المحلل السياسي والسفير السابق “الرشيد أبو شامة” في حوار مع (المجهر)
الوثيقة الدستورية جيدة ولكن بها أخطاء
قوى الحرية والتغيير عليها أن تقبل العسكريين بالتناصف وأن يترأس “عبد الفتاح البرهان ” ولكن لا يكون له صوت ترجيحي
يجب على المجلس العسكري اسقاط أحكام الإعدام الصادرة في حق “مالك عقار و”عبد العزيز الحلو” و”ياسر عرمان”
موقف دول غرب أوربا يدعم السودان
يجب أن يتكون مجلس الوزراء من قيادات “التكنوقراط” ليتولوا مكافحة حكومة الظل القائمة على التمكين والمحسوبية
قال المحلل السياسي والسفير السابق “الرشيد أبو شامة ” إن الرؤية والوثيقة الدستورية التي دفعت بها قوى إعلان الحرية والتغيير للمجلس العسكري جيدة، ولكن صحبها عدد من الأخطاء باعتراف قوى التغيير نفسها. وأضاف أنها تراجعت عنها وأردف أن قوى التغيير قالت إن الوثيقة الدستورية كانت متسرعة، لذلك عادت وصححتها مرة أخرى بحجة أنها تحمل أخطاء. وطالب قوى التغيير والمجلس العسكري بضرورة تقديم تنازلات للتوصل إلى حلول ترضي جميع الأطراف وأن تتقبل قوى الحرية والتغيير العسكريين بالتناصف، على أن يكون رئيس المجلس “عبد الفتاح البرهان” خلال الفترة الانتقالية، ولكن لا يكون له صوت ترجيحي ويتم تكوين مجلس الوزراء من كفاءات وخبرات.
وقال إن الرئيس المصري “عبدالفتاح السيسي” عطل قرارات الاتحاد الإفريقي بحكم منصبه ليتيح للمجلس العسكري الفرصة للاستمرار في السلطة، حتى لا يكون هناك انتقال للسلطة المدنية. وأردف أن “السيسي ” يريد أن تتطور الأحداث وتنحرف لتكون هناك انفلاتات في السودان.
حوار- فائز عبد الله
· ما هو رأيك في الرؤية والوثيقة الدستورية التي قدمت للمجلس العسكري…؟
الرؤية والوثيقة الدستورية التي قدمت للمجلس محتواها جيد ولكن قوى الحرية والتغيير تراجعت عنها وقالوا إنها تحمل أخطاء وقالوا : (عايزين يعدلوا ولكن محتواها كويس) ومقبولة لأنها حوت الكثير من النقاط المهمة، وقالت قيادات قوى التغيير إنها تسرعت في إعداد الوثيقة لذلك طالبوا بتعديلها واعترفت القوى بأنها ناقصة وغير مكتملة.
· هل هناك عقبات تعتري جولات التفاوض الراهنة ..؟
لا أرى صعوبات في ذلك إن قبل المجلس العسكري الرؤية والوثيقة، وأرى أن هناك محاولات لرفع سقوفات التفاوض بين قوى التغيير والمجلس العسكري وفي رأيي لو قبل المجلس الوثيقة ليست هناك مشكلة وفي أي تفاوض يكون هناك رفع للسقوفات حتى يتم الاتفاق بين الطرفين مثل أن تكون (7) مدنيين من قوى التغيير و(3) من العسكريين في المجلس السيادي أو أن يكون هناك (5) مدنيين مقابل (4) عسكريين إلى أن يتفقوا على العدد المحدد سواء كان بالتساوي أو النقصان.
· ماهو رأيك في موقف “الصادق المهدي” والأحزاب التي امتنعت عن المشاركة…؟
اتفق مع موقف الأحزاب و”الصادق المهدي” رئيس حزب الأمة القومي لإتاحة الفرصة للمجلس السيادي والحكومة المدنية لتكوين حكومة كفاءات دون محاصصات أو إقصاءات لأحد، ويمكن أن تشمل القيادات التي تحمل الخبرات لتدير المرحلة الانتقالية، وعدم مشاركة حزب الأمة والاتحادي وغيرها من الأحزاب الأخرى التي امتنعت عن المشاركة موقف جيد لأنه يساعد في دعم المرحلة ويمنح الفرصة للمجلس العسكري الانتقالي لتشكيل حكومة كفاءات خالية من المحسوبية والمحاصصات والالتزام بالاتفاق، ليتم تمثيل هذه الأحزاب في المجلس السيادي، وموقف “الصادق المهدي” محترم لأن هذه المرحلة ليست مرحلة للأحزاب، إنما للكفاءات فقط.
· كيف تنظر لموقف الحركات المسلحة والتناقض في التصريحات لقيادتها…؟
أولاً على كل من المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير تكثيف الاتصال بالحركات المسلحة وأن توجه لهم دعوة للانضمام للمقترحات والرؤية والوثيقة الدستورية، وعدم نقضها. والحركات بها قيادات يمكن أن تكون في مجلس الوزراء مثل “جبريل إبراهيم” يمتلك شهادات وخبرات و”عبد العزيز الحلو”. أما عبد الواحد فيجب أن ينضم إلى قوى التغيير حتى يتم التوافق حول رؤية محددة متفق عليها وعدم نقض أي شخص أو حركة، وحديثه حول زيارة “ياسر عرمان” للخرطوم وعدم تمثيله لحركته فيه خطأ كبير، حيث يجب على الحركات أن تأتي وتتوحد لاستقرار البلاد ومراعاة الثوار المتواجدين تحت أشعة الشمس والسهر لتنفيذ مطالبهم وتكوين الحكومة المدنية التي تكون خالية من المحاصصات أو المجاملات عبر كفاءات من القوى والحركات.
