منذ أن أعلن الفريق “عوض ابنعوف”، انحياز القوات المسلحة لحراك الشارع السوداني، وما أعقب ذلك البيان من حراك سياسي كبير وتحولات تشهدها الساحة السودانية صباح مساء، منذ ذلك الوقت تعودنا ألا نصحو كل صباح جديد إلا على سماع أخبار غير مبشرة ومحبطة وتكسر من مجاديف هذه الثورة وما تمارسه الأحزاب من جرجرة وتسويف شيء يدعو للحزن والألم والغضب وما نسمعه صباح مساء عن اتهامات للمجلس العسكري أمر يدعو للألم لأنها اتهامات تعطل مسارات التفاوض، وتضع العصي في العجلات وما يشوب الشارع السوداني من مظاهر انفلات الأمن أمر يدعوننا نتحسس خوفنا من أن ينفلت رهاننا على الاستقرار من بين أيدينا، وما نسمعه من أخبار حول ضلوع الدولة العميقة في ما يعيشه المواطن من أزمات هي أيضا أخبار لا تحرض على التفاؤل لكن دعوني أقول إن واحداً من اسوأ الأخبار على الإطلاق التي سمعتها، كان بالأمس بخصوص هروب شقيق الرئيس السابق “عمر البشير” “العباس” إلى تركيا، لأن مثل هذا الخبر في مثل هذه الظروف يصيب الثورة والثوار في مقتل، ويعزز ويؤكد نظرية أنها لم تسقط بعد لأنها أن سقطت لما وجد الرجل فرصة في النفاذ بجلده في رابعة النهار، وهو هروب يشي بإمكانية أن يكرر الفعل مرة ومرتين لآخرين، سيفتح السجان ذات صباح الزنزانات ولن يجد فيها أحد، وبالتالي تخسر هذه الثورة مرتين الأولى وهي تعجز عن تحقيق شعاراتها التي رفعتها عدالة وحُرية وأمن ومساواة لإنسان السودان، والثانية أن كثيراً ممن نهبوا البلد وأثروا على حساب أوجاعها ومعاناتها وأزماتها حيهربوا بالخميرة، ولن تطالهم يد القانون محاسبة أو إرجاع للحق العام، وبغض النظر أن كان “العباس” متهماً مداناً أو بريئاً إلا أنه في هذه المرحلة يخضع للتوقيف، ومسألة خروجه تحددها محاكمات عادلة وليس هروباً أو تهريباً كما جاء في نص الخبر الكارثة، ومثل هذه الأخبار تؤثر بلا شك على مصداقية المجلس العسكري، وتجعل ثقة الناس فيه معرضة للاهتزاز، بل ومعرضة لتوابع زلزال الثورة التي قامت من أجل تحقيق العدالة، وهي عدالة الثروة وعدالة السُلطة التي ظلت للأسف حكراً على شخوص بعينهم طوال ثلاثين عاماً من بينهم أسرة الرئيس نفسه أشقاؤه وزوجته، وبالتالي أي أخبار عن هروب أحد منسوبي النظام من المعتقلين إلى الخارج تعتبر ضربة قاضية لآمال الثوار الذين يطالبون بتحقيق مطالب الثورة التي دفعوا تمنها غالياً وليس هناك أغلى من الروح والدم
وبالتالي على المجلس العسكري اليوم قبل بكرة أن يوضح صحة خبر هروب “العباس” من عدمه، لأن الصمت والضبابية في مثل هذه المواقف نتائجه سالبة وعكسية تماماً ولا نستطيع بعدها أن نلوم ثائراً من الثوار أن اتهم المجلس العسكري بالتواطؤ مع النظام السابق طالما أن منسوبيه بدأوا يتسربون واحدا بعد الآخر وعلى عينك يا تاجر !!!!!!
كلمة عزيزة
أمس جمعني برنامج رفع الستار على قناة الخرطوم، مع نخبة من كنداكات الثورة وهن شابات في عمر الزهور إلى جانب أم الشهيد البطل “مئاب حنفي” وحقيقة من يستمع لجسارة الكنداكات ومن يتأمل إيمان وسكينة أم الشهيد يخجل للقوى السياسية التي تتفاوض على الكراسي والمناصب وتطيل أمد الفوضى واللادولة فيتأخر الحصاد وتذبل زهور هذا الربيع السوداني العظيم ياخي اختشوا وختوا في عينكم ذرة ملح.
كلمة أعز
اللهم احمِ بلادنا من الفتن وأجمع أهلها على كلمة سواء.