عاش الاتحادي الأصل بالداخل في فترة قيادة “الحسن الميرغني” فصلاً مهولاً من الانقطاع بين أوصال الحزب وصار فيه الترابط بين خيوط المنظومة مقطوعاً، حيث لم تكن هنالك برامج وسياسات ومؤسسات وحركة دؤوبة، فكان الحزب عبارة عن كيان من الأشباح يسبح في ظلمة داكنة..انبلج فجر جديد بتعيين السيد “جعفر محمد عثمان الميرغني”؛ نائباً لرئيس الاتحادي الأصل، حيث استدار الرجل بقوة في تحمل مسؤوليته الكبيرة التي جاءت في ظروف بالغة الحساسية فكانت زيارته إلى أرض الوطن التي تزامنت مع اقتلاع نظام “البشير” كأنها فأل لا يحتمل الصدفة.
لم يفتر السيد “جعفر” في الداخل ولم يسترِح، فقد صار وقته في عجالة يقابل ويجتمع على مدار اليوم ويصدر القرارات بالتنسيق مع القيادات وينظم اللقاءات مع وسائط الإعلام فيتعاقب عليه الليل والنهار في انهماك العمل المنتظم والتحرك الواعي..في أمسية الخميس الخامس والعشرين من أبريل 2019م حتى الصباح كان هنالك لقاء مفتوح وضخم بدار الخليفة “ميرغني بركات” بأم بدة ، فقد انفتح المجال واسعاً لدفع القاطرة الحزبية إلى الأمام وتشغيل الترس على يد السيد “جعفر” بعد توقف وتلكؤ جلب الحزن والغبن على قواعد الحزب العريضة. وقد شكل الحضور الأنيق من القيادات والرموز والفعاليات والكوادر والمرأة مساحة كثيفة اكتظ بها المكان على سعته وبذات القدر انعكست صور المحاجّة والأفكار بشكل يجسد الشفافية والديمقراطية في الاجتماع الكبير.
انبنى اللقاء الجامع على استنهاض الصور السياسية والتنظيمية والمالية بوصفها ركائز البناء الاستراتيجي للمنظومة الحزبية، فكانت البادرة العملية التي تجسدت في جمع التبرعات من العضوية بصورة سلسة وتلقائية، فيما شكلت المقترحات والتصورات على صعيد التنظيم ملحمة واضحة ارتكزت على الخطوات الإسعافية والدراسات المتأنية لإصلاح الحزب ورتق اعوجاجه، ودفع الأوكسجين في أوصاله وهياكله. وفي المجال السياسي أعيد رسم خرائط المستقبل انطلاقاً من إرث الحركة الاتحادية في إطار مزج الحاضر بالأفق البعيد، فهنالك الخطوات المرجوة من صيغة إدارة الأزمات والمكتب التنفيذي الجديد ..نكهة الاجتماع الواسع في دار الخليفة “بركات” تجسدت في نزع الستارة عن المعالم المسكوت عنها في الحزب وظهور منهج السيد “جعفر” في إعلاء قيم الديمقراطية والرأي والرأي الآخر والعمل على تعويض العضوية الحزبية سنوات الإنقاذ الضائعة بما هو مفيد للاتحادي الأصل على نطاق البناء والتطوير .
الواضح أن عملية تشغيل الترس في هذا اللقاء التاريخى بمنزل الخليفة “ميرغني” بركات يمثل خطوة مفصلية لمعالجة الاختلال والضمور الذي أصاب الحزب بعد أن صار الانتظار لم يعد ممكناً، والتردد لم يعد مقبولاً، والسكوت لم يعد مهضوماً، والهروب لم يعد مجدياً.
فالشاهد عندما يدور الترس في مناخ صحي ومقبول في عالم الحزب الاتحادي الأصل من خلال تحريك الأدوات السليمة والعناصر الصحيحة فإن سلسلة الإنتاج والإخراج سوف تخطف الأبصار والألباب ..
وبعد فإن الطريق سيكون محفوفاً بالأشواك والمتاريس وبذلك فإن التحدي سيكون كبيراً ومهولاً.