وأيضاً لم يعترف “عبد الواحد” بتمثيل قوى إعلان الحرية والتغيير وأنا برأيي يجب أن تعود الحركات إلى الخرطوم والمشاركة في مجلس الوزراء ورئيس حركة العدل والمساواة “جبريل إبراهيم” شخص مؤهل يمكن أن يدخل مجلس الوزراء ويرحب به ويأتي بالكفاءات.
وأيضاً يجب إسقاط الأحكام الصادرة في حق قيادات الحركات بالإعدام “مالك عقار” و”عبدالعزيز الحلو” و”ياسر عرمان” وجميع قيادات الحركات لا بد أن تسقط منهم الأحكام .
· كيف تقرأ موقف المجتمع الدولي …؟
أرى أن موقف الولايات المتحدة الأمريكية “واشنطن” ودول “الترويكا” (ما عايزين حكومة عسكرية) وهذا الموقف يساعد السودان في حال تم تكوين الحكومة المدنية برفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب. وأيضاً مشكلة التحويلات الخارجية والعقوبات وموقف دول غرب أوربا يدعم السودان ويقف معه في جانب واحد، وشهدت الفترة الماضية لقاء مسؤولين أوربيين وأمريكيين بنائب رئيس المجلس العسكري “محمد حمدان دقلو حميدتي” وتمت مناقشة الوضع السياسي، لذلك ليس هناك تخوف من موقف دول غرب أوربا لأن موقفها (كويس) تجاه السودان.
ما هو رأيك في مواقف الدول العربية…؟
موقف الإمارات والسعودية يدعم السودان، وتمت لقاءات بشأن الوضع في البلاد بينهما وقيادات المجلس العسكري، وأيضاً محور قطر وتركيا هو محور يريد عودة الإخوان المسلمين إلى السلطة وهو داعم لهم. أما محور مصر والرئيس “السيسي” فعمد على تعطيل الفترة الزمنية التي حددها الاتحاد الإفريقي بمعنى أنه زاد المدة لـ(3) أشهر تحسباً لأي متغير أو انفلاتات في السودان، ودولة مصر لا تريد حكومة مدنية، إنما ترغب في أن يكون الحكم في السودان للعسكريين.
لذلك المحور القطري التركي لا يخدم مصالح مصر، ومصر تريد أن تكون الناطق الرسمي باسم السودان وتتدخل في شؤونه الداخلية والسيطرة عليه، وهذا ما يريده الرئيس “السيسي” بأن يكون السودان تابعاً لمصر لذلك عمل على تمديد الفترة الزمنية للاتحاد الإفريقي.
*ما هي الحلول التي تعيد الأوضاع إلى طبيعتها وعدم الانجراف ..؟
أولاً لا بد للأطراف أن تقدم تنازلات سواء المجلس العسكري أو قوى إعلان الحرية والتغيير، وأن تتقبل قوى الحرية والتغيير العسكريين بالتناصف، وممكن رئيس المجلس “عبد الفتاح البرهان” يكون الرئيس خلال الفترة المدنية الانتقالية، ولكن لا يكون له صوت ترجيحي. ويتم تكوين مجلس الوزراء من كفاءات وخبرات ويضم قيادات ذات كفاءات ويضم أيضاً الحركات المسلحة في السلطة التشريعية وعدم إغلاق الباب أمام أي طرف، واختيار قيادات التكنوقراط، لتكون مهمتهم اجتثاث حكومة الظل التي قامت على التمكين والمحسوبية، وتعمل هذه الكفاءات على محاسبة رموز النظام السابق التي سرقت ونهبت وأفسدت في الدولة، ومكافحة المحاصصات والمجاملات وعدم التحيز إلى طرف.
· ما هي توقعاتك في حال فشل المجلس العسكري وقوى إعلان الحرية والتغيير في التوصل إلى حل..؟
أولاً هناك مقترحات ورؤى في الوثيقة الدستورية وهناك اجتماعات وجولات تفاوضية تمت بين المجلس العسكري وقوى إعلان الحرية حتى توصلت قوى إعلان الحرية لإعداد الوثيقة، وتم تسليمها إلى المجلس العسكري للرد عليها، لذلك لا أتوقع فشل التفاوض أو انسداد الحوار بين الطرفين. والمجلس العسكري سيعمل على حل وسطي يرضي جميع الأطراف وهذا ما قام به خلال الفترة الماضية التي شهدت شدّاً وجذباً بينه وقوى إعلان الحرية والتغيير، لذلك الوثيقة الآن قدمت للمجلس واطلع عليها للوصول إلى حلول منصفة لكل طرف، وهذا ما حدث في انتفاضات سابقة مثل فترة انقلاب الرئيس الراحل “سوار الذهب ” عمل على تشكيل مجلس سيادي متكافئ لتجاوز المرحلة.
وأيضاً هناك قيادات بالمجلس العسكري تمتلك خبرات وتسعى جاهدة لإدارة المرحلة، بعيداً عن الانحراف أو التوجه إلى طريق آخر يكون سلباً ويؤدي إلى كارثة لا تحمد عقباها.