ثلاثة آلاف فدان إلى أراضي سكنية وتم تعويضه في كل مربع (20%)، مما تسبب في فقد آلاف العاملين معاشهم وفقدت المدينة رمزيتها الأولى من جمال الطبيعة والخضرة، وأدرجت عملية التخطيط الجديدة المقترحة في مصاف العمليات الكبرى، إذ إن المساحة التي يزمع تخطيطها فاقت مساحة الخرطوم الأصلية والخرطوم (1) والخرطوم (2) والامتداد، وبعد مضي خمسة أشهر تم الانتهاء من تخطيطها توجت بتوقيع اتفاقية بتاريخ 22/5/1981م واتبعت بعمليات مسح في الأعوام 1982 ـ 1983.
بيع وشراء
وبالعودة إلى المواطنين الذين تحدثوا لـ(المجهر) من داخل المنطقة، أفاد “نور الدين علي خيري” من سكان مربع (9) بجوار منازل أسرة “البشير” قاطني (حوش بانقا) الممتد من مسجد النور وحتى الجانب الشرقي من ذات المربع، أفاد أنه بعد اكتمال تخطيط المدينة لم توزع أراضيها بصورة كاملة، فقد وزع المربع (11) أما المنطقة الغربية من مربعات (9 ـ 6) اشتراها السكان من “كافوري”، وقامت الحكومة بتخصيص مساحة كبيرة من بينها مربع (5) لضباط القوات المسلحة والشرطة ودستوريين ومغتربين وغيرهم من قطاعات المجتمع وقام هؤلاء ببيع أراضيهم لمواطنين بعد أن عجزوا عن البناء.
منح وحظوظ
وشهدت المنطقة طفرة كبيرة بداية الألفية الثانية في عهد حكومة الإنقاذ وبحسب “خيري” لم تحصل أسرة “البشير” على بعض أراضيهم “بكافوري” عن طريق النزع والاستيلاء إنما جاءت كمنحة من أبناء “كافوري”، وجزء وزع عن طريق الدولة، وكان للحكومة حق (الفيتو) في التوزيع حيث استفاد أقرباء وأصدقاء الرئيس السابق من هذا التوزيع وقاموا ببيع الكثير من الأراضي التي امتلكوها للسكان الحاليين، وأشار لنحو (52) قطعة وزعت لأسرته ومعارفه، بجانب امتلاك “نور الدائم” وهو مقاول ومتزوج من شقيقة “البشير” لأكثر من (20) قطعة أرض اشتراها بحُر ماله، في وقت تراجعت فيه رغبة الملاك للسكن في المنطقة الزراعية التي كانوا يرونها خلوية ومهددة لأمنهم واستقرارهم.
أسعار أراضي
تركت المواطن “خيري” واتجهت للحديث إلى “محمد مصطفى” مدير أعمال مجموعة (حسبو العقارية) الذي أضاف إلى ما ذكر تضم المدينة (13) مربعاً، أقدمها وأكثرها شهرة مربع (13) الواقع جنوب شارع الحاج يوسف يليه مربع (11) المعروف بسكن “البشير” وبه مقار السفارات منها السفارة الرومانية ويعتبر الأغلى سعراً، وتتراوح مساحاته بين (540 ـ 750 ـ 1200 ـ 1600) ويتفاوت سعر المتر الواحد فيه بين (25 ـ 35) ألف جنيه، ثم مربع (9) وتتراوح مساحاته بين (750 ـ 600) متر مربع ويتفاوت سعر المتر من (18 ـ 20) ألف جنيه، فيما تتراوح المساحات في مربع (8) بين (600 ـ 720) متر مربع بواقع (15 ـ 20) ألف جنيه للمتر المربع.
بيع ممرحل
وتبلغ المساحات في مربع (12) (600) متر مربع بسعر (18 ـ 20) ألف جنيه، والمساحات بمربع (6) تتراوح بين (510 ـ 540) وسعر المتر من (18 ـ 20) ألف جنيه، وفي مربع (5) تبلغ المساحات (400) متر مربع بسعر (18 ـ 20) ألف جنيه، وفي مربع (4) المساحة (500) متر مربع والأسعار بين (15 ـ 18) ألف جنيه، وأقل المربعات مساحة وسعراً هي (1 و3)، ويقول “محمد” لـ(المجهر) إن أبناء “كافوري” الاثنين منحا العديد من الخفراء أراضي في حياتهم، وظلت زوجة ابنه الراحل “غبريال” تقف على بيع الأراضي باعتبارها الوريث الوحيد، حيث إنها تأتي كل فترة من باريس مقر إقامتها لبيع أرض ثم تعود أدراجها.
قائمة بأسماء
وتناولت الأسافير الفترة الماضية قائمة توضح الأراضي التي يمتلكها “البشير” وأسرته في ضاحية “كافوري” وقد أشارت إلى امتلاك “يوسف محمد البشير” قطعة رقم (545) تحتل مساحة (750) متراً مربعاً بمربع (9) الذي تمتلك فيه أيضاً “آمنة حسن البشير” قطعة رقم (849) مساحتها (1473) متراً مربعاً وبه القطعة (1091) البالغ مساحتها (4469) متراً مربعاً مملوكة لحكومة السودان، خصصت بشكل نهائي لمجمع “حسن البشير” في وقت سابق وحالياً معروفة بمسجد النور، وبذات المربع يمتلك “البشير عبد الله البشير” قطعة رقم (904) مساحتها (550) متراً مربعاً و”هاجر محمد البشير” قطعة رقم (545) ومساحتها (750) متراً مربعاً.
***
وفي مربع (8) يمتلك “محمود البشير” قطعة رقمها (134) مساحتها (750) متراً مربعاً، أما مربع (12) يمتلك “محمد عثمان البشير” القطعة رقم (214) ومساحتها (600) متر مربع، وتمتلك فيه “وداد بابكر” قطعة رقم (12) مساحتها (1200) متر مربع، كما تمتلك وداد قطعة أخرى رقم (787) مساحتها (414) متراً مربعاً في مربع (5)، وفي مربع (11) يمتلك “العباس حسن البشير” قطعة رقم (102) والمساحة (1520) متراً مربعاً كما يمتلك “حسن عبد الله البشير” قطعة رقم (339) مساحتها (540) متراً مربعاً، وتوجد فيه قطعة وقف رقمها (87) ومساحتها (1520) وهي الامتداد المتاخم لمجمع النور وناظر الوقف “علي البشير”، وأيضاً به قطعة رقم (297) مساحتها (540) لـ”زينب البشير” وأخرى رقمها (52) مساحتها (1800) للرئيس السابق “عمر البشير” وفي مربع (4) تمتلك “أميمة أحمد البشير” قطعة رقم (781) مساحتها (1500) متر مربع.

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية