.. التسابق غير المحمود في الوصول لكراسي الحكم والذي تبديه الآن بعض الكيانات والشخوص التي شارك بعضها في حراك التغيير الأخير، لا ينسجم مطلقاً مع مقتضيات المرحلة الانتقالية التي في الأصل يتلخص دورها في الترتيب والتجهيز للساحة السياسية بكياناتها ومكوناتها الوطنية، لتكون جاهزة لتولي مسئوليات الحكم وفقاً للأطر السياسية المتعارف عليها في انتقال السلطة إلى حكومة تمثل كياناً أو أكثر من كيان، يخول له الشعب وعبر صناديق الانتخاب والعملية الانتخابية الحرة أن يحكم وفقاً لبرنامجه الذي طرحه في هذه العملية الانتخابية المعافاة من كافة أساليب الغش والتدليس والتزوير، بفضل متابعة وحراسة الجميع لها في كافة مراحلها المتعارف عليها.. وهذا بالضبط ما نتطلع إليه جميعاً وما يجب أن يكون..عليه فإن من الطبيعي أن تزهد قوى الثورة في المشاركة في هذه الفترة وتتجه إلى حماية ثورتها عبر اليقظة الشعبية التي تدفع المجلس العسكري الانتقالي للإيفاء بما قطعه من عهد بتسليم السلطة وبالضبط في لحظة انتهاء فترته المختلف عليها إلى الآن والتي حددها المجلس العسكري بعامين وهي فترة وكما يرى الكثيرون الأنسب ما بين خيار العام الواحد الذي اختبر في أبريل وتبينت الحاجة عندها إلى فترة إضافية، وبين خيار الأربع سنوات الذي تطالب به قوى إعلان الحرية والتغيير وهو الخيار الذي يعني حال تحقيقه، تمكين من سيحكم من دورة حكم كاملة وهو ما يصعب الاتفاق عليه من الجميع لعدم وجود تفويض شعبي عبر انتخابات حرة لحكومة انتقالية كهذه لتفعل ذلك.. عليه فمن المرجح قبول كافة الأطراف بخيار العامين ليبقى الأمر الحاسم من ثم في إعلان التشكيلة الوزارية القائدة لهذه الفترة وهو الأمر الأكثر صعوبة إذا ما حاولت بعض الكيانات السياسية فرض بعض عناصرها أو تلك التي تحوم حول فضائها السياسي والفكري لتشغل مقاعد الحكومة الانتقالية. ولكن من المتوقع تجاوز هذا الخلاف أيضاً ولو بصعوبة عبر إبعاد أي عنصر حزبي نشط أو غير نشط، والدفع فقط بالكفاءات الوطنية المستقلة وهو أمر قد لا يحتاج لوقت طويل للاتفاق حوله لوجود المواصفات في شخصيات عديدة حرمت -وللأسف الشديد- من أن تلعب دورها في بناء وطنها وهو الإقصاء الذي ظل متوارثاً لدينا من عقود عديدة منذ استقلالنا بما أفقدنا لعقول نيرة ونفوس أمينة وصادقة ومحبة لوطنها، كان يمكن أن تنقلنا إلى مصاف الدول المتقدمة ولكن ماذا نقول؟ .. فقط فلنبقِ باب التفاؤل مشرعاً بمثل ما يجب أن يفتح الجميع قلوبهم لبعضهم البعض من أجل وطنهم وأهلهم الذين صبروا كثيراً من أجل لحظة وطنية كهذه، صادقة ومتجردة عن أهواء النفوس وأطماعها الدنيوية الرخيصة ..