عز الكلام

أحزاب فكّة إصدارة جديدة!!

أم وضاح

لم تخلُ صرافة من صرافات الخرطوم أمس من مظاهر الزحمة الرهيبة والصفوف الممتدة، بحثاً عن بضع جنيهات لشراء مستلزمات رمضان الضرورية، والذي يصادف هذا اليوم و(أريتها كان القريشات تحوق واللا تعمل حاجة) والسوق نافس شمس منتصف الظهيرة بتوقيت الخرطوم سخونة والأسعار لا ضابط ولا رابط لها، وكل زول شغال على كيف كيفه والمواطن الغلبان لا حول له ولا قوة، وكأن هذه الثورة التي دفع أهل السودان الغبش فاتورتها العالية والغالية، لم يحصدوا غير السراب. وأحزاب السجم والرماد لا زالت تمارس هوايتها القديمة في الاختلاف والخلاف ولم تستفد من دروس الماضي أو التجارب السابقة لفشل كل التجارب الديمقراطية التي لم تحسن هذه الأحزاب الدفاع عنها أو الحفاظ عليها، بسبب الطمع والانتهازية وحب الذات. وها هي الآن تكرر ذات السيناريو وتصر على أن تعيد ذات المشاهد وتصيب ثورة ديسمبر في مقتل. وخلوني أقول إن الحراك الثوري الذي تحدى القبضة الأمنية، وكسر حاجز الصمت والخوف وأطاح بحكم امتد ثلاثين عاماً تمكن فيها من كل مفاصل الدولة، لكن ورغم ذلك انتصر عليه فقط بسلاح السلمية وحماس الشباب الذي تحدى الرصاص والبمبان، وقابل الموت بصدر مفتوح. خلوني أقول إن هذا الحراك انتصر لأن من قادوه وتقدموه من شبابنا (قصب السكر الأخضر) كانوا بلا أطماع ولا مآرب شخصية، وليس فيهم من يرغب في وزارة ولا إدارة. هؤلاء خرجوا يحملون أرواحهم في أكفهم عشان قضية ومبدأ، عشان أهلهم وأحلامهم المشروعة، لذلك انتصرت الثورة التي كان يجب أن تتوج بوفاق واتفاق وطني يشكل حكومة تبدأ في تطبيب الجراح ومسح المرارات، لكن ذلك لم يحدث وأخشى ألا يحدث لأن المحركين الآن للفعل ليسوا هم ذات الوجوه الأولى (الصّبّتها ) لوجه الوطن والقضية، من هم في المشهد الآن وجوه تانية ستنتكس الثورة بسبب أطماعهم وخلافاتهم وانتهازيتهم وكل واحد عايز يكون هو صاحب الكوم الأكبر والحصة الأهم والصوت الأعلى، لذلك فإن حالة التنافر الواضحة بين الأحزاب ومشاهد الفرقة والتناحر والاختلاف التي تحدث هذه الأيام تؤكد ما ظللنا نقوله منذ زمن بعيد إن الشعب السوداني مغلوب على أمره لأنه كان يقع بين سندان حكومة ظالمة وفاسدة، ومطرقة معارضة انتهازية مراهقة لم تنضج أو تتعلم من الدروس والعبر. لذلك الموقف في رأيي يحتاج لفعل مفاجئ كالذي قام به شباب مدينة الفاو الذين شجبوا واعتصموا قبل أيام بسبب الانقطاع المتواصل لخدمة المياه عن مدينتهم الرحيبة، ولم تحرك الجهات المسؤولة عن المياه ساكناً وعملت (أبو النوم) فما كان من الشباب إلا أن (جابوا طواريهم وكواريقهم) وغطسوا وسبحوا في أحواض الترسيب ونظفوها وأخرجوا ما يعوق تدفق المياه إلى أهلهم وشربت الفاو حد الارتواء. والآن شباب الثورة مطالبون بأن يغطسوا ويسبحوا و(ينضفوا) أحواض ترسيب السياسة مما هو عالق بداخلها ويمنع أن تنساب مكتسبات الثورة كما ينبغي أن تنساب ليحصد أهل السودان خيرها وثمارها.
كلمة عزيزة
دفع المواطن السوداني من رصيده فاتورة الفساد والظلم والكبت، فخسر سنوات نضيرة من عمره والآن ليس لديه أي استعداد أن يهدر مزيداً من السنوات في مغامرات بعض الأحزاب وبعض السياسيين وأصحاب الأجندة من الذين وصفهم الإمام “الصادق المهدي” بالمصلّعين ويريدون أن يجعلوا من اعتصام الشباب باروكة معقولة بس!!.
كلمة أعز
اللهم احمِ بلادنا من الفتن واجمع أهلها على كلمة سواء.

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